نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل لـ«المغرب»: لوبيات الفساد اخترقت مفاصل الدولة ومؤسساتها

• أحزاب الحكم لا تريد أن تتحمل مسؤولية الفشل
• آسف أن يكون في بلادي وزير (ناجي جلول) بهذا الشكل

حاوراه زياد كريشان وحسان العيادي
يقف الاتحاد العام التونسي للشغل في قلب الاحداث الوطنية اليوم، لما له من ثقل يحدد مصير جملة من الملفات الشائكة، منها ملف وزير التربية وملف الاصلاحات الكبرى وموقفه من حكومة الشاهد وحدود دعمه لها، هذه الملفات كانت محور حوار اجرته الـ«المغرب» مع الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي كشف فيه عن تصورات المنظمة الشغيلة للاصلاحات وموقفها من امكانية الرفع في سن التقاعد واجراء جملة من الاصلاحات تمس من الوظيفة العمومية.

• كيف يرى الاتحاد الاحتجاجات الحالية في الكاف وتطاوين والإضرابات الأخيرة؟
اود ان انطلق من وضع الكاف، التي نعلم انها ولاية حدودية تعاني من غياب التنمية وفرص العمل، فباستثناء الوظيفة العمومية ومعمل فريب ومعمل اسمنت ومعمل الكابل الحالي فمعمل ام الكليل للاسمنت الذي بات رمزا للمدينة، وله طاقة تشغيلية تضاعفت بعد الثورة لامتصاص نسبة من البطالة في الجهة، هذا المصنع وضعيته متدهورة، فهو لم يطور من تكنولوجيته، من ذلك انه لليوم يشتغل بالفحم الحجري، مما أدى إلى ارتفاع التكلفة في ظل قطاع تنافسي يخضع لقاعدة العرض والطلب، وفي ظل تحرير الأسعار في قطاع البناء ووفرة في إنتاج الاسمنت لم يستطع المصنع ان يوفق في توازناته المالية. وضعية المصنع تتطلب اليوم نظرة شاملة للإصلاح.

• الوضع الحالي في الكاف، الأزمة تتعلق بمصنع لـ«الكابل» على ملك خواص؟
الدولة لديها مسؤولية في ظل ركود اقتصادي وعدم إقدام رأس المال الوطني الحقيقي على الاستثمار، فالوطنية ليست شعارا بل إقدام وتضحية من اجل البلاد حينما تكون في حاجة اليه، هذا بالإضافة إلى عزوف المستثمر الأجنبي في ظل وضع سياسي وتراكمات منذ سنوات وآفة الارهاب التي تعاني منها كل المجتمعات.

• اين تكمن مسؤولية الدولة؟
لو هيأت الدولة بنية تحتية ووفرت كل ظروف العيش الكريم، لشجعت المستثمرين والكوادر على التوجه للجهات الداخلية عوضا عن غياب كل الخدمات فيها مما يحول دون تسويق الجهة كفضاء جيد للاستثمار. كما ان موقع الكاف كظهر لتونس بحكم موقعها الحدودي يفرض على الدولة تحمّل مسؤوليتها، اضافة الى ان الأراضي الفلاحية الشاسعة فيها لم تستغل كما يجب لتحقيق انتاج فلاحي يساعد على الضغط على الأسعار. وهنا مسؤولية الدولة ان تنهض بقطاع الفلاحة باعتباره قطاعا واعدا في التشغيل وعلى الدولة ان تشجع عليه.

• لكن الازمة معمل الكابل؟
هذا النوع من المصانع له قدرة تشغيلية كبيرة جدا تصل الى 4000 عامل، كنا نأمل ان يوفر مصنع الكابل بالكاف عددا مقاربا لبقية المصانع المنتشرة في الولايات الأخرى التي يتجاوز معدلها 3000 موطن شغل، لكن لعدة أسباب منها الإرهاب وغياب البنية التحتية والحد الادنى للمرافق العمومية لم يتطور المصنع وحافظ على طاقة تشغيلية ضعيفة منذ انطلاقه مما ولد عزوفا لدى المستثمر.

• وماذا عن تطاوين؟
في تطاوين لا يوجد إلا الشركات البترولية وبعض المرافق العمومية، فيما يغيب الاستثمار كليا، ونعتقد ان تغيير هذا الوضع يفترض ان يقع تخصيص جزء من الاداءات الموظفة على الشركات البترولية لفائدة الجهة للنهوض بها، ونحن بدعوتنا هذه لسنا مع القول باحتكار الثروات لصالح الجهة بل نرى انه من التضامن الاجتماعي ان يخصص جزءا من الاداءات لجهة لتحسين واقعها وهذا في إطار دولة موحدة.
لكن للأسف كل الحكومات منذ الثورة وبدرجات متفاوتة هي من صنعت الازمات وعجزت عن إدارتها مما أدى الى ما نحن فيه.

• كيف ذلك؟
في الحملات الانتخابية يقع رفع سقف الوعود الزائفة نتيجة المراهقة السياسية او عدم المام بكيفية إدارة الدولة فوعد المساكون اليوم بالسلطة وهم من المتحمسين بان يشغلوا كل العاطلين وان يقع تغيير واقعهم 180 درجة بين عشية وضحاها، وهذا لم يقع مما خلق الاحتقان والخطر الكبير هو غياب من يؤطر المجتمع من منظمات وأحزاب سياسية يفترض أنها هي من يؤطر، لكن الرأي العام فقد ثقته فيها. اذ بتنا نرى كل يوم حزبا من كل حدب وصوب إضافة الى اعتماد الأحزاب على المخاتلة السياسية خاصة المشاركة في الحكم التي لا تريد ان تتحمل مسؤولية الفشل. هذا بالإضافة الى ان الخطر الحقيقي اليوم هو ان الأجندة الوطنية غير ممسوكة من الدولة.

• من يمسكها؟
في اعتقادي هناك أناس آخرون في الصف الثاني اخترقوا اجهزة الدولة ويسيرون دواليبها باعتماد الفتنة.

• نعود إلى التوصيف الذي كنت تقدمه، هناك انطباع بأنه في ظل الحلقة المفرغة يتحمل الاتحاد جزءا من مسؤولية تدهور الوضع؟
هذا متداول في ظل محاولات شيطنة الاتحاد واتهامه بانه يضع العصا في العجلة.

• هذا الانطباع ليس لدى السياسيين إنما لدى جزء من الرأي العام؟
هذا حقهم فمن ينتقدك هو من يحبك وينتظر منك ان تلعب دورا كبيرا وان تكون منقذا ومساهما في إنقاذ البلاد في الأزمات، هذا لا يزعجنا.
سأعود لما وقع في تطاوين، ان ما يحدث هناك تجاوز الاتحاد الجهوي، فالاحتجاجات والإضرابات المنظمة تمثل نسبة ضعيفة امام التحركات والاحتجاجات غير المنظمة، التي قد تطرح سؤالا بشأنها ان كانت عفوية او منظمة بفعل فاعل، وهنا نحن لا نعلم تحديدا كل شيء نسبي، فمن حق الناس ان يحتجوا بسبب التهميش وقد تكون هناك غايات سياسية قد تطرأ هنا وهناك.

الموجود اليوم في تطاوين ان المشكل انطلق في شركة بترولية كندية ارادت تسريح 13 عاملا نتيجة انخفاض سعر البترول، ونحن قلنا انه لا يمكن ان يقع التخلى عنهم هكذا وهم ارباب عائلات، فعقدنا جلسات حوار وتوصلنا الى بعض الحلول ومنها توزيعهم لمدة سنتين على بعض مؤسسات فقط بقيت نقطة الفارق الكبير في الاجر هي التي نبحث عن حلها، ونحن نبحث عن تجاوزالمشكل وشخصيا تحدثت مع سفيرة كندا حينما زارت مقر الاتحاد واتفقنا على لقاء مع الرئيس المدير العام للمؤسسة البترولية لنجد حلا في تقليص الفارق في الاجر، في ظل توازنات تراعي الطرفين.

هذا بالإضافة إلى أزمة مجموعة بوشماوي لخدمات المنشأة النفطية، وقد توصلنا قبل المؤتمر إلى حلّ الأمر مع المجموعة بان يحال ملف من لهم تجاوزات قانونية على القضاء وان يعالج ملف البقية الذين يشتغلون في المؤسسة ولكن وقع التحايل عليهم، بإدراجهم في قائمة موظفي شركات مناولة والحال أنهم مرسمون في المؤسسة.

توصلنا هنا الى اتفاق لكن صاحب المؤسسة تملص منه، كنا نستطيع ان نعالجه بالتفاوض لكن الوضع الحالي في الجهة لا يسمح. خاصة وان السلطة المحلية ساهمت بشطحاتها السياسية في خلق التوتر والغضب وبات الجميع يعتبر ان السلطة لن تحقق له مطالبه إلا بالاحتجاج، إذ سبق وان أغلقت مجموعة من الأهالي في الولاية الطريق احتجاجا على عدم إدراج انتصاب مقر بلدية في منطقتهم فما كان من الوالي إلا أن غير مكان مقر البلدية واستجاب لهم مما خلق توترا إضافيا.
في ظل هذا الخطأ القاتل بات الكل يتحرك لتحقيق ما يطالب به والكل توجهت أنظارهم الى الاتحاد، ونحن لم نتدخل إلا بهدف تأطير الأمور وتنظيمها في ظل ثقة المجتمع فينا، هذا هو الوضع في الجهة.
نحن نلعب دورنا الوطني منذ الاستقلال، وساهم زعماء نقابيون وسياسيون نبذوا ذواتهم من اجل تحقيق حلمهم بالدولة المدنية، وهذا هو الفرق بين سياسيي الامس واليوم.

• نعود الى إشارتك للصف الثاني، الذين اخترقوا أجهزة الدولة؟
هؤلاء اسميهم مصاصي الدماء، الذين لا انتماء لهم لتونس إلا البحث عن الربح الوفير والنهب.

• لماذا لا تقدم أسماء؟
اقدم لك رقما وهو 500 مليون دينار، هي قيمة البضائع المهربة في صنفين، التبغ والنفط، ووفق الارقام التي لدي عدد المهربين لا يتجاوز200 شخص.

• هؤلاء لا يتدخلون في القرار السياسي للدولة انت تشير الى صف ثاني يقرر؟
يجب ان نبحث عنهم.

• انت حددت موقعهم؟
صف ثاني يدير الأمور من الخلف

• لماذا لم يقف في وجههم الاتحاد؟
سنعمل على جميع المستويات لنقف ضدهم، وسنكون صريحين أمام شعبنا

• هل ستشيرون إليهم بالأسماء، الإشكال في تونس ان الجميع يعلم وجود الفساد لكن لا احد يسميهم؟
هناك سبعة أشخاص وقع القبض عليهم في 2014 اين هم الان ؟

• أطلق القضاء سراحهم...
نحن نحترم القضاء والمؤسسات. لكن اقول ان هناك لوبيات اخترقت مفاصل الدولة ومؤسساتها. الفساد منظومة كاملة متكاملة.

• هل لديك انطباع بان رئيس الحكومة الحالي له تصميم وإرادة على محاربة الفساد؟
التصميم والإرادة أمر إيجابي لكن محاربة الفساد تتطلب فعلا وإرادة وعقلية وإمكانيات وأساسا ثورة مجتمعية حقيقية ضد اللوبيات النافذة.

• هل لدى الحكومة هذا التصميم أم أن لها فقط خطاب سياسي ؟
يمكن القول ان لديها الاثنين، فمن جانب هناك الخطاب المعد للتسويق السياسي، ومن جانب أخر هناك شيء من الإرادة وطموح الشباب لمقاومة الفساد، لكن الأمر اقوى من رئيس الحكومة بكثير، فان لم يكن لديه سند سياسي من الائتلاف الحاكم في هذا الاتجاه لن يستطيع تحقيق الكثير.

• انت تتصور انه لو وجد دعما من النهضة والنداء ستتغير الامور؟
لو ابتعدوا عن اعطاء التعليمات والتهديدات المباشرة بالمواقع سيقع التقدم.

• هل تشرح اكثر؟
انا قلت في العديد من المناسبات وفي المكاتب المغلقة، لو كان لدينا هيئات رقابة مستقلة باتم معنى الكلمة بعيدة عن التاثيرات والتعليمات والمحسوبية ونترك لها يدها مطلقة للقيام بعملها لتقدمنا بصفة جدية في مكافحة الفساد.

• لدينا هيئة مكافحة الفساد؟
لا اتحدث عن هذه الهيئة، أتحدث عن الهيئات الإدارية والخاضعة لرئيس الحكومة، منها دائرة المحاسبات. لدينا عدّة هيئات مشتتة، كل هيئة في وزارة، والحال انه ينبغي ان يكون لنا هيكل مخصص بها يخضع لرئيس الحكومة وله الاستقلالية التامة مع توفير كل الإمكانيات البشرية والمادية بل وجعل أجورها مضاعفة لحمايتها.

• هل اقترحت هذا على رئيس الحكومة؟
اقترحته عليه كما اقترحته على رئيس الدولة في مناسبة

ماذا كان ردّه؟
يقول انه جاد في محاربة الفساد، لكن هذا يتطلب الإرادة والدعم الحقيقي من أحزاب الائتلاف الحاكم، وان كانوا يرفعون شعار المصلحة الوطنية فعليهم نبذ ذواتهم.

• نسمع في الإعلام على الأقل أنّ حزب نداء تونس اشترى نوابا في المجلس فهل تعول عليه في الحرب على الفساد؟
والآخر ماذا عنه

• تقول ان النهضة مورطة أكثر من النداء؟
لم اقل هذا.

• ليلى الشتاوى نائب عن نداء تونس في المجلس قالت ان حزبها اخترق من المافيا فهل تعتقد اليوم انه يمكن للنداء إن يدعم الحكومة في الحرب على الفساد، وليس الحرب على صغار المهربين؟
من يسرق البيضة يسرق الدجاجة، واقول ان فطنة أمننا وتجربته قادران في 24 ساعة على ان إلقاء القبض على كبار المهربين ورؤوس الفساد. ان تونس في خطر ما لم يقف ابناؤها لها.

• هل ستدعمون هذه الحكومة في حربها على الفساد في ظل خلافات بينكم على الاصلاحات الكبرى؟
الاتحاد يدعم الحكومة اذ كانت تتجه في مسار صحيح لانقاذ البلاد ومقاومة الفساد حقيقة ودون استثناء، فالفساد استشرى في ظل عقلية مجتمع يكرس مقولة «نفسي نفسي»، وهناك بعض الهيئات كدائرة المحاسبات، والجيش والأمن والديوانة والقضاء يجب ان نمنح أفضل الأجور لحمايتهم من أنفسهم وحماية البلاد بهم. فلا يعقل أن تطالب عون امن في وضعية هشة ان يقاوم الفاسدين، لن يكون ذلك ممكنا إلاّ مع من رحم ربك وكان من أصحاب المبادئ التي لا تتزعزع، هذا واقع لماذا نهرب منه.

• في الوقت الراهن لا يمكن للدولة الرفع في الاجور فما هو الحل المقترح منكم؟
الحلول عديدة، ولو طرح ترفيع في اجور هياكل مختصة يكون عليها ان تنقذ البلاد واقتصادها بتحفيزها ،سنكون أول من يدعم هذا التوجه.

• من نوع «فرق خاصة» بمحاربة الفساد؟
من هذا النوع، مع تقديم أفضل الأجور وكل الصلاحيات لمقاومة الفساد
اليوم لا يمكن للدولة ان تتقدم دون عدالة جبائية، اليوم الموظف فقط هو الذي يدفع الاداءات.

• في محاولة الحكومة تغيير المنظومة الجبائية للمحامين والأطباء لم تكونوا داعمين لها فعليا...
من قال هذا؟ ان بياناتنا تقول العكس.

• بياناتكم تقول أنكم مع العدالة الجبائية دون أنّ يكون لكم موقف من بعض المهن للإجراءات الجبائية؟
ماذا تريدنا ان نفعل إن كانت الحكومة مرتعشة وتراجعت عن موقفها؟! الاتحاد يكون سندا لها ان كانت في تمشي إصلاحي حقيقي فيه عدالة فعلية. نحن ضحينا في اتفاق الزيادة في الأجور وتراجعنا لأول مرة في تاريخ الاتحاد عن اتفاق صدر في الرائد الرسمي، لقد قمنا بهذا لكن بشروط منها أن يضحي الجميع، وان يساهم كل بمقدوره، ووضعنا ضوابط أساسية بموجبها تتحسن الأوضاع. وسيكون لنا موعد مع الحكومة قريبا بشان الاتفاق ولن نقبل ان يقع التراجع عنه تحت شعار لا توجد أموال في الخزينة، فما بيننا هي جملة الضوابط المتفق عليها، لن نقبل ان يتحمل الموظف وحده النتائج.

• الحكومة تقول ان الإجراءات المتخذة ومنها 7.5 % حققت نتائج أفضل من المتوقع؟
نتمنى ألاّ يتراجعوا عما قالوه، وان لا يكون هذا بهدف التسويق الإعلامي، فالاتحاد لا يريد الا ان تكون خزينة الدولة منتعشة، لكن في وقت سابق مع حكومة الحبيب الصيد قيل ان حكومته وجدت مشاريع معطلة وميزانيتها موجودة وتقدر بـ10 مليار دينار، لكن مع حكومة الشاهد قيل ان هذه المبالغ على الورق فقط، هذا يضرب مصداقية الدولة.

• هل ستلتقون وفد صندوق النقد الدولي؟
سنلتقي بهم يوم 13 من الشهر الجاري، كما سبق وان التقينا بهم وتحدثنا.

• ماذا ستقولون لهم؟
أن هناك مغالطة كبيرة في ملف كتلة الأجور، فصندوق النقد الدولي أمضى على إعلان أسلو في 2010 مع منظمة العمل الدولية الذي ينص على استحقاقات الحماية الاجتماعية ومقومات العمل اللائق، اي ظروف عمل طيبة واجر محترم.
وإننا كاتحاد لدينا مسؤولية اجتماعية كما الدولة، بموجبها وقع إنهاء نظام المناولة، وإدماج من يشتغلون ضمن آلياته في الوظيفة العمومية. التبعات المالية لهذا الأمر ألحقت بكتلة الأجور، بينما في السابق كان لها باب خاص بها في الموازنة.
كما قلنا ان 12 الف موظف تعرضوا في السابق لمظالم في فترة بن علي ووقع رفع المظلمة عنهم وعادوا لوظائفهم بمقتضى العفو التشريعي العام فكان لعودتهم تأثير في كتلة الأجور، هذا بالإضافة لعمال الحضائر ما قبل الثورة، الذين وقعت تسوية وضعيتهم، كما تسوية أشكال العمل الهش، وقع تسوية وضعية هؤلاء وإدماجهم في الوظيفة العمومية.

• وماذا عن الزيادة في الأجور؟
موجودة، لكنها كانت نتيجة تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين، التي بلغت نسبتها ما بين 37 % و38 % خلال هذه السنوات الستة وليس كما تقول الحكومة ، وهنا لدينا خلاف حول كيفية احتساب النسب، فالجهات الرسمية تعتمد معايير قديمة تجاوزها التاريخ.

• انتم تريدون إقناع صندوق النقد الدولي ان ارتفاع كتلة الأجور هو نتيجة عوامل موضوعية؟
نحن نقول لهم انه لا ينبغي اشتراط عدم زيادة كتلة الأجور، بل الوصول إلى حل معقول منه ان ترتبط كتلة الأجور بالنمو، ولكن في ظل مقاييس وضوابط في ملف النمو، تحدد مسؤولية الاتحاد ومسؤولية السلطة والدولة.
نحن فسرنا لهم ان العائق في كتلة الأجور متأت من عدة عوامل تجمعت، وان تطور كتلة الأجور هو استجابة لمبادئ إعلان اسلو الذي التزم به الصندوق.

• يبدو أنكم لم تنجحوا في إقناعه؟
لا أقنعناه.

• لو أقنعتموه لقام بصرف القسط الثاني والثالث من القرض
الإشكال بالنسبة للصندوق ليس في كتلة الأجور فقط، بل هو يعتبر انها عنصر من العناصر.

• لكن الصندوق يعتبر ان الاتحاد من العناصر المعيقة للاصلاح؟
هم يقولون لمن يستمع أليهم ما يريد سماعه، فلنا يقولون شيئا وللحكومة شيئا آخر. نحن قلنا لهم أننا لا يمكن أن نتحمل وحدنا التضحية. وقلنا ان تحسين نسبة النمو وانعاش خزينة الدولة له عدة حلول منها مقاومة التهرب الجبائي. فاليوم من غير المعقول ان تقدم الدولة مشروع قانون لمجلس النواب ضد التهرب الجبائي لكن يقع تعديله من قبل اللوبيات المتحكمة والنافذة في الدولة، ودليل ما أقول هو ما حدث لمشروع حكومي يتعلق بعقود العقارات. مشروع القانون يقترح ان العقود المسجلة في مكاتب المحامين، والتي اغلبها لا يقع تسجيلها في دفتر خانة، تسلط عليها عقوبة مالية تقدر بـ1 % من قيمة العقار، في المجلس وقع تعديل قيمة العقوبة وأصبحت 10 دنانير.

• هذه لوبيات من نوع أخر؟
اللوبيات موجودة في المنظومة التشريعية، وهناك في المجلس من المحامين ومن الأطباء ورجال الأعمال من ينزع جبته السياسية وينتصر لقطاعه على حساب دوره النيابي والسياسي، وهنا يطغى ما هو ذاتي على ما هو مصلحة عامة.

• نعود إلى الإصلاحات الكبرى، صندوق النقد الدولي يطالب بإصلاحات في الوظيفة العمومية وخوصصة بعض المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم وسن التقاعد، هل الاتحاد موافق على هذه الإصلاحات خاصة ان موافقتكم تعتبر عنصر من عناصر النجاح؟
هذا صحيح، لكن انا لا أوافق صندوق النقد على كل ما يقترحه فالاتحاد ليس مسؤولا عن الوضع الحالي. لكن دعني اقول اننا وفي ملف الصناديق الاجتماعية نحن لدينا قناعة بأنه لا يمكن ان يطول أمد وضعيتها وفي تصورنا يجب ان ننتهي منها قبل نهاية جوان القادم، وقد اعددنا ملفاتنا.

• ماهو تصوركم في هذا الشأن؟
تصورنا يختلف عن تصور الحكومة جزئيا، فالحكومة تتحدث عن ترفيع سن التقاعد وزيادة المساهمة في الصناديق، والحال أنه في ظل الظروف الحالية الصعبة التي لا تشجع على الاستثمار الخاص سيكون لهذه الزيادة تأثير سلبي.نحن مع الأخذ بالتجارب المقارنة للوصول لحل يناسب الوضع التونسي. ومن الحلول تخصيص اداءات على التبغ والخمور توجه للصناديق الاجتماعية في اطار الخدمة الاجتماعية لهذه القطاعات.
من جانب آخر علينا ان نفرق بين التغطية الاجتماعية والحماية الاجتماعية، اليوم الصناديق الاجتماعية حادت عن دورها ولم تنجح في ملف الحوكمة في الجانب المالي والبشري.

• نعود للرفع من سن التقاعد ما هو موقفكم؟
هناك ضوابط في هذا الملف، فالرفع هكذا لن يكون حالا، اظن انه من الأفضل أن يقع التعامل مع الملف بمرونة، منه ان يكون الترفيع في سن التقاعد اختياريا لمن هم على مشارف التقاعد ألان، على ان يكون إلزاميا للملتحقين الجدد او للجيل الأوسط في الوظيفة العمومية، هؤلاء هم أنفسهم يرغبون في أن يقع الترفيع في سن التقاعد. هذا تصور من جملة من التصورات تشتغل عليها لجنة للوصول إلى حلول بشأن سن التقاعد في النهاية، لحل معضلة الصناديق الاجتماعية، التي اشير الى ان نســبة 60 % ممن يتحصلون على جرايات التقاعد في القطاع الخاص اليوم يتحصلون على مبلغ اقل من الأجر الأدنى، وهناك 120 ألف متقاعد في صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي يتحصّلون على جراية اقل من المنح المخصصة للعائلات المعوزة. هذا رقم له دلالات كبرى.
ان ملف الصناديق الاجتماعية معقد ونحن نشتغل عليه منذ 1990، في حين ان كل وزير شؤون اجتماعية يأتي إلينا برؤية وفلسفة كأنه حكيم زمانه.

• ماذا عن خوصصة المؤسسات العمومية؟
بالنسبة للقطاعات الحيوية والإستراتيجية فلا سبيل الى المساس منها، اما المؤسسات العمومية في القطاعات التنافسية فننظر الى كل مؤسسة على حدة، فان وجدنا انه بمقدورنا إصلاحها نقوم بها معا.

• اي انتم لستم ضد الخوصصة في القطاعات العمومية؟
نحن ضد الخوصصة في المطلق كمفهوم، لكن نحن مع النظر الى كل مؤسسة على حدة وكل مؤسسة لها حلولها الخاصة.

• لماذا يبدو الاتحاد ضد قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص؟
نحن ضده الى حين تحديد مفهومهم للشراكة بين القطاع العام والخاص، نحن لسنا ضد القانون في المطلق لكن في كيفية تطبيقه وما الإضافة التي سيقدمها المستثمر؟ أقدم مثلا لسبب رفضنا الآن، هناك مستثمر ايطالي يتهافت عليه السياسيون ومنهم عبد الفتاح مورو، يريد شراء 49 % من أسهم شركة الفولاذ بـ50 مليون دينار، فهل يعقل هذا ؟! والأسوأ ان هذا المستثمر يريد ان يسدد هذا المبلغ القليل عبر قروض من البنوك التونسية!! لهذا رفضنا ووقفنا وأقنعنا رئيس الحكومة وكل الأطراف بموقفنا.
نحن ضد هذا النوع من الشراكة، نحن نقبل بشراكة تقدم الإضافة للاقتصاد الوطني وتخلق فرص استثمار أخرى.

• هل لديكم علم بنية الحكومة الرّفع في أسعار المواد الأساسية بعد رمضان؟
نحن لا علم لنا بها، واتفاقنا مع الحكومة ينصّ على عدم المساس بالمواد الأساسية هذه السنة.

• بعد ايام يحل موعد 15 افريل والواضح ان الناجي جلول سيظل في وزارة التربية، ما هو موقف الاتحاد؟
نحن لم نحدد سقفا زمنيا، من قال ان 15 افريل هو السقف الزمني لملف جلول.

• هو تاريخ انعقاد الهيئة الإدارية لنقابة التعليم الثانوي...
هي هيئة إدارية مفتوحة لها مطالب مهنية في الشباب والرياضة.

• هذا لا يجيب عن سؤال، بقاء جلول في الوزارة وامكانية اخذ قرار تعليق الدروس؟
نحن نحترم مؤسستنا ولها سلطة اخذ القرار، نحن نؤمن بالحوار

• تعتبر ان تعليق الدروس مشروع بعد تاريخ 15 افريل؟
نأمل ان يكون هناك حوار هادئ وهادف يمكننا من تجاوز السنة الدراسية التي نرغب ان تكون ناجحة وان تكون الادارة هي من ينتصر.

• تعلم انه لا توجد نية لإقالة جلول يوم 15؟
لكل حادث حديث. نحن لا نستبق الأحداث

• هل قرار تعليق الدروس وارد؟
نأمل أن نتجنب كل التوترات. ان إنجاح السنة الدراسية شغلنا الشاغل ولكن تقاسم التضحيات يجب ان يكون على الجميع.

• وماذا عن الأزمة الداخلية الخفيفة؟
مرّت بسلام

• لقد وقع التلويح باستقالة جماعية في جامعة الصحة؟
المعني اصدر بيانا قال فيه انه لم يلوح بذلك، وأقول أن هناك ضوابط قانونية من يلتزم بها له مكانه في الاتحاد ولا احد يمكنه ان يتكبر على الاتحاد.

• الواضح انه تم ضبط وتاطير نقابة التعليم الثانوي لعقلنة مطالبها؟
ساعدنا على ذلك وعي المربيين والمدرسين وروحهم الوطنية، وعدم رغبتنا ان يقع جرنا الى معركة مع مجتمعنا كما يرغب البعض، نحن في عمق المجتمع نحمل الثقل عنه، ولكن ليس بأي ثمن ومهما كانت التكاليف كرامة المربين واصلاح المنظومة التربوية هو شغلنا الشاغل.

ولم أكن لاعتقد يوما انه سيكون لنا وزير في البلاد بهذا الشكل وهذا التفكير، وانا احترم جميع الذوات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115