الباروميتر لشهر جوان 2017: حملة الاعتقالات غيّرت المعطيات

• انخفاض هام في تشاؤم التونسيين
• في يوم واحد تنزل نسبة التشاؤم بـ 14 نقطة وترتفع نسبة الرضا عن يوسف الشاهد بمثلها
• %93.6 يساندون رئيس الحكومة في حملته على الفساد
• %52.8 فقط يعتبرون أن هذه الحملة صادقة


شاءت الصدف أن تتزامن حملة الاعتقالات التي شملت جملة من الحيتان الكبيرة في التهريب ولوبيات الفساد مع إجرائنا للباروميتر السياسي لشهر جوان 2017..والعمل الميداني الذي استمر يومين (24 و25 ماي ) قد انقسم إلى نصفين : يوم قبل هذه الحملة (أول إيقاف تم عشية يوم 24 ماي) ويوم بعده ..والفرق مذهل بين اليومين : تراجع نسبة التشاؤم بـ 14 نقطة كاملة (من %75.2 إلى %61.2) وارتفاع مماثل لنسبة الرضا على أداء رئيس الحكومة ( من %61.6 إلى %76..) واللافت للنظر بأن رئيس الجمهورية لم يستفد البتة من هذه الحملة إذ بقيت نسبة الرضا على أدائه تقريبا هي نفسها خلال هذين اليومين .

في الشهر الفارط بلغت نسبة تشاؤم التونسيين رقمها القياسي (%80.1) منذ بداية هذا الباروميتر الشهري في جانفي 2015..وكانت هذه النسبة تتجه لتكون في حدود %75.2 أي بانخفاض بخمس نقاط ..ولكن شاءت المقادير أن تجري حملة الاعتقالات التي شملت بعض بارونات التهريب أثناء القيام بعملية سبر الآراء فكانت نصف العينة قبل الإعلان عن الاعتقال الأول والنصف الثاني بعده والفرق كبير ولافت إذ سجلنا في اليوم الثاني تراجع التشاؤم بـ14 نقطة (%61.2) لتكون بذلك إحدى أفضل النسب المسجلة منذ أوت 2015..

معدل نسبة التشاؤم بالنسبة للعينة بأكملها كان في حدود %69 ولكن الواضح انه لو تم تأخير العمل الميداني بيوم واحد لكنا في مستوى %61 كما أسلفنا

والطريف في الأمر أن القاعدتين الانتخابيتين لحزبي النهضة والنداء تردان الفعل بنفس طريقة التونسيين إذ نزلت نسبة التشاؤم عند الندائيين في يوم واحد بحوالي 16 نقطة وكذلك بالضبط بالنسبة للنهضويين ..

ونفس هذه الظاهرة نلحظها في نسب متقاربة عند كل الجهات والفئات الاجتماعية والعمرية والتعليمية والجندرية كذلك ..فموجة الأمل قد عمت الجميع رغم بقاء التشاؤم هو الغالب عند التونسيين وذلك لارتباطه بعناصر معقدة ومتظافرة لا يمكن لعملية واحدة مهما كانت جسارتها وايجابيتها أن تغير كل المعطيات رأسا على عقب..

نعود إذن للحديث عن المعدلات العامة لنسبة التشاؤم لنرى أنّها منخفضة إلى حدّ ما بالشمال الغربي (%63.5) مقابل ارتفاعها بالجنوب الغربي (%76.5) .. والتشاؤم على أشده بالنسبة للطبقة الشعبية (%80.2) بينما هو دون ذلك بكثير عند الطبقة المرفهة (%57.8) ولعلها هذه هي المرة الأولى الذي يكون فيه الانتماء الاجتماعي بمثل هذه التمايزات إذ لم يكن في العادة عاملا محددا في تباين نسب التشاؤم من عدمها..أما البعد الجندري فهو غير محدد هذه المرة مع كون النساء أقل تشاؤما نسبيا من الرجال (%67.4 مقابل %70.1)

لقد كان عامل السنّ هو العامل الأكبر في التمايز في هذا الشهر فالشباب (ما بين 18 و25 سنة ) متشائمون جدّا (%84.3) بينما من تجاوزوا الستين غلب عندهم التفاؤل على التشاؤم ..أمّا المستوى التعليمي فلم يكن ذا بال في التمييز هذه المرّة ..

رئيس الحكومة اكبر مستفيد
ارتفعت نسبة الرضا على أداء رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأكثر من 13 نقطة في شهر واحد لتنتقل من %54.6 إلى %68 ولكن لو لم تكن حملة الاعتقالات في صفوف بارونات التهريب ولوبيات الفساد لكانت هذه النسبة اقل بكثير إذ لم نتجاوز يوم 24 ماي (قبل الإعلان عن أول اعتقال ) سوى %61.6 اي بارتفاع مقارنة بالشهر الفارط بسبع نقاط فقط ولكن هذه النسبة قفزت في اليوم الثاني إلى %76 بما يفيد الربط المباشر بين الارتياح الذي عم المواطنين اثر هذه الحملة وانعكاسها ايجابيا على رضاهم على أداء رئيس الحكومة ..في حين بقي رئيس الجمهورية مراوحا نفس المكان بين 24 و25 ماي وبمجموع رضا سلبي (%41.3) رغم تحسنه الطفيف خلال هذا الشهر (زائد %3.3)

أي أن عموم الناس لا يرون من فضل يذكر لرئيس الجمهورية في هذه الحملة رغم كونه كان داعما لها منذ بداية الإعداد لها ولكن هذا مازال خافيا على الرأي العام ..

رئيس الحكومة يعود إلى أعلى مستويات الرضا عن أدائه الذي حققه في مارس الماضي (%68.9) بينما يكتفي رئيس الجمهورية بالحدّ النسبي من تدهور هذه النسبة خلال الأشهر الفارطة

تقييم التونسيين لحرب يوسف الشاهد على الفساد
عندما نسال التونسيين عن موقفهم من حملة الاعتقالات التي طالت الحيتان الكبيرة للتهريب والفساد نجد ان الغالبية الساحقة تساندها (%91.7) ومن بينهم %82.1 يساندون بشدة وهنالك فقط %5.7 يعارضون حملة الاعتقالات هذه ومن بينهم %4.4 يعارضونها بشدة..

والواضح إننا لسنا أمام تونسيين يتعاطفون مع المعتقلين بقدر ما نحن أمام تونسيين يشكون في الدوافع الحقيقية لهذه الحملة ..

وهذا ما يتضح بوضوح مع السؤال حول صدق نوايا هذه الحملة إذ نرى أن أغلبية طفيفة فقط (%52.8) تعتبرها حملة صادقة هدفها محاربة الفساد بينما يعتبر %38.4 من المستجوبين أن هدفها هو « تسكيت « الرأي العام ليس إلا..

وفي هذا السياق نجد أن القاعدة الانتخابية النهضوية هي الأكثر تشككا في صدقية هذه الحملة (%45.2) بينما تتناغم معها القاعدة الندائية كثيرا (%59.8)..

ولكن رغم هذا فالغالبية الساحقة تساند رئيس الحكومة في هذه الحملة (%93.6) من بينهم %81.2 يساندونه بشدة ولا يعارضه فيها سوى %5.2 من بينهم %3.5 يعارضونه بشدة..

خلاصة القول إن حملة الاعتقالات على رموز التهريب والفساد قد أثرت بصفة كبيرة جدّا وايجابيا على معنويات التونسيين إذ من النادر للغاية أن نسجل تحولا بـ 14 نقطة كاملة في يوم واحد.. وان حصل ذلك فلان التونسيين يعتبرون أن الفساد قد نخر البلاد وأنهم يئسوا من قدرة السياسيين على دحره ..وهذا ما يفسر تفاعلهم الايجابي للغاية مع حملة الاعتقالات والارتفاع غير المسبوق لأسهم يوسف الشاهد..ولكن حذار من الإحباط مجددا إذا ما اعتقد التونسيون بأن هذه الحملة غير جدية وأن المراد بها تسجيل بعض النقاط ليس إلا..

ولكن ورغم كل هذه التخوفات المشروعة فإنّ الغالبية الساحقة من التونسيين هي مع رئيس الحكومة في حربه على الفساد وكلّها تكرر الشعار « إمّا الفساد وإمّا تونس ونحن اخترنا تونس ..»

غدا :

الثقة في السياسيين وأولويات الحكومة
وتقييم التونسيين
لمختلف مؤسسات وهياكل البلاد

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115