قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد: 40 نائبا يطعنون فيه و«المغرب» تنفرد بنشر القائمة الاسمية ومضمون عريضة الطعن

بعد مرور اسبوع على تاريخ المصادقة عليه من قبل نواب الشعب في جلسة عامة عقدت بتاريخ 19 جويلية الجاري ها أنّ 40 نائبا يمضون على عريضة للطعن في دستورية القانون الأساسي

عدد 38 لسنة 2017 والمتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وذلك بعد أن كاد أمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن يتلاشى شيئا فشيئا.

وللتذكير فإن شوقي الطبيب رئيس الهيئة الحالية قد دعا النواب عبر مقطع فيديو إلى «أن يتحملوا مسؤوليتهم ويتقدموا بالطعن في دستورية مشروع القانون المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد و قال بصريح العبارة “إما أن نغير هذا القانون أو نغير الدستور”. دعوة استجاب لها أكثر من 30 نائبا وهو العدد القانوني لقبول عريضة الطعن شكلا ودائما تبقى الكلمة للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.

النواب طعنوا في مشروع القانون برمته وخاصة الفصول 1و19 و32 و43 و45 و51 من مشروع القانون المذكور أعلاه توصلا إلى التصريح بعدم دستوريته لمخالفته للفصول 125 و130 من الدستور وفق ما جاء في مطلب الطعن الذي توجهوا به إلى رئيس الهيئة المعنية واعضائها. وللتذكير فإ الهيئة الحالية كانت أول المنددين بالقانون الجديد المصادق عليه مؤخرا إذ اعتبرته يفرغ الهيكل المنتظر من محتواه ومن استقلاليته سعت منذ أن كان القانون مشروعا ووضع على طاولة نقاش لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح ان تغير الامور إذ تقدمت الهيئة المذكورة اثر جلسة استماع لها سلسلة من المقترحات ترى من وجهة نظرها أنها ستساهم في نجاعة أعمال الهيئة المقبلة وذلك من خلال التمسك بمنح هيئة الحوكمة الرشيدة ما يسمى بالضابطة العدلية أي أنها من تقوم بالتقصي والتحقيق وهو ما رفضه المجلس الأعلى للقضاء رفضا قاطعا من خلال رأيه الاستشاري الذي قدّمه لمجلس نواب الشعب مؤخرا معتبرا أن القضاء هو الحامي للحقوق والحريات ولا يمكن منح الضابطة العدلية لغيره.

موقف ذهب فيه أيضا نواب المجلس والكتل النيابية بعد أن وعدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بأنها ستعمل خلال الجلسة العامة على إسقاط قانون هيئة الحوكمة الرشيدة وعبرت عن اقتناعها بتوجه الهيئة الحالية ولكن الكلمة للسلطة وتم التصويت بــ116 صوتا لتمرير القانون المذكور.

من جهة أخرى فإن آجال الطعن حدّدها القانون بعشرة أيام ،فبإجراء عملية حسابية بسيطة فإن احتساب الآجال ينطلق من 20 جويلية الجاري ومن المفترض أن ينتهي يوم 29 من نفس الشهر ولكن بما أن هذا التاريخ واليوم الموالي صادفا يومي عطلة السبت والأحد فإن آخر أجل يصبح بتاريخ 31 جويلية 2017 أي يوم الاثنين المقبل.

خاص بـ«المغرب»

مضمون عريضة الطعن في دستورية قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والقائمة الاسمية للممضين عليها

تقدم 40 نائبا من مجلس نواب الشعب أمس الأربعاء 26 جويلية الجاري بطعن في دستورية قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد المصادق عليه بتاريخ 19 جويلية الحالي من قبل 116 نائبا، «المغرب» تنفرد بنشر القائمة الاسمية للطاعنين وبمضمون العريضة التي تتضمن الفصول محل الطعن،في انتظار ما سيسفر عنه قرار هيئة مراقبة دستورية القوانين التي تسلمت الطعن المذكور.

