وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }(الشرح 1 : 4)، وقال: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }(النجم: 3)، وقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم: 4)، وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر) رواه الترمذي، وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( آتي بابَ الجنةِ يومَ القيامة فأستفتِح، فيقول الخازِن : مَنْ أنت؟، فأقول: محمد، فيقول: بك أُمرتُ لا أفتح لأحدٍ قبلَك ) رواه مسلم .
ولذا فإن محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصل من أصول الدين، وشرط من شروط الإيمان، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخاري، فلا يكون المؤمن كاملَ الإيمان حتى يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أحبَّ إليه من نفسه، فعن عبد الله بن هشام ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كُنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبئ - صلى الله عليه وسلم -: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن، والله لأنتَ أحب إلى من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن يا عمر ) رواه البخاري .
قال ابن حجر: « فجواب عمر ـ رضي الله عنه ـ أولا كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله: ( الآن يا عمر) أي الآن عرفت فنطقت بما يجب».
أولادنا وحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
أطفالنا هم الرعية التي استرعانا الله إياها، ومما يجب علينا تجاه رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نحقق محبته اعتقاداً وقولاً وعملاً، ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد، كما يجب علينا كذلك أن نحرص على غرس وتعميق حبّ النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في نفوس أولادنا منذ الصغر، لأن مرحلة الطفولة هي أهم المراحل في بناء شخصية الإنسان، والطفل إذا تربى على حب نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمعناه الصحيح والحقيقي سهل عليه الاتباع والاقتداء به ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، فنشأة الصغير على شيء تجعله متطبِّعاً ومتصفا به
وينشأ ