تواصل لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية مناقشتها لمشروع القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة المحال منذ 27 جويلية 2016، مع استئناف أشغال مجلس نواب الشعب بداية من غد الاثنين، على أمل أن يتم الانتهاء منه في القريب العاجل باعتباره يحظى باستعجال النظر. أعضاء اللجنة اقترحوا ضرورة إيقاف جلسات الاستماع مع ترك المجال مفتوحا لأي طرف أراد التدخل من خلال تقديم مقترحات كتابية وذلك تجنبا لمزيد إضاعة الوقت، حيث قال رئيس اللجنة عماد الخميري أن الإستماعات أخذت حظهّا، لذلك على اللّجنة المرور إلى مناقشة القانون فصلا فصلا حتى يتم عرض المشروع على الجلسة العامة في أقرب الآجال، مقترحا في ذلك حضور وزارة العدل وخاصة في ما يعنى بالجانب الجزائي.
سحب تنقيح المجلة الجزائية
لكن في المقابل، فقد طالبت اللجنة بضرورة دعوة الوزارة لسحب مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة الجنائية المعروض على أنظار لجنة التشريع العام الذي يضم فصلا وحيدا «تلغى أحكام الفقرتين الرابعة والخامسة من الفصل 227 مكرر والفصل 239 من المجلة الجزائية»، باعتبار أن الفصلين يخولان لمن ارتكب جريمة مواقعة أنثى دون عنف سنها دون 25 عاما كاملة أو جريمة مواقعة أنثى دون قوة سنها فوق 15 عاما ودون 20 كاملة أو جريمة الفرار ببنت، الإفلات من العقاب بمجرد زواجه بالضحية. حيث اعتبرت اللجنة ضرورة النظر في الفصل 227 مكرر من قبل لجنة واحدة، أو سحب المبادرة من أنظار لجنة التشريع العام، باعتبار أن هذه الفصول منصوص عليها ضمن مشروع القانون المتعلق بالعنف ضد المرأة، والذي يضبط كافة الإجراءات.
ويأتي مشروع القانون في إطار تفعيل الفصل 46 من الدستور، الخاص باتخاذ الدولة لتدابير كفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة. حيث يضمّ مشروع القانون أحكاما متعلقة بالوقاية وحماية المرأة من العنف وأحكاما أخرى تهدف إلى مراجعة جرائم العنف ضدّ المرأة، بالإضافة إلى تنقيح فصول من المجلة الجزائية خاصّة فيما يتعلّق بالتحرش الجنسي والاغتصاب والاعتداء بالعنف. كما أضاف مشروع القانون جرائم جديدة مثل المضايقة في مكان عمومي وزنا المحارم والتمييز في الأجر على أساس الجنس. مشروع القانون المذكور، الذي يضم 43 فصلا يعتبر من الأولويات القصوى في إطار المساواة بين الجنسين وتدعيم مكانة المرأة في المجتمع، حيث يسعى إلى تحديد كافة أشكال العنف المسلطة على المرأة كالعنف المادي والمعنوي والجنسي، والاستغلال الاقتصادي والتمييز ضد المرأة، وحالات الاستضعاف.
تعريف النوع الاجتماعي
من أهم الصعوبات التي اعترضت مناقشة مشروع القانون ما يتعلق بتعريف مفهوم النوع الاجتماعي، حيث طرح أعضاء اللجنة صعوبة الإلمام بمصطلح النوع الاجتماعي لدى البعض وخاصة منهم القضاة مما سينعكس على الأحكام القضائية، لذلك وجب تعريف هذا المفهوم الفلسفي الشاسع ليتطرق إلى المكانة الاجتماعية والاقتصادية للذات البشرية. ويمكن تعريف النوع الاجتماعي بكونه مجموع الصفات المتعلقة والمميزة ما بين الذكور والإناث، ويتمثل مبدأه الأساسي في تحقيق المساواة في فرص التعليم بين الإناث والذكور وما ينجر عنها من مساواة في فرص العمل والأجر. لكن في المقابل، فقد اعتبرت اللجنة أنه يجب تجنب سن أحكام تشريعية فلسفية والعمل على تبسيط المفاهيم حتى لا يتعرض القاضي لصعوبات في التأويل، خصوصا وأن الإشكال الحقيقي يتمثل في غياب مفهوم النوع الاجتماعي صلب الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية.
لجنة الحقوق والحريات تعاني من عديد الصعوبات في المصادقة على فصول مشروع القانون، فعلى غرار وجود مبادرة موازية لمشروع القانون وتعريف المفاهيم الفلسفية، وهو ما عطل المصادقة على مشروع القانون الذي كان من المفروض أن يتم الانتهاء منه في ظرف شهر منذ الانطلاق فيه، على خلفية الجدل المتعلق بالقرار القضائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بالكاف والقاضي بتزويج فتاة قاصر من مغتصبها، لكن من المنتظر أن تسرع اللجنة من نسق أعمالها خلال المدة القادمة من أجل المصادقة عليه في أقرب الآجال.