ما بعد الحقيقة

ينتسب المرزوقي والغنوشي والجزيرة الى زمن «ما بعد الحقيقة». يكاد يكونون وحدهم دون سواهم. لا يزال المرزوقي يشكك في انتخابات أكتوبر 2014 بعد الاقرار الرسمي والعالمي بنزاهتها والغنوشي يتجرأ بالمطالبة بـ«توبة» الإرهابيين رغم ما يعرف عنه من التواطؤ.

والجزيرة جعلت من الاعلام التضليلي خطا تحريريا منذ نشأتها. هل هم كاذبون؟ ينتسب الكذب الى منطق الحقيقة. هم فيما بعد الحقيقة كما كان القدماء يتحدثون عما وراء الطبيعة. هم لا يبالون بالوقائع الدامغة. ولا التأويلات المتعددة للحدث الواحد. ولا العقلانية، مرض النخب. المشاعر هي المقياس الوحيد في زمن ما بعد الحقيقة. هم يتوجهون إلى العاطفة التي تجلب تعاطف العموم وتؤدي للغلبة.

دخلت كلمة ما بعد الحقيقة التي اعتبرت كلمة 2016 في قاموس أكسفورد على إثر انتخاب ترانب رئيسا للولايات المتحدة. هي نعت «يخص أو يصف ظروفا تكون فبها الوقائع الموضوعية أقل تأثيرا في تشكّل الرأي العام من اللجوء إلى العواطف والقناعات الشخصية».
Post-truth : Adjective «relating to or denoting circumstances in which objective facts are less influential in shaping public opinion than appeals to emotion and personal belief».

لنرفع الالتباس، الحقيقة أنواع، ما يهمنا هنا هو يقين الغزالي لكن في الوقائع العينية. لا تعني الكلمة ان الكذب جائز في السياسة (ولا العكس)، أحد مواضيع الفكر السياسي منذ أفلاطون. فالمرزوقي والغنوشي لا يكذبان أكثر من الباجي قائد السبسي حول «هيبة الدولة». ووعودهما ليست أقل فلكلورية. فكل كاذب في السياسة يحتاج إلى أن يؤمن الجمهور بالحقيقة (شرط كذبه). لا. ما يميّز حالة ما بعد الحقيقة هو أن الحقيقة لا تهمّ أحدا اطلاقا. فالرئيس ترانب مثلا لا يكذب كما كذب بوش حول الكمياوي والجرثومي والمزدوج. هو لا يبالي بالحقيقة أصلا. ولا أحد....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115