الإرث من قبل رئيس الجمهورية. فالربط بين المقترحين يحرج رئيس الحركة وقادتها، خاصة أن كلى المبادرتين لهما تأثير مباشر على الميراث.
«ذكر في حديث ألقاه رئيس الحركة امام تجمع للطلبة» كلمات شرح بها القيادي عبد اللطيف المكي مغزى دعوة رئيس حركته راشد الغنوشي لكتلتها إلى تقديم مبادرة لإعادة العمل بنظام الاحباس أي الأوقاف وفق المصطلح المستخدم من قبل الغنوشي الذي استعاره من معجم الدول الشرق أوسطية.
طالب رئيس النهضة من نواب حركته في مجلس الشعب ان يتقدموا بمشروع قانون يعيد الأوقاف إلى الحياة بعد ان وقع حلها في 31 ماي 1956 وحجرها بأمر من الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قبل صدور قانون 18جويلية 1957 الذي نص على «منع التحبيس الخاص والمشترك». لكن نواب حركته وقادتها وهم يحاولون شرح ما لم يشرحه الرئيس ذكروا بمشروع قانون قديم طرح في 2013.
ففي خضم انشغال الراي العام التونسي بالحوار الوطني 17 أكتوبر 2013 أودعت رئاسة الحكومة بالمجلس التأسيسي مشروع قانون اشتغلت عليه وزارة الشؤون الدينية بالتنسيق مع المالية ينظم عودة الأوقاف بفرعيها العام والخاص، الذي كان من بين مهندسيه أحمد بن طالب/ محامي، الذي اعتبر الوقف مؤسسة وآلية بارزة من آليات المالية الإسلامية، لذلك وبعد الثورة وقع محاولة بعث كل آليات المالية الإسلامية وقد وقع إحداث لجنة للغرض صلب وزارة المالية سميت بلجنة تطوير المنظومة المالية الإسلامية وتتفرّع هذه اللجنة إلى عدة لجان عمل كل واحدة منها اهتمت بجانب من هذه المنظومة الإسلامية: الصيرفة، الصكوك الإسلامية، الزكاة، الأوقاف وأخيرا لجنة المعايير الشرعية.
لكن رفض عدد هام من نواب التأسيسي للمقترح حال دون مروره إلى اللجان ومناقشته، لكن هذا لم يحل دون آن يظل المشروع في رفوف مجلس نواب الشعب، وربما سيجد طريقه للحياة مرة أخرى، فحركة النهضة التي طالب رئيسها بإحياء منظومة الاحباس يشير عضو كتلتها والقيادي صلبها عبد اللطيف المكي الى انها لم تحدد كيف ستفعل هذا الطلب قائلا انه لا توجد لدى الكتلة نية تقديم قانون جديد الان ملمحا إلى وجود مشروع قانون سابق.
عدم وضوح المبادرة وأهدافها في أذهان قادة الحركة وعناصر فاعلة ومؤثرة في كتلتها يكشف أنهم كغيرهم من الفاعلين السياسيين «بوغتوا» بمقترح رئيس حركتهم، مما يعنى أن «الشيخ» كتم سره الى ان باح به أمام طلبة منذ أكثر من أسبوع. مما يجعل القول بان رئيس الحركة خير أن تكون مبادرته هي تعليقه على مبادرة رئيس الجمهورية الداعية بالمساواة في الميراث.
فرئيس الحركة الذي لم يصرح بمعارضته او مساندته لمبادرة 13 أوت الفارط، استعان بما في جرابه من «حيل فقهية وسياسية» لصيد اكثر من عصفور بحجر واحد، فالشيخ يدرك ان ما سيبادر به سينظر اليه على انه طلب مقايضة، تمرير قانون بقانون، أي ان تمرير المساواة في الميراث سيكون مقترنا بتمرير إحياء الأوقاف، وهنا حقق نقطة، الثانية هي انه أفرغ مبادرة المساواة من زخمها فالأوقاف التي يدعو إليها «الشيخ» كانت احدى الحيل الفقهية لمنع النساء من اخذ نصيبهن من الميراث خاصة ان كان عقارا او أرضا. والمصادقة على قانون بعدها سيكون بمثابة الانتكاسة في مسار تعصير الدولة والمجتمع، ففي الوقت الذي تجاهد الدولة لترويج انتصارها والمجتمع لقضية المرأة والمساواة يمرر قانون قراوسطي ينتهك حق النساء.