على وقع الانتقادات الحادة التي وجهها المدير التنفيذي لحركة نداء تونس للحزب، على خلفية النقاشات الداخلية صلب المسار بشأن حكومة الوحدة الوطنية وخيارات الحزب بالبقاء صلبها او مغادرتها، انتقادات كان لها صدى في أشغال المجلس الذي حافظ على جدول أعماله وناقش جملة من الملفات أبرزها الوضع العام والتحالفات ورؤيته للتقارب بين النهضة والنداء وأخيرا ولكن الأهم البقاء من عدمه في حكومة الوحدة الوطنية، «المغرب» التقت بجنيدي عبد الجواد القيادي بالحزب ومنسقه في هذا الحوار :
• انعقد مجلسكم المركزي نهاية الأسبوع الفارط بالتزامن مع الانتقادات الموجهة إليكم من النداء فهل اثر هذا على جدول أعمال المجلس؟
جدول أعمال المجلس المركزي في دورته العادية ضبط من قبل الواقعة ونحن خيرنا في الحزب ان لا نقدم ردا رسميا على ما قيل، أما بخصوص جدول الأعمال فقد ظل كما هو عليه، متكونا من عدة نقاط، الأولى تعلقت بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ثانيا تقييم مشاركتنا في الحكومة، هناك أيضا ملف المبادرات السياسية المطروحة علينا، المبادرات اليسارية او المبادرات المقدمة من قبل أحزاب وسطية تقدمية التي تجسدت في اجتماع 11 حزبا منذ أسابيع والتنسيق معا، وقد ناقشنا هذه المبادرات وإمكانياتها بالاستناد الى تجربتنا السابقة سواء في ما يتعلق بالجبهة الديمقراطية أو عملية توحيد اليسار.
ناقشنا أيضا ملف الانتخابات البلدية والتشريعية وملف المؤتمر الحزبي القادم باعتبار أن اجل تكليف القيادة الحالية ينتهي في جويلية 2018.
• بشأن المبادرات أيهما تجدون الأقرب للتحقيق، حزب يساري كبير ام جبهة حداثية؟
الحديث عن حزب يساري ينصهر فيه الجميع هذا غير قابل للتحقيق اليوم، لا يجب علينا ان نحرق مراحل البناء وأولها الأرضية التي تجمعنا بعد هذا ستكون عملية البناء ممكنة، ونحن كخيار استراتيجي نعمل على تحقيق هذه المبادرة.
لكن مبادرة تجميع القوى الحداثية والديمقراطية التي تسعى إلى مهام عاجلة نرى أنها ممكنة ولكن نحن في حالة دراسة وتفكير. قد ينتهي الأمر إلى إنشاء جبهة واسعة ديمقراطية تخوض الاستحقاقات الانتخابية.
• نعود لملف تقييم الوضع العام، ما هي خلاصة نقاشاتكم؟
الأزمة التي نمر بها، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والسياسات الاقتصادية لم تكن ناجعة وظل المنوال التنموي على حاله، والسبب ان هناك من لم يستوعب أن البلاد شهدت ثورة لها مطالب اقتصادية واجتماعية. نحن أيضا نقول بان حكومة الوحدة الوطنية ورغم مجهودها ظلت تحافظ على ذات السياسات السابقة في معالجة الأزمات، معالجة على حساب الطبقات الضعيفة والمتوسطة. الاستمرار في هذا النهج وهذا المنوال سيكون خطرا على تونس.
وأشير هنا الى أننا وفي مشاركتنا في مفاوضات وثيقة قرطاج كنا حريصين على ان نتفق على المضامين والأوليات الهادفة لإنقاذ البلاد في إطار وثيقة قرطاج التي حددت أولويات المرحلة واليوم علينا ان ننجزها، في اطار حكومة الوحدة الوطنية التي قامت وفق تأكيد رئيسها يوسف الشاهد على مبدأ انها حكومة وحدة وطنية ملتزمة بوثيقة قرطاج وانها تتعامل مع كل أحزاب وثيقة قرطاج على قدم المساواة لا فرق بينها وانه لن يكون للاوزان الانتخابية اية انعكاسات على التعامل مع الأحزاب، وهذا المبدأ الذي انخرطنا على أساسه في حكومة الوحدة الوطنية التي جعلت اهدافها مقاومة الارهاب والفساد.
• بعد سنة على وثيقة قرطاج اختلف المشهد السياسي؟
اثر قيام حرب الشاهد على الفساد قامت معارضة داخل الاطراف الممضية على وثيقة قرطاج
• من هي هذه الأطراف؟
نداء تونس وبدرجة اقل حركة النهضة، فلهما احترازات قوية على الحرب على الفساد وقد شكلا معا بعد انطلاق الحرب ما قد يصطلح عليه بـ«كتلة ثنائية» هدفت الى وضع خطوط حمراء ورسم حدود امام الشاهد في حملته، واليوم باتوا ثلاثي بإضافة طرف آخر مورط في ملفات فساد وهو محل تتبع في القضاء.
هذه الحرب أوجدت معارضة للحكومة من صلبها، ولكن ايضا كان هناك من يدعم الشاهد وحملته وهم بالاساس اتحاد الشغل ونحن كحزب المسار ومن الحزب الجمهوري وبدرجة اقل آفاق تونس وحزب المبادرة.
• يفهم من كلامك أن الخطر الأشد على الحكومة ومخططها الإصلاحي ليس من خارجها بل من داخلها وبالتحديد من الحركتين؟
ما لاحظناه ان الحركتين يبحثان عن جعل حكومة الوحدة الوطنية حكومة الأغلبية الحاكمة، وهذا يهمش فلسفة وجوهر وثيقة قرطاج
• اي انهم مزقوا الوثيقة رمزيا ولم يعودوا ملتزمين بها؟
رئيس الاتحاد الوطني الحر مزق الوثيقة فعليا أما الحركتان فقد اتفقتا على أن مهمتها انتهت كما انتهت مهمة حكومة الوحدة الوطنية والوقت حان لحكومة أغلبية تعكس موازين القوى الانتخابية لا تضم أحزابا لا وزن برلماني لها، هذا انطلق منذ نهاية شهر ماي الفارط وطالبوا بحل الحكومة وتم استهداف الشاهد وإرباكه بعد إعلان الحرب على الفساد، نحن نرى ان هذه الحرب هي خيار استراتيجي وأساسي للبلاد كما الإصلاحات الكبرى التي يجب ان تتم كالإصلاح الإداري.
• هل لهذا تأثير على وثيقة قرطاج والحكومة؟
ما لا شك فيه أن النهضة والنداء منذ فترة يقومان بمحاولات للتأثير على رئيس الحكومة لتغيير صيغة الحكومة وتجاوز مضمون وثيقة قرطاج.
• البحث عن حكومة حزبية يعني أنّ وقت رحيلكم حان؟
ليس الثلاثي من يقرر مغادرتنا او بقاءنا في الحكومة، إنما رئيس الحكومة هو من له حق التقرير بشان الحكومة وفريقها الذي نلتزم بالتضامن بينه.
• لكن الحزبين الأكبر برلمانيا ضدكم فأي تضامن تشيرون إليه، والحال أنهما قادران على سحب الثقة من الشاهد نظريا؟
فليتحملوا مسؤولياتهم، ان أرادوا الحكم بمفردهم فليقوموا بذلك، نحن لانزال في حالة حكومة وحدة وطنية واتفاق قرطاج، وروح وجوهر الوحدة يقوم على أولويات نحن متمسكون بها من جهتنا طالما أننا لا نعتبر ان هذه الحكومة حكومة أغلبية، هم اذا أرادوا جعلها كذلك فليسحبوا الثقة من الحكومة وليتحملوا مسؤوليتهم، نحن لن نقدم لهم هدية بالخروج.
• أي أن المجلس المركزي قرر عدم الخروج من الحكومة ؟
أجل، اتخذ هذا القرار بعد نقاش معمق وطويل
• هل كان هناك وجهة نظر مختلفة وما هي حججها؟
اجل هناك والحجج ان الحكومة وقعت تحت سيطرة الحركتين، اللتين تدفعان بنا للخروج من الحكومة، والقول بان روح الوحدة الوطنية فقدت مما يجعل بقاءنا غير مقبول. مقابل المقاربة التي اعتمدنها في اتخاذ قرار البقاء. وهي ان هناك صراعا صلب حكومة الوحدة الوطنية بين الأطراف الحزبية الممضية على وثيقة قرطاج، جزء يريد جرنا الى حكومة أغلبية وآخرون متمسكون بوثيقة قرطاج وحكومة الوحدة الوطنية وعلى رأسهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي وجدنا أنفسنا في الصف المساند له.
• هذا يجعلنا نسأل عن تقييمكم للحكومة في هذه الفترة، في ظل عدة تعثرات ومنها تجميد الحرب على الفساد؟
لا أظن أن الحكومة جمدت مقاومة الفساد قد تتعثر الحملة ولكن العزيمة والإرادة السياسية موجودة، وضرب الاحتكار هناك مجهود ومحاولات جدية، نحن ان لاحظنا سياسة حكومية خاطئة سنشير اليها فنحن لن نتخلى عن النقد.
• بشكل عملي أين أصابت الحكومة وحققت ايجابيات؟
في الحرب على الإرهاب هناك خطوات جيدة وهناك انجازات من قبل القوات الحاملة للسلاح التي قدمت تضحيات نحن نحييها على جهودها في الحرب على الإرهاب التي نعتبر انها تشمل كشف حقيقة الاغتيالات السياسية مهما كان المسؤول عنها. هناك نقطة ايجابية في الحرب على الفساد هناك خطوات اتخذت لكن يجب على جميع السلطات التنفيذية التشريعية القضائية ان تفعل الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وعلى جميع اجهزة الدولة ومؤسساتها ان تقوم بهذا.
• اين اخطأت الحكومة ؟
الحكومة ظلت مكبلة في اختيارات اقتصادية ليبرالية جعلت منها في تبعية للمؤسسات المالية الدولية، نحن اليوم في معضلة معالجة التوازنات المالية الهامة لكن ليس على حساب الطبقات الضعيفة والوسطى.