لقد نص هذا المرسوم بصفة واضحة بأنه لا يجوز الانخراط في حزب سياسي لكل من يشغل بعض الوظائف الإدارية والأمنية والعسكرية .. «لا يجوز الانخراط في حزب سياسي بالنسبة إلى (...) الولاة والمعتمدين الأول والكتاب العامين للولايات والمعتمدين والعمد» .. والحال أن كل الحكومات قد عينت في هذه المناصب لا فقط متحزبين بل ومقترحين من أحزابهم أيضا !!
وفي هذه الحركة الأخيرة للمعتمدين نلاحظ – مرة أخرى – أغلبية من المتحزبين المعينين وفق الولاءات الحزبية والشخصية وبعضهم ينتمي للوبيات معروفة..
قد تحتج الحكومة بالفكرة التالية : يحجر الفصل السابع على المعتمدين أن يكونوا متحزبين عندما ينصبوا كمعتمدين أي أن لا شيء يمنع متحزبا أن يترشح أو يرشح لمنصب معتمد وعندما يتم تكليفه بهذه المهمة يستقيل من حزبه حتى يكون متطابقا مع القانون..
بداية لا نعلم أن أحدا استقال من حزبه عندما عيّن في هذه الوظائف ..وثانيا فهذا نوع من التحيل على القانون..إذ التنصيص على منع مجرّد التحزب على الولاة والمعتمدين الأول والكتاب العامين للولايات والمعتمدين والعمد قد قصد به المشرع إبعاد العمود الفقري للجهاز الإداري التونسي من الوالي إلى العمدة عن فضاء التحزب والانحياز..
أمّا عندنا نحن في تونس منذ حكومة حمادي الجبالي إلى حكومة يوسف الشاهد (باستثناء حكومة المهدي جمعة التي كانت ملزمة باحترام خارطة طريق الحوار الوطني والتي من بين شروطها التحييد التام للإدارة) فقد أعرضنا عن فلسفة هذا المرسوم وسعت كل هذه الحكومات إلى إرضاء التحالف الحاكم بالمناصب المفصلية في جهاز الدولة..
فلسفة المرسوم قائمة على مبدإ لا نعتقد انه من الحكمة خرقه بأي شكل من الأشكال وهو أنّ البلاد بحاجة إلى دولة محايدة والعمود الفقري للدولة المحايدة هو الهيكلة الإدارية التي.....