«كارثة ثقافية» في دول «الربيع العربي»: التراث العالمي يحتضر بين تدمير «داعش» الإرهابي و تهريب عصابات الآثار

في مسار عكسي ضد عقارب الحضارة والتقدم ، تصدر «اليونسكو» من مدة إلى أخرى تسمية جديدة لعاصمة منكوبة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر بعد أن استحقت هذه الدول – سابقا - بفضل ثروتها التاريخية وتراثها التليد الإدراج ضمن لائحة

المواقع المسجلة ضمن التراث العالمي ! فأينما حلّ «الدواعش» فإن الخراب يلحق البلاد والعباد والآثار ... مما جعل هذا الإرث الإنساني عرضة للحرق والتدمير والتخريب إضافة إلى تنامي ظاهرة سرقة الآثار والمتاجرة بها في السوق السوداء. وقد وصل الأمر إلى حدّ بيع آثار العراق علانية في الأسواق كما يباع الخضار!

«كارثة ثقافية» هكذا وصفت اليونسكو الواقع الذي آل إليه التراث الإنساني في جل دول «الربيع العربي» خصوصا ومناطق النزاعات والحروب عموما. كما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للعلم والتربية والثقافة أنه لا يزال هناك عدة مواقع أثرية في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» والجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا واليمن ... مازالت آثارها مهددة بالهدمِ والتدمير والتهريب!

سوريا : تدمير أكثر من 300 موقع أثري
في سوريا دفع التراث الإنساني العالمي ثمنا باهظا لاقتتال الفصائل الفلسطينية منذ اندلاع «الثورة» في مارس 2011. واستنادا إلى تقرير الأمم المتحدة في نهاية عام 2014 فإن 300 موقع أثري وقع تدميرها من طرف «داعش» انطلاقا من الآثار الإسلامية في كافة المناطق السورية وصولا إلى المدينة الأثرية الشهير ة عالميا «تدمر»... وإلى اليوم مازال استنزاف الكنوز التاريخية متواصلا، حيث يتربّص الخطر بآثار سوريا متخذا أكثر من شكل: تدمير «الدواعش»، أضرار القصف والحرب، نهب مافيا الآثار ...
وإن استحقت سوريا بفضل تاريخها العريق إداراج 6 مواقع أثرية ضمن لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة، وحلب القديمة، وقلعة المضيق، وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، والقرى الأثرية شمالي وشمال غربي البلاد فإن الحرب الضروس الدائرة هناك عصفت بتراث آلاف السنوات وحرقت تاريخا من الأمجاد وسحقت هوية شعب تمتد على أكثر من 5 آلاف سنة حضارة !

مصر: اعتداء على التراث لم يشهد له مثيل !
إن كانت بلاد الفراعنة موطنا لأقدم الحضارات في العالم إلا أنّ عدم الاستقرار السياسي عاد بالوبال على هذا التاريخ التليد كما بعثر آثار مصر ما بين تدمير وسرقة وتهريب ... ومنذ جانفي 2011 والتراث الإنساني يدفع ضريبة اضطراب المناخ الأمني في مصر إذ أطلق علماء الآثار ‘’صرخة تحذير’’، مؤكدين أن «تداعيات الثورة في ظلّ غياب أمني واندساس عناصر مخربة بين المتظاهرين السلميين أدت لضياع كنوز أثرية وتراث عمراني لم تشهده مصر في أي فترة من فترات تاريخها المجيد.».
وفي هذا السياق صرح «محمد الكحلاوي» أمين عام الاتحاد العام للأثريين العرب أن «ما تتعرض له آثار مصر من تدمير يمثل كارثة بكل المقاييس بعد حرق مجلس الشورى والمجمع العلمي ومبني مصلحة الضرائب ونهب كنوز قصر قازدوغلى (مدرسة على عبد اللطيف) بميدان سيمون بوليفار والسطو على مخازن الآثار بالشرقية والجيزة وتدمير الآثار الإسلامية النادرة ببولاق أبو العلا والتعدي على آثار دهشور ومعظم المواقع الأثرية وعمليات الحفر غير المشروعة والبناء دون ترخيص بجوار المواقع الأثرية». وهكذا يهان التاريخ على أيدي جهلة التاريخ في مصر... «أمّ الدنيا» !

ليبيا : مافيا الآثار في كل مكان
على خارطة المغرب العربي الكبير، تحتل ليبيا موقعا مهما على مستوى المخزون الأثري والإرث الحضاري حيث تتواجد الآثار في ليبيا بكثافة في مدينة «غات» الجبلية و»صبراته»... فضلا عن وجود 6 مواقع أثرية مسجلة ضمن التراث العالمي.إلا أن «ثورة» فيفري 2011 وإن إطاحت بنظام «معمر القذافي» فإنها فسحت المجال للمتطرفين وأباحت الأرض للدواعش الذين دمروا مقابر «الأسرة القرملية» في جامع الباشا، وحطموا....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115