• عـــريضة الــــطعــــن:
يروم أعضاء مجلس نواب الشعب المذكورين أعلاه والممضين بالقائمة الملخصة بهذا الطعن من مشروع القانون عدد 38 لسنة 2017 والمتعلق بالمصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والمصادقة عليه من طرف مجلس نواب الشعب بتاريخ 19جويلية 2017 وذلك طبقا لما سيأتي بيانه :

• أوّلا: في مخالفة مشروع قانون برمته وخاصة الفصول 1 و32 منه لأحكام الفصول 125 و 130 من الدستور.
حيث تم بمقتضى الفصل 130من الدستور إحداث هيئة دستورية مستقلة تسمى هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مثلما جاء بعنوان القسم الخامس و الفصل 130 فقرة أولى والتي اقتصر الدستور على تسميتها ب (الهيئة) في كل من الفقرة 2 و 3 و4 من الفصل 130 وحيث نص الفصل 125 على وجوب انتخاب أعضاء الهيئة.

وحيث حدد الدستور تركيبة الهيئة وذلك في الفقرة الأخيرة من الفصل 130 الذي جاء فيه «تتكون الهيئة من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة و النزاهة يباشرون مهامهم لفترة واحدة مدتها ست سنوات ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين.».
وحيث جاء بالفصل 32 من مشروع القانون موضوع الطعن أن هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تتركب من مجلس الهيئة و الجهاز الإداري.
وحيث نص الفصل الأول من مشروع القانون موضوع الطعن أن هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد هيئة دستورية مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية مقرها تونس العاصمة ويشار إليها صلب هذا القانون ب «الهيئة»،
وحيث جاء بالدستور أن الهيئة الدستورية تتكون فقط من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة (الفقرة الأخيرة من الفصل130) يقع انتخابهم من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية معززة (الفصل125).
وحيث أن اعتبار الجهاز الإداري مكونا من مكونات الهيئة فيه خرق لأحكام الفصل 125 و 130 من الدستور ذلك أن الجهاز الإداري وان كان ضروريا لعمل الهيئة إلا انه لا يجوز البتة أن يصبح جزءا من الهيئة ويتصف بالدستورية مثلما نص على ذلك الفصل الأول من مشروع القانون موضوع الطعن. ذلك أنه بقراءة مزدوجة للفصول 32 و 1 من مشروع قانون موضوع الطعن، يتضح انه تم توسيع مكونات الهيئة الدستورية (المنصوص عليها بالدستور) وجعلها تتكون لا فقط من أعضاء منتخبين مثلما نص عليه الدستور بل أيضا من جهاز إداري متكون من أعوان معينين،
وحيث أن الجهاز الإداري تم إحداثه بمقتضى القانون موضوع الطعن مما يحول دون إعطائه الصبغة الدستورية وجعله مكونا من مكونات هيئة دستورية، في حين أن الدستور لم ينص على إحداثه،
وحيث جاء بالفصل 125 فقرة أخيرة ما يلي :» يضبط القانون تركيبة هذه الهيئات والتمثيل فيها وطرق انتخابها وسبل مساءلتها».
وحيث وان فوض القانون للسلط التشريعية تحديد التركيبة فهذا لا يخول لها توسيع مكوناتها التي جاءت محددة بالفصلين 125 فقرة 2 و130 فقرة أخيرة أي أن المشرّع له أن يحدد التركيبة وهو ما نص عليه في الفصل 35 من مشروع القانون موضوع الطعن ولكن على أن يكون ذلك في حدود ووفق المكونات المنصوص عليها بالدستور.

وحيث يصبح بذلك الفصل 1 و الفصل 32 من مشروع القانون موضوع الطعن مخالفا لأحكام الفصول 125 و 130 من الدستور،
وحيث بناء على ما تقدم فان كامل مشروع القانون موضوع الطعن يصبح غير دستوري باعتبار أن كامل أحكامه انبنت على أسس غير دستورية ذلك انه تم إعطاء صلاحيات ومهام دستورية لمؤسسة غير دستورية اصطلح على تسميتها خطأ ب»هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد» أو «الهيئة» ،
وحيث من تداعيات هذا التجاوز الخطير أن حوّل هيئة الحوكمة ومكافحة الفساد المنصوص عليها بالدستور إلى مجلس هيئة الحوكمة ومكافحة الفساد أي أصبحت مكونا من مكونات الهيئة وليست هي الهيئة.
وحيث لا يجوز توسيع ضيق مما يجعل مشروع القانون برمته وخاصة الفصل 1 و32 غير دستوري لمخالفته للفصول 125 و130 من الدستور.

• ثانيا: مخالفة الفصل 43 و 51 من مشروع القانون موضوع الطعن لأحكام الفصلين 130 و 125 من الدستور:
حيث تناول الباب الثاني من مشروع القانون مهام الهيئة وصلاحيتها، والمقصود بالهيئة في هذا الباب هو مجلس الهيئة والجهاز الإداري، وقسّم القانون مهام الهيئة في القسم الأول ثم تناول في القسم الثاني من الباب الثاني صلاحيات الهيئة دون أن يحدد أو يخصص لأي مكون من مكونات الهيئة بصلاحية محددة أو مهام معينة وجاءت عبارة الهيئة مطلقة. كما انه تم تقسيم المهام في القسم الأول و الصلاحيات في القسم الثاني،
وحيث تناول الباب الثالث من القانون توزيع المهام والصلاحيات بين مجلس الهيئة والجهاز الإداري، وخص مجلس الهيئة بالمهام المنصوص عليها في الباب الثاني وذلك في الفصل 43 الذي جاء في مطلع فقرته الأولى «يشرف مجلس الهيئة على القيام بالمهام المنصوص عليها في الباب الثاني من هذا القانون». معلوم أن المهام المنصوص عليها في الباب الثاني هي تلك الواردة بالقسم الأول منه باعتبار أن المشرع فرق وميز بين المهام والصلاحيات من ناحية ومن ناحية أخرى خصّ المهام بقسم أول خاص به والصلاحيات بقسم آخر مستقل وهو القسم الثاني، وهو ما يعني أن مجلس الهيئة يمارس المهام الواردة بالقسم الأول أي الفصول من 5 إلى 15 فقط ودون سواهم باعتبار أن الفصل 43 استثنى مجلس الهيئة من مباشرة الصلاحيات الواردة بالباب الثاني، مع العلم أن مجلس الهيئة المنصوص عليها في هذا القانون هو الهيئة نفسها الواردة بالدستور. علاوة على ذلك فإن المهام المنصوص عليها من الفصول 13 و 14 و 15 من القسم الأول المخصص لمهام الهيئة قد خصها مشروع القانون إلى أعوان قسم الحوكمة الرشيدة وذلك صلب الفصل 51 فقرة ثانية الذي جاء فيه «يمارس أعوان قسم الحوكمة الرشيدة مهامهم خاصة في إطار أحكام الفصول 13 و 14 و 15 من هذا القانون».
وحيث بقراءة مزدوجة للفصل 43 والفصل 51 يتضح انه ليس لمجلس الهيئة صلاحيات البتة، ذلك أن الفصل 43 نص صراحة على أن مجلس الهيئة يشرف على القيام بالمهام المنصوص عليها بالباب الثاني ولم يذكر الصلاحيات المنصوص عليها في نفس الباب. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى اعتبر أن القسم الثاني المخصص للصلاحيات هو من مهام جهاز مكافحة الفساد وذلك في إحالة صريحة في الفصل 51 الذي جاء في فقرته الثالثة ما يلي « يمارس أعوان قسم مكافحة الفساد مهامهم خاصة في إطار أحكام الفصول من 16 إلى 28 من هذا القانون» وهو ما يعني انه تم حذف جهاز التقصي الوارد بالفرع الاول من القسم الثاني من الباب الثاني من تحت أنظار مجلس الهيئة أي أن «الهيئة» أو كما تم تسميتها في مشروع القانون ب»مجلس الهيئة» ليس لديها الصلاحيات الواردة بالفصول من 16 و 28 وخاصة الصلاحية الواردة في الفصل 16 والمتعلقة برصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص والتقصي فيها، والتحقق منها وإحالتها على الجهات الإدارية أو القضائية ذات النظر .علاوة عن ذلك فان الهيئة ليس لديها الآليات لممارسة هذه الصلاحيات التي تم التنصيص عليها في الفصول من 17 إلى 28.
وحيث ولئن ورد بالفصل 5 فقرة 2 أن الهيئة تتولى رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص والتقصي فيها والتحقق منها وإحالتها على الجهات المعنية فان أحكام هذا الفصل جاءت في قسم «مهام الهيئة» وليس في قسم «صلاحيات الهيئة»، أي أن سلطة الرصد والتحقق والتقصي كصلاحيات ليست ممنوحة للهيئة («مجلس الهيئة» صلب مشروع القانون) كسلطة أصلية و فعلية وإنما مجرد مهمة، في حين كان على القانون إسناد سلطة الرصد والتقصي والتحقق للهيئة ( «مجلس الهيئة» صلب مشروع القانون ) باعتبارها صلاحيات، وتكليف الجهاز الإداري تحت إشراف وتسيير الهيئة («مجلس ‏الهيئة» صلب مشروع القانون ) بمهمة تفعيل هذه الصلاحيات.

وحيث أن للهيئة («مجلس الهيئة» صلب مشروع القانون) مهمتين فقط وردتا في فصل 43 ومتعلقة بالفساد وهي تكليف قسم مكافحة الفساد للتقصي في شبهات الفساد ودراسة ملفات التقصي في شبهات الفساد المحالة من قسم مكافحة الفساد ومتابعتها والبت في شأنها بعد التداول. وهو ما يؤكد إرادة المشرع في انتزاع صلاحية الرصد والتقصي والتحقق والإحالة من الهيئة (أي «مجلس الهيئة» كما تم تسميته صلب مشروع القانون)، وحيث في خصوص المهام التي تم الإحالة لها في الفصل 43 تم حذف مهمة تلقي التصاريح بالمكاسب والمصالح والتثبت من سلامتها وصحتها، كما تم حذف مهمة العمل على ترسيخ وتنظيم وتكريس الشفافية ومنع تضارب المصالح في القطاعين العام والخاص علما وأن المهمة الواردة في الفصل 15 هي إحدى المهام الأساسية الموكولة للهيئة («مجلس الهيئة» صلب مشروع القانون) بمقتضى الدستور فقرة أولى من الفصل 130، كما تم كذلك حذف مهمة اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة للتوقي من تضارب المصالح وبذلك يصبح «مجلس الهيئة» كما تم تسميته في مشروع القانون أو «الهيئة» كما تم تسميتها في الدستور تهتم فقط بمهمة الاستشارة في مشاريع القوانين وإبداء الرأي في مسائل متصلة باختصاصها ودراسة النصوص القانونية وغيرها من الأعمال الواردة من الفصول 5 إلى 12 من الباب الثاني بالإضافة إلى المهام الممنوحة لها بمقتضى الفصل 43 وهي مهام وان كانت ضرورية ومهمة إلا أنها لا ترتقي إلى حجم الدور الموكول للهيئة بالدستور ولا يمكنها تبعا لذلك القيام بمهامها الدستورية، وحيث يتضح بذلك أن مشروع قانون موضوع الطعن وخاصة الفصول 43 و 51 قد انتزع من الهيئة («مجلس الهيئة» صلب مشروع القانون) كل صلاحياتها الدستورية وحوّلها إلى مؤسسة ضعيفة غير قادرة على القيام بمهامها الدستورية، وحيث من جهة أخرى رصد مشروع القانون صلب الفصل 51 صلاحيات وسلطة دستورية إلى جهاز غير دستوري يمارسها بصفة أصلية ويسيّر مباشرة من المدير التنفيذي باعتباره رئيسا للجهاز الإداري (الفصل 49) في خرق صريح للدستور الفصل 130 و 125.
وحيث وإن كان من الضروري إحداث جهاز تنفيذي يساعد الهيئة على القيام بمهامها وممارسة صلاحياتها فهذا لا يعني أن يحل هذا الجهاز محل الهيئة الدستورية وينتزع لها جميع سلطاتها وصلاحياتها الدستورية وحيث بناء على ما تقدم تصبح الفصول 43 و 51 من مشروع القانون موضوع الطعن مخالفة لأحكام الفصول 125 و 130 من الدستور .

