اعضاء اللجنة التي صاغته وعملت عليه لأشهر عدة بل انها تزداد يوما بعد يوم وقد بلغت حدّ تنظيم الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات من اجل الضغط والمطالبة بسحبه وعدم تمريره.
مع اقتراب موعد 13 اوت الذي تحتفل فيه تونس كل سنة بعيد المراة ، والمنتظر ان يكون فيه لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي موقف من تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الذي دعا الى صياغته في اوت الماضي -2017- تسعى بعض الاحزاب والجمعيات الدينية الى تشويه صورة ما ورد بالتقرير واستعمال الشارع كوسيلة ضغط من اجل المطالبة بعدم تبني ما جاء في التقرير من حريات فردية وحقوق ومساواة بين الجنسين.
هذا الرفض لما تضمنه تقرير اللجنة ليس وليد اللحظة بل كان منذ اعلان رئيس الجمهورية في عيد المراة السنة الماضية عن اعتزامه تكوين لجنة من اجل البت في مسالة المساواة بين الجنسين ومن بينها المساواة في الميراث ، حتى انه تجاوز ارض الوطن الى بلدان عربية اخرى، وبالرغم من مرور قرابة الشهر ونصف على نشر تقرير إلاّ أن حملات التحريض والتشويه لرئيسة اللجنة بشرى بالحاج حميدة ومختلف الاعضاء متواصلة الى اليوم.
رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بالحاج حميدة قالت في تصريح اذاعي إن رئيس الجمهورية اطلع على التقرير الذي أعدته اللجنة ووصف العمل بالمتميز من الناحية القانونية وانه جدي من حيث المهنية والحرفية، وأوضحت لموزاييك أنه لا يمكنها الحديث عن موقف رئيس الجمهورية قبل يوم 13 أوت 2018، الموعد المحدد لتفاعله مع هذا التقرير. مشيرة في الان ذاته إلى أنها تنتظر قرارات مهمة من قبل رئاسة الجمهورية على غرار مسألة الإرث وإجراءات أخرى حسب تعبيرها.
كما أكّدت أن ما لا يمكن قبوله هو الكذب وترويج الإشاعات والتجييش ضد الأشخاص وتكفيرهم وتخوينهم خصوصا في ‘الإعلام’ و’المساجد’ الأمر الذي يمثل تهديدا لأمن البلاد على حسب تعبيرها علما وانها دعت في مناسبات عدة الى قراءته ونقاشه.
استغلال صلاة الجمعة
تكثفت اساليب الرفض من التشويه والتحريض، ونشر فصول غير موجودة في التقرير وافتراض اخرى وتحريف مشروع القانون عبر مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين انه معاديا للقران والإسلام ...الى تنظيم المسيرات اخرها كان نهاية هذا الاسبوع حيث نظم يوم الجمعة المنقضي أئمة صفاقس وجمعيات من المجتمع المدني مسيرة تحت شعار «أسرتنا حصننا وملاذنا» انطلقت من أمام جامع اللخمي- الذي كان دائما مسرح تجاذبات دينية وحتى سياسية - في اتجاه مقر ولاية صفاقس معبرين عن رفضهم للتقرير واعتباره تقريرا تسلطيا لم يصدر عن اهل الاختصاص، وأنه تقرير لم يحترم الدين ولا القانون ولا عادات الشعب الى جانب أنه تقرير يريد الالتفاف على الدستور والانقلاب على عقيدة الأمة وهو صادم للدين، بينما كل ما جاء في التقرير من صلب الدستور والاتفاقيات التي نصت عليها المواثيق الدولية والتي تكرس الحريات الفردية والمساواة بين الجميع. ودعا المشاركون في المسيرة رئيس الجمهورية إلى سحب هذا التقرير او عرضه على الاستفتاء الشعبي.
في بنقردان ايضا نظّم الأئمة والخطباء بالجهة مسيرة مستغلين صلاة الجمعة ضدّ التقرير وعدم تشريك أهل الاختصاص في صياغة مثل هذه التقارير، علما وان اللجنة تتكون من تسعة اعضاء مختصين في مختلف العلوم والاختصاصات القانونية، الانسانية، السياسية، الحقوقية، والثقافية، وايضا الدينية...واصول الشريعة..
وبدعوة من عدد من الجمعيات والأئمة انتظمت مسيرة وسط مدينة تطاوين للغرض ذاته ، معتبرين أنّ هذا التقرير من شأنه “إثارة البلبلة و الفتنة ودعوا السلط التشريعية والتنفيذية في الدولة إلى إيقاف هذا المشروع و عدم المصادقة عليه، قبل حتى تمريره الى مجلس النواب باعتبار ان رئيس الجمهورية لم يعلن بعد الموافقة على التقرير الذي تضمن مشروع قانون والذي سيعرض على المجلس في صورة تبنيه .
وبدعوة من التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة فرع قفصة، شارك عدد من الائمة الخطباء صباح امس، في مسيرة احتجاجية انطلقت من ساحة الحرية وجابت الشارع الرئيسي لمدينة قفصة لتستقر امام مقر الولاية، وذلك تنديدا بتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة.
وترفض التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة فرع قفصة رفضا تاما هذا التقرير، وتطالب بتدخل رئيس الجمهورية لسحبه حماية لتونس من الفتن والتطرف. وفي انتظار موعد 13 اوت فان الحملات ضد اعضاء اللجنة والتقرير ستتواصل.
في العاصمة وفي شارع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي كان من بين اول الزعماء الذين اولوا اهمية لمجال الحريات والمساواة بين الرجل والمراة من خلال اصدار مجلة الاحوال الشخصية في 13 اوت 1956، في هذا الشارع ولما له من رمزية نظم حزب تيار المحبة مسيرة دعا فيها الى سحب تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة سحبا نهائيا لكونه يتعارض مع مبادئ الاسلام، و ذلك حسب الشعارات التي الرفعت وقد شارك في هذه المسيرة الجمعية التونسية لائمة المساجد التي وزعت بيانا على الحاضرين تضمن بالخصوص تنديدا بمسألة المساواة في الميراث علما وانها كنت من بين الذين اصدروا بيانا منددا ورافضا لمحتوى التقرير.
ووصف هذا البيان تقرير لجنة الحريات الفردية و المساواة بالتقرير «الخارج عن ثوابت الدين الاسلامي»، منتقدا الفصول المتعلقة بولاية المرأة على الاسرة وحضانة الاطفال و زواج التونسية بأجنبي من غير الديانة الاسلامية وللاشارة فان هذه النقطة سبق وان حسم فيها الامر منذ مدة وتم الغاء المنشور 73 واصبح بامكان المراة الزواج بغير المسلم ، ومع ذلك فان عددا من عدول الاشهاد يرفضون تطبيق القانون وقد اصدرت في هذا الصدد جمعية اقليات بيانا داعية وزارة العدل الى اتخاذ الاجراءات اللازمة من اجل ردع المخالفين للقانون.
الداخلية تتتبّع تيار المحبة
في السياق ذاته أكّدت وزارة الداخلية اتخاذ كل الإجراءات القانونية لتتبع المخالفين، إثر ما أقدم عليه تيار المحبة خلال هذه المسيرة من خرق للقانون وبالخروج عن سياق الترخيص المسند له وذلك بتوظيفه أداء الصلاة بالطريق العام ضمن تظاهرته السياسية.
وذكّرت الداخلية في بلاغ اصدرته امس تمسّكها بضمان الحقوق الدستورية والقانونية المتعلقة بحرّية التعبير والسهر على حمايتها، داعية كافة الأحزاب ومكونات المجتمع المدني إلى وجوب الالتزام بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل.