«كُن صدى توْقك المنسيّ
كُنْ صدى صوتك وحدَه
وارحلْ تكُنْ
لا شيءَ أوسع من خُطاك
ما دام خطوك صِنوَ حُلمِك
وانتظارك سُلّمَ الوقت المُجنّحِ
لعُبور الأمنياتْ».
( 23 جوان 2010 )
• اشارة ثانية من مولانا جلال الذين الرّومي:
«.. لا تتركني مع أي سِواكَ.. لخَوفي منيّ أُسْرع إليكَ.. أنا مِنْكَ فأعِدْني إليّ».
• اشارة ثالثة من «القرآن الكريم»:
«ما جعل الله لرجلٍ من قلبينِ في جَوفه»
(1)
« أنا التونسي - وإن إلى حين - أجيبُ دائما من يـُوَشْـحِلُ عليّ بأني مُتناسِكٌ ... » ثم أصْمت قليلا .. لأزيد : « إني مُتناسك ... إلى حين كما البلاد». اخترت مُضْطرا اُلْــعُزلةَ مع الهواجس والكتب رغْم التّناقض في العِبارَةِ والإشَارَة الجامِعة بين حَديّن : الإختبار والإضطرار , تناقض صارخٌ وجَارحٌ بين «الحتميةِ». و«الحريةِ».
اُلْـمُشار إليه « أنا » واحدٌ في الظّاهر وفي لُبِّ البَاطِنِ شَتات ذرّات سَابحات في المجهول الكوني, أو ريشة طائر حسّون - مثلا- تتقاذفها رياح الرّغائب بعْد أنْ فتكَتْ بها الطّيور الجَوارحُ ... وإن هي الرّيشةُ تـَحْملُ تاريخ تشّكلها وذاكرة ماضيها بأفراحه وأتراحه , بصحّته وعافيته كما بأمراضه وعلله ... أليس كل البشر كما الحكومات والدولة «أصحّاء الى حين». ؟ ألست كل الكائنات بما في ذلك «الكائنات التكنولوجية» صنائع ما يمكن لي تسميته : «الوعي بالملل والأزمات». تذكرت عبارة حفظتها عن ظهر عقل للأنتروبولوجي الفذ رالف لنتون الذي ترجم بعض أعماله الفلسطيني المنسي- للأسف - عبد الملك الناشف...
(2)
في العزلة قد تدرك « الذات » أنها ليست دائما «إياها « ذاتا » صلبة « على الطريقة الديكارتية..» جلمود صخر» مفكرة.. مُعبرة.. ناطقة.. مُتحركة .. حميمية.. سَاخِتة وانما هي «ملتقى طرقات» عاطفية ذاهبة في كل الإتجاهات.. تتنازعها اشارات «الايمان» و«الكفران», تحب « اللطف واللطيف» وتَغْرقُ في «الكثيف», تمدح «الأخروي» وتفني موتا في تأليه «الدّنيا والدنيوي». لا هي تهجع هنا نهائيا فتَفْرحُ ولاَ هي تَنْبَسِطُ هُناك فَتَطْمَئِـــنُّ. ما بات شبه يقين عندي أن كل «نعمة» في عالم البشر سرعان ما تستحيل إلى «نقمة», وهذا ليس اكتشافا «كوبرنيكيا» وما يعنيني رأسا انما هو أمرنا «نحن» العرب الاقل من اللاّزم والمسلمون أكثر من اللزوم وفق عبارة تعزّ علي كثيرا . هل «نحن نحن» ؟ من نحن ؟ كائنات لغوية نغتال بعضنا «باللغة» التي استحالت إلي «لغو» قبل أن نغتال بعضنا البعض «بالمشارط» والبنادق والسكاكين ... فاستحالت « الشّريعة الجامعة «التى يقال عنها «سمْحاء , سمحاء» إلى مفاعل للكراهية والحقد و الإغتصاب والإغتيال واستعباد وسفك الدماء . الشريعة السمّحاء بهذا النعت السمح تلك عينها اياها تصبح بقدرة واحد من «أهل التأويل» تصبح « مرشد تشريع فضيع للقتل». القاتل يلهج باسم الله وكذلك القتيل . يكاد «الواحد « المشتت أصلا مثلي أن يـُجنّ ان لم يكن قد جُنّ فعلا .
(3)
حين هذا الحين تذكرت واقعة كادت أن تكون سببا في طردي النهائي من المعهد الثانوي حين طرحت على أستاذ «التربية الدينية» سؤالا حول « شرعية تعدد الزوجات» وقلت له يبدو ان المسلم في العموم لا يستبقي من الشريعة عموما إلا ما يستجيب لرغباته ويسكت عن حقيقة واجباته وأهمها «العدل» و» عبودية الجميع أمام الله « وطلبت منه أن يفسر لي معنى الآية:
«ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه» فنهرني وطلب مني ساخرا أن أمده بالتفسير اذا ظفرت به فما كان مني الا أن نسخت بخط يدي «تفسير الطبري» حرفيا... وحين قدمته لأستاذي - سامحه الله - مسح بي الأرض مسحا واتهمني بالكفر وأطردني وقال لي حرفيا «لم تجد غير الطبري ... يا ملحد سوف ترى ان مازلت ندخل المعهد « ولم أفهم شيئا فتشتّت في « شأن الدّين»... ولم « اتجع » بعد تلك الواقعة أبدا ..
(4)
«اختلف أهل التأويل في المراد من قول الله «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه « فقال بعضهم: عنى بذلك تكذيب قوم من أهل النفاق وصفوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبين فنفى الله ذلك عن نبيه وكذبهم ...
ذكر من قال ذلك:
حدحدثنا أبو كريب قال : «حدحدثنا حفص بن نفيل قال: حدحدثنا زهير بن معاوية عن قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال : قلنا لابن عباس : أرأيت قول الله «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه» ما عنى بذلك؟ قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فصلى فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه : إن له قلبين قلبا معكم وقلبا معهم فأنزل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه»
وقال آخرون : «بل عني بذلك : رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من دهيه».
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس : { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } قال : كان رجل من قريش يسمى من دهيه ذا القلبين فأنزل الله هذا في شأنه.
حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} قال : إن رجلا من بني فهر قال : إن في جوفي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ( وكذب).
حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قوله «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه» قال قتادة : كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبين فأنزل الله فيه ما تسمعون
قال قتادة : وكان الحسن يقول : كان رجل يقول: لي نفس تأمرني ونفس تنهاني فأنزل الله فيه ما تسمعون.
حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي عن سفيان عن خصيف عن عكرمة قال : كان رجل يسمى ذا القلبين فنزلت « ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه»
وقال آخرون : بل عني بذلك زيد بن حارثة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبناه فضرب الله بذلك مثلا.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري في قوله «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه « قال : بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة ضرب الله له مثلا يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: ذلك تكذيب من الله تعالى قول من قال لرجل في جوفه قلبان يعقل بهما على النحو الذي روي عن ابن عباس وجائز أن يكون ذلك تكذيبا من الله لمن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأن يكون تكذيبا لمن سمى القرشي الذي ذكر أنه سمي ذا القلبين من دهيه وأي الأمرين كان فهو نفي من الله عن خلقه من الرجال أن يكونوا بتلك الصفة». تلك هي « الوثيقة الطبرية » كاملة كما نسختها أناملي لأستاذي العزيز .
(5)
و الحاصل عندي: يحسبُ الواحِدُ نَفْسَه واحِدا وهو حُشودٌ...
(قُلوبٌ شتىّ في جَوْفٍ واحدٍ ولَـمْ يـَكْـتـَمِل اٌلْنّصابُ, القاتل يَــلْهج باسم الله وكذلك القتيل).