للسكك الحديدية نتيجة عديد العوامل. هذا الأمر حتم على الشركة الترفيع في تعريفة التذاكر مقابل تحسين جودة الخدمات وعديد الإجراءات التي سيتم اتخاذها مستقبلا من أجل النهوض بالشركة.
استمعت لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام خلال اجتماعها يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب إلى وزير النقل أنيس غديرة حول ملف الشركة الوطنية للسكك الحديدية. صعوبات بالجملة تعيشها الشركة كشفتها جلسة الاستماع، وهو ما جعل وزير النقل يقدم جملة من إجراءات المساندة أهمها الإذن بالترفيع في تعريفة نقل المسافرين بين المدن أو اعتماد تعريفة خاضعة لقاعدة العرض والطلب في إطار المنافسة مع وسائل النقل الأخرى. وفي هذا الإطار، قدم وزير النقل عرضا مفصلا إلى أعضاء اللجنة حول الوضعية الحالية للشركة، والإشكاليات والصعوبات التي تعترضها.
صعوبات بالجملة..
شركة السكك الحديدية تعتبر من أهم الشركات التي لها مزايا تفاضلية من حيث الكلفة والنقل المكثف على المسافات البعيدة مع الاقتصاد في الطاقة والمحافظة على المحيط، حيث يساهم النقل الحديدي في تكريس مبدأ التمييز الايجابي المنصوص عليه بالدستور وسياسية الدولة على مستوى الربط بين المدن وفك العزلة عن الجهات الداخلية ودعم التنمية وإحكام إدماج مختلف الجهات. وبالرغم من خسائرها المتتالية والمتفاقمة فإن الشركة الوطنية السكك الحديدية التونسية تتمتع بدور مهم كقاطرة للتنمية في عدة مواقع ومجالات. وقد بين الوزير أن النشاط التجاري تقلص إلى أقل من ثلث النشاط مقارنة بسنتي 2010و2011، وهو ما ساهم بدوره في تقلص رقم المعاملات. كما تعاني الشركة من ارتفاع في الأعباء بسبب إدماج أعوان المناولة 1150 عونا، مع العلم أن عدد الأعوان القارين بالشركة بلغ سنة 2011 حدود 4553 عونا. أضف إلى ذلك الزيادة في الأجور حيث بلغت 117.8 مليون دينار سنة 2016 مقابل 91 مليون دينار سنة 2010. وبين أنيس غديرة أن الأعباء المالية والاستهلاكات سنة 2016 قد بلغت 48 مليون دينار، مقابل 25 مليون دينار سنة 2010 بسبب ارتفاع سعر الصرف من جهة وحاجة المعدات للصيانة من جهة أخرى.
حجم الخسائر 306.5 مليار
مداخلة وزير النقل أبرزت الصعوبات المالية التي تعاني منها الشركة الوطنية للسكك الحديدية، حيث بلغ حجم الخسائر 306.5 مليار، مع تنامي ظاهرة التهرب من الخلاص بنسبة 13 بالمائة على أحواز تونس أي بخسارة ما يعادل 1 مليون دينار و3 بالمائة على الخطوط البعيدة أي بخسارة قدرت بـ 1.3 مليون دينار، وذلك بالتزامن مع تجميد التسعيرة منذ شهر أوت 2010 مما نتج عنه انخفاض كبير في نسبة التغطية على الخطوط البعيدة التي أصبحت لا تتجاوز 70 بالمائة. كما أضاف غديرة أن الحراك الاجتماعي في الحوض المنجمي تسبب في عديد الخسائر كذلك، مع دخول عدد كبير من الشاحنات لمجال نقل الفسفاط. هذه العوامل ليست وحدها التي تسببت في رداءة خدمات الشركة التونسية للسكك الحديدية، بل أن حالة المعدات والبنية الأساسية المهترئة من أهم العوامل التي طورت الأزمة، حيث أن هناك 38 سنة منذ اقتناء عربات نقل البضائع و33 سنة بالنسبة لعربات نقل المسافرين بين المدن. إلى جانب عدم ملاءمة الترسانة القانونية والترتيبية المتعلقة بتسيير المؤسسة والتصرف في الموارد البشرية لمقتضيات النجاعة في الأداء.
برنامج مستقبلي
الجزء الثاني من جلسة الاستماع خصصت بالأساس من أجل مناقشة الاستراتيجيات المستقبلية للشركة في ظل الصعوبات التي تعيشها ومن بينها العمل على تدعيم وتطوير منظومة السلامة والرفع من جودة الخدمات وذلك من خلال اعتماد سياسة تجاربة لتحسين تموقع الشركة والرفع من حصتها في سوق النقل والشراكة بين القطاعين العام والخاص. هذا ومن المنتظر أن يتم إبرام صفقة لاقتناء 20 قاطرة نقل الفسفاط ومشتقاته بقيمة 165 مليون دينار سنة 2018، وصفقة ثانية لاقتناء 50 عربة لنقل الحبوب بقيمة 7.7 مليون دينار، ثم اقتناء 110 عربة نقل المسافرين بين المدن على ان يتم نشر طلب العروض خلال السنة الحالية، بالإضافة إلى صفقة ثانية سينم نشر طلب العروض الخاصة بها خلال هذه السنة من أجل اقتناء 400 عربة إضافية لنقل الفسفاط.
ارباح في أفق 2025
ويتوقع وزير النقل تحقيق تطور في حالة تطوير الشركة من خلال نقل حوالي 7 مليون مسافر سنة 2025 بقيمة 95 مليون دينار مقابل 4.5 مليون مسافر سنة 2016 ، على أن يتم نقل 148 مليون مسافر بين أحواز العاصمة في سنة 2025 بقيمة 42 مليون دينار، بالإضافة إلى نقل حوالي 11 مليون طن من الفساط انطلاقا من سنة 2025 أي ما يعادل 110 مليون دينار. في المقابل، تطرق نواب الشعب إلى الوضعية المالية للشركة التي اعتبروها في تدهور مستمر ومتواصل حيث باتت الإشكاليات والأسباب تتكرر من سنة إلى أخرى دون تفعيل أية استراتيجية أو برنامج جديد، وهو ما أثر سلبا على التنظيم العام للشركة في ظل غياب بعض البرامج المتعلقة بالشركة ضمن المخطط التنموي 2016 2020-. كما انتقد عديد النواب غياب الرقابة على مستوى العربات والتثبت من المسافرين الذين لا يلتزمون بخلاص معاليم السفرات، نتيجة النقص في عدد المراقبين لأعوان القطارات.