في اليوم العالمي للوقاية من الانتحار: مجمع بيت الحكمة ينظّم يوما علميا حول ظاهرة الانتحار بتونس

لماذا تستدعي ظاهرة الانتحار مقاربات عيادية وسوسيولوجية وتاريخية وانتروبولوجية وقانونية؟ كيف تتداخل تلك المطارحات المختلفة من أجل فهم الظاهرة؟ هل من سبل للحد منها؟

إجابة على تلك الأسئلة، نظّم قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بمجمع بيت الحكمة يوم السبت 10 سبتمبر 2016 يوما علميا بالتعاون مع الجمعية التونسية للطب النفسي، والجمعية التونسية لطب نفس الطفل والمراهق، وبإشراف الأستاذة منيرة شابوتوالرمادي رئيسة القسم، والدكتورة فاطمة الشرفي منسّقة اللجنة الفنية لمكافحة الانتحار بوزارة الصحّة.

افتتح الدكتور عبد المجيد الشرفي، رئيس المجمع فعاليات اليوم، حيث نزّل مفهوم الانتحار في الصيرورة التاريخية، مؤكّدا على أنّ علاج هذه المعضلة يمر عبر
جسر معرفة الأسباب المنتجة، كما شدّدت مداخلتا الأستاذة منيرة شابوتو الرمادي والدكتورة فاطمة الشّرفي على ارتباط الظّاهرة بعلل تبرّر تنوّع المداخلات التي تجمع بين الأنتروبولوجيين وعلماء النفس والسوسيولوجيين والأطباء والمؤرّخين والمشرّعين، فالسلوكيات

الانتحارية برأيهما موغلة في
التعقيد نظرا لتعدّد العوامل المؤثّرة، من اجتماعية واقتصادية وسياسية، كما ركّزت الدكتورة الشرفي على «الاضطرابات العقلية» و«الأحداث الصادمة».
و«ضغوطات اليومي» التي أفضت منذ سنة 2011 إلى «تنامي مشكلة الانتحار من جهة، وبروز أشكال انتحارية عنيفة كالانتحار حرقا من جهة ثانية». وأكّدت
لغة الأرقام التي نطقت بها كل المداخلات النسق التصاعدي للأعمال الانتحارية، وهذا ما دعّمه المختص في الطب الشرعي، الدكتور مهدي بن خليل مشيرا إلى

أنّ معدّل الانتحار ما قبل الثورة كان في حدود 1/8 على 100000ساكن، وقد أصبح الآن15. 3 على 100000 ساكن، وتجدر الإشارة إلى أنّ الفئات الأكثر إقداما على الظاهرة حسب الإحصائيات هي الفئات الشبابية، لنستخلص ممّا تقدّم طبيعة الأسباب الرئيسة تلك التي تتعلّق بأزمات ذات علاقة بالمصير المهني وآليات الاندماج الأسري والاجتماعي الخ...فمن الطبيعي أن تترجم الصيغ الانتحارية العنيفة جدا فائض العنف الذي يعتمل في غياهب المنتحرين، ألم يؤكّد أستاذ الإنعاش الطبي أمان الله المسعدي بأنّ الانتحار حرقا بتونس قد تضاعف 20 مرّة منذ 2011؟ ألا تعكس هذه الأرقام المفزعة سياقات تستوجب دراسات علمية ومقاربات فكرية شاملة وعميقة؟ ألسنا بحاجة إلى أيام علمية لتشخيص الأسباب الحقيقية والحلول العلاجية الناجعة؟

لذلك تضمّن اليوم العلمي أغلب الأجناس المعرفية وخاصة الطبية لأنّ الإشكالية عصية عن الفهم الأحادي كما ورد في مداخلة أستاذة الطب النفسي رجاء لبان، التي افتتحت مداخلتها بشعار مألوف لأبير كامو «الانتحار هو الإشكال الفلسفي الكبير» ، ولأنّه على هذه الدّرجة من الغموض تناوله الخبراء والأطباء والكتّاب من زوايا متنوّعة على غرار مداخلة الجامعية نايلة السليني التي قاربت المعضلة من زوايا تاريخية وحضارية مدقّقة في مفاهيم «الاستشهاد» و «شرعنة الانتحار» في الحركات الجهادية وتوظيف الإسلام السياسي للظاهرة، مؤكّدة «وجوب الانتباه إلى أنّ للانتحار أوجها خارجة عن الأنماط التقليدية»، فلا يمكن لقيم الموت أن تتسلّل لسيكولوجيا الناشئة إلاّ في ظل هشاشة منظومة الحق في الحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115