والجزيرة جعلت من الاعلام التضليلي خطا تحريريا منذ نشأتها. هل هم كاذبون؟ ينتسب الكذب الى منطق الحقيقة. هم فيما بعد الحقيقة كما كان القدماء يتحدثون عما وراء الطبيعة. هم لا يبالون بالوقائع الدامغة. ولا التأويلات المتعددة للحدث الواحد. ولا العقلانية، مرض النخب. المشاعر هي المقياس الوحيد في زمن ما بعد الحقيقة. هم يتوجهون إلى العاطفة التي تجلب تعاطف العموم وتؤدي للغلبة.
دخلت كلمة ما بعد الحقيقة التي اعتبرت كلمة 2016 في قاموس أكسفورد على إثر انتخاب ترانب رئيسا للولايات المتحدة. هي نعت «يخص أو يصف ظروفا تكون فبها الوقائع الموضوعية أقل تأثيرا في تشكّل الرأي العام من اللجوء إلى العواطف والقناعات الشخصية».
Post-truth : Adjective «relating to or denoting circumstances in which objective facts are less influential in shaping public opinion than appeals to emotion and personal belief».
لنرفع الالتباس، الحقيقة أنواع، ما يهمنا هنا هو يقين الغزالي لكن في الوقائع العينية. لا تعني الكلمة ان الكذب جائز في السياسة (ولا العكس)، أحد مواضيع الفكر السياسي منذ أفلاطون. فالمرزوقي والغنوشي لا يكذبان أكثر من الباجي قائد السبسي حول «هيبة الدولة». ووعودهما ليست أقل فلكلورية. فكل كاذب في السياسة يحتاج إلى أن يؤمن الجمهور بالحقيقة (شرط كذبه). لا. ما يميّز حالة ما بعد الحقيقة هو أن الحقيقة لا تهمّ أحدا اطلاقا. فالرئيس ترانب مثلا لا يكذب كما كذب بوش حول الكمياوي والجرثومي والمزدوج. هو لا يبالي بالحقيقة أصلا. ولا أحد....