• ثالثا : في مخالفة الفصل 19 من القانون الأساسي موضوع الطعن للفصلين 125 و130 من الدستور
حيث نص الفصل 130 من الدستور على أن» تساهم هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد في سياسات الحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته ومتابعة تنفيذها ونشر ثقافتها، وتعزّز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة.
تتولى الهيئة رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص، والتقصّي فيها، والتحقق منها، وإحالتها على الجهات المعنية...».
وحيث يتضح أن المشرع الدستوري قد مكن الهيئة من الرصد ومن التقصي والتحقق في حالات الفساد في مرحلة أولى ثم عند استكمال أعماله يحيل نتيجتها صحبة ما توصل إليه إلى الجهات المعنية وبالطبع من بينها القضاء أن كان في آمر فعل مجرم .
وحيث أن إرادة المشرع الدستوري اتجهت في الفقرة الأخيرة المذكورة أعلاه إلى اعتبار أن الهيئة لها سلطة الرصد والتقصي والتحقق وهي سلطات تقتضي جميعها تمكين الهيئة من سلطة فعلية للقيام بذلك بكل نجاعة.
وانطلاقا من نفس الفقرة يمكن التأكيد على أن الهيئة لها أن تتمتع بهذه الصلاحيات بصورة أولية أي انها لن تحيل للقضاء الا بعد الرصد و التحقق والتقصي.
وحيث ان التعلل بسحب سلطة الضابطة العدلية من مجلس الهيئة ورئيسها بمقولة أن الهيئات القضائية هي التي تتكفل بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك في غير طريقه وليس له ما يدعمه دستوريا بل على العكس فإن كان من البديهي أن يكون القضاء هو حامي الحقوق والحريات إلا أن القول بان القضاء هو الحامي الوحيد لا أساس قانوني له. نذكر هنا فقط بان القاضي يطبق القانون وان الإحالة إلى القضاء في الفصل 49 أو الفصل 102 من الدستور لا تعني بتاتا استئثار القضاء بحماية الحقوق والحريات بل تعني ان القضاء يحمي الحقوق والحريات كما جاءت في القانون بالنسبة للقضاء العدلي والإداري وكما جاءت بالدستور بالنسبة للقاضي الدستوري.

وحيث أن القول بتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات لا يعني تماما أن تكون هذه الهيئات في حل من إرادة المشرع إذا أراد هذا الأخير الحد من الحقوق.
ضرورة انه على الهيئة أن تبرز أن لجوؤها إلى التفتيش والحجز وغيرها من الإجراءات هو ضروري للقيام بمهامها التي حددها الدستور خاصة التحقق من المسائل قبل إحالتها للقضاء.
بقي أن القانون لا بد أن يضمن لمن وقع عليه التفتيش أو الحجز أو غيرهم من الإجراءات طرق أخرى للطعن إلى جانب الطعن بالزور خاصة إذا اتضح أن الإجراءات لا مبرر لها.
وحيث أن الهيئة هي سلطة مستقلة وان كان ضروريا إخضاعها لرقابة قضائية على أعمالها فانه تطبيقا للدستور لا تكون إلا رقابة بعدية حتى لا يقع تعطيل أعمالها. هذا هو معنى أن يكون القاضي حامي الحقوق أي انه يسلط رقابة على مطابقة اعمال الهيئة للقانون.
مع العلم وان القانون المقارن وخاصة في البلدان الديمقراطية يمكّن السلط الإدارية المستقلة من بعض هذه السلطات فما بالك الهيئات الدستورية كما هو الحال في تونس ونورد على سبيل الاستدلال الفصل 78 من مجلة المواصلات الذي تضمن انه :«تتم معاينة المخالفات لأحكام هذه المجلة والنصوص المتخذة لتطبيقها بمحاضر يحررها اثنان من الأعوان المشار إليهم بالفصل 79 من هذه المجلة طبقا للتشريع الجاري به العمل.
كما نص الفصل 79. يتولى معاينة المخالفات لأحكام هذه المجلة :
ـ مأمورو الضابطة العدلية المشار إليهم بالعددين 3 و4 من الفصل 10 من مجلة الإجراءات الجزائية.
ـ الأعوان المحلفون بالوزارة المكلفة بالاتصالات.
ـ الأعوان المحلفون بوزارة الداخلية.
ـ أعوان المصلحة الوطنية لحراسة السواحل وضباط وآمرو الوحدات البحرية الوطنية.
الفصل 80. تحال المحاضر إلى الوزير المكلف بالاتصالات الذي يحيلها إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا للتتبع مع مراعاة أحكام الفصل 89 من هذه المجلة.
وكذلك ما جاء في القانون عدد 30 لسنة 2016 مؤرخ في 5 أفريل 2016 يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 59 لسنة 2006 المؤرخ في 14 أوت 2006 المتعلق بمخالفة تراتيب حفظ الصحة بالمناطق الراجعة للجماعات المحلية
الفصل 3 (جديد) : تقع معاينة المخالفات والجنح لتراتيب حفظ الصحة والنظافة العامة من قبل :
مأموري الضابطة العدلية المشار إليهم بالعددين 3 و4 من الفصل 10 من مجلة الإجراءات الجزائية.
أعوان الشرطة والحرس البلديين من الصنفين «أ» و»ب».
أعوان الجماعات المحلية المحلفين والمؤهلين للغرض.
الأعوان المحلفين والمؤهلين للغرض الراجعين بالنظر للوزارة المكلفة بالبيئة والمؤسسات الخاضعة لإشرافها.
الأطباء والبياطرة والمهندسين ذوي الاختصاص والفنيين السامين للصحة المحلفين والمؤهلين للغرض.
يحمل الأعوان المشار إليهم بالمطتين 3 و4 زيا رسميا وبطاقة مهنية مرقمة بها صورهم الشخصية ببدلتهم الرسمية، ومبين بها هويتهم الكاملة وصفتهم كأعوان من أعوان الضابطة العدلية ويمكنهم الاستعانة بالقوة العامة للقيام بمهامهم.
كما يمكن معاينة هذه المخالفات والجنح بأجهزة ووسائل يتم تحديدها وضبط طريقة استعمالها بأمر حكومي.
وأخيرا ما ورد بالأمر عدد 2128 لسنة 2012 مؤرخ في 28 سبتمبر 2012 يتعلق بضبط طرق تسيير سلطة رقابة التمويل الصغير والذي نص في :
الفصل 13 : يتولى القيام بتحقيقات سلطة رقابة التمويل الصغير أعوان محلفون ومؤهلون لهذا الغرض من قبل السلطة ولا يمكن معارضتهم بالسر المهني في إطار هذه التحقيقات.
الفصل 14 : يرخص للأعوان المكلفين بالتحقيقات في إطار مهامهم في : 
ـ دخول المحلات المهنية لمؤسسات التمويل الصغير.
ـ حجز الوثائق التي تبدو لهم مزورة أو غير مطابقة للمواصفات والقواعد الجاري بها العمل ولو كانت بأيدي ماسكيها. وتبقى الوثائق المحجوزة تحت حراستهم وذلك حسب الشروط المنصوص عليها بالفصول 97 و98 و100 من مجلة الإجراءات الجزائية.
ـ القيام بكل المعاينات اللازمة وطلب الاستظهار الحيني وبدون تنقل بالوثائق والحجج مهما كان سندها والدفاتر الضرورية للتحريات والمعاينات والحصول على نسخ منها.
ـ الحصول مقابل وصل على الوثائق والحجج المشار إليها بالفقرة السابقة واللازمة لتأدية مهامهم أو لمواصلة التحقيق.
ـ استدعاء وسماع كل الأشخاص القادرين على إفادتهم بمعلومات لها صلة بمهمتهم.
الفصل 15 ـ في إطار التدقيق في المخالفات للقوانين والتراتيب التي تحكم نشاط التمويل الصغير وعن كلّ إخلال بالقواعد والأعراف المهنية، يمكن للأعوان المكلفين بالتحقيقات وبعد القيام بالتحريات استدعاء وسماع الأشخاص المعنيين بالأمر أو أي شخص آخر بإمكانه مدهم بمعلومات لها علاقة بالمسائل التي هم متعهدون بالتحقيق فيها وذلك برسالة مضمونة الوصول مع الإعلام بالبلوغ.
تثبّت التحقيقات بمحضر يتمّ تحريره وإمضاؤه من طرف عوني تحقيق تابعين لسلطة رقابة التمويل الصغير ويجب عليهما قبل الشروع في تحرير المحضر، الإدلاء بهويتهما وبوثائق تأهيلهما. ويجب أن يحتوي كل محضر على ختم المصلحة التي يرجع لها بالنظر الأعوان المكلفون بالتحقيق وأن ينص على أقوال الشخص الذي تمّ سماعه أو على امتناعه عن الإدلاء بأقواله.
ويحق للشخص الذي يتمّ سماعه الاستعانة بمستشار يختاره في طوري الاستنطاق وتحرير المحضر. ويطالب الشخص الذي تمّ سماعه عند تحرير المحضر بالتوقيع عليه وفي صورة رفضه أو تحرير المحضر في غيابه يشار إلى ذلك صلب المحضر.
كما يجب أن ينص المحضر على تاريخ ومكان وطبيعة المعاينات أو التحريات التي تمّ إجراؤها وأن يشير إلى أنّ الشخص الذي حرر في شأنه المحضر قد تمّ إعلامه بتاريخ ومكان تحريره وأنه تمّ استدعاؤه برسالة مضمونة الوصول مع الإعلام بالبلوغ فيما عدا حالة التلبّس.
وحيث نشير ان الهيئات الدستورية وهي صنف جديد مستحدث بالدستور في نطاق إعادة توزيع أفقي وعمودي للسلط سواء التقليدية منها ( تنفيذية وتشريعية وقضائية أو السلطة المحلية وأخيرا سلطة الهيئات المستقلة ) لابد ان لا تخضع لرقابة رئاسية او رقابة اشراف او تعليمات قبلية من أي سلطة أخرى وهو ما أكده المرسوم 120 والاتفاقية الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد وهي الاتفاقية الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد والتي صادقت عليها تونس وتحديدا في المادة 36 نصت على : تتخذ كل ً دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، ما قد يلزم من تدابير لضمان وجود هيئة أو هيئات متخصصة أو أشخاص متخصصين في مكافحة الفساد من خلال إنفاذ القانون. وتمنح تلك الهيئة أو الهيئات أو هؤلاء الأشخاص ما يلزم من الاستقلالية، وفقا للمبادئ الأساسية للنظام القانوني للدولة الطرف، لكي يستطيعوا أداء وظائفهم بفعالية ودون أي تأثير لا مسوغ لـه. وينبغي تزويد هؤلاء الأشخاص أو موظفي تلك الهيئة أو الهيئات بما يلزم من التدريب والموارد المالية لأداء مهامهم.
وحيث يتضح بالرجوع لمشروع القانون المصادق عليه انه تغاضى عما منحه الدستور لهذا الصنف الجديد من الهيئات الدستورية المستقلة مما يجعل استقلاليتها الممنوحة دستورا محل شك ذلك ان تجريدها من كل صلاحيات ووضعها تحت رقابة مسبقة وثقيلة للقضاء ومساءلة متشعبة ورقابة مشددة من طرف البرلمان تجعل استقلاليتها مشكوكا فيها ومحل تراجع عما أعطاه الدستور إذ نص الفصل 130 من الدستور على كون الهيئة تتكون من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة .
وحيث ان الصلاحيات الممنوحة للهيئة منوط أولا وبالذات بعهدة مجلس الهيئة المنتخب من طرف مجلس النواب الذي بالتمعن في مشروع القانون قد جرد من مهامه ولم يمنح أي سلطة فعلية للتقصي والرصد والتحقق وإنما سحبت منه بمقتضي الفصل 19 لأعوان جهاز مكافحة الفساد الذين لا سلطان عليهم في مهام التقصي والرصد والتحقق الا للنيابة العمومية والقضاء دون اي تدخل او رقابة أو سلطة من الأعضاء المنتخبين وهو ما يفرغ الفصل 130 من الدستور من محتواه ويجرد اعضاء منتخبين ومستقلين ومحايدين من سلطاتهم ويمنحها لأعوان اداريين خاضعين لرقابة وسلطة رئاسية وسلطة تعليمات من السلطة القضائية .
وهو ما يمس من مبدأ تفريق السلط الذي اقره الدستور التونسي ضرورة ان الهيئات الدستورية هي سلط داخل الدولة نزلها المشرع الدستوري مرتبة السلطة الدستورية ممايجعل اخضاعها بمقتضي المشروع المصادق عليه تحت رقابة قبلية لسلطة أخرى فيه مساس بالمبدأ ومخالفة صريحة للدستور .
رابعا : في مخالفة الفصل 45 من مشروع القانون موضوع الطعن للفصول 125 و130
حيث جاء بالفصل 45 من مشروع القانون «ان لمجلس نواب الشعب سلطة اعفاء رئيس مجلس الهيئة آو احد أعضاءه لمجلس نواب الشعب.
وحيث ان منح هذه السلطة لمجلس نواب الشعب باعتباره موضوع عمل هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد فيه ضرب لاستقلالية الهيئة وخرق للدستور باعتبار ان مجلس نواب الشعب اصبح خصم وحكم.
وحيث أن الفصل 45 لا فقط اعطى هذه السلطة لمجلس نواب الشعب بل ايضا انبنت سلطة الاعفاء على اساس وجود الخطأ الجسيم وهو مصطلح مبهم وفيه نيل ومخالفة صريحة لمبدأ الاستقلالية الممنوح دستوريا لاعضاء الهيئة ضرورة انه في فقه القضاء الدولي والمقارن استحدث ما يسمي «حق نكران الجميل « أي ان الجهة التي تسمي او تنتخب العضو ضمانا لاستقلاليته لا يمكن لها إعفائه .
وحيث وبناء على ما سبق ذكره فان مشروع القانون موضوع الطعن في فصوله 1 و 19 و32 و43 45 و51 مخالف لأحكام الفصلين 125 و130 من الدستور ونطالب بالحكم بعدم دستوريته.

• قائمة الممضين
غازي الشواشي 2) سالم لبيض 3) منجي الرحوي 4) زياد الأخضر 5) زهير المغزاوي6) عبد المومن بلعانس7) أيمن العلوي سامية حمودة عبو 9) احمد الخصخوصي 10) نعمان العش11) رضا الدلاعي 12) نزار عمامي13) عمار عمروسية 14) سعاد البيولي 15) إبراهيم بن سعيد 16) جيلاني الهمامي 17) عدنان الحاجي 18) أحمد الصديق 19) شفيق العيادي 20) طارق البراق 21) محمد الأمين كحلول 22) توفيق الجملي23) ألفة الجويلي24) محمود القاهري 25) طارق الفتيتي26) عبد الوهاب الورفلي27) سعاد الزوالي حمزة 28) عبد العزيز القطي 29) ناصر شويخ 30) كمال هراغي 31) مباركة عواينيةالبراهمي 32) هيكل بلقاسم 33) فتحي الشامخي 34) صبري الدخيل 35) عماد الدايمي 36) ليليا يونس كسيبي 37) ريم محجوب المصمودي 38) نزهة بياوي 39) مراد حمايدي 40) علي بنور

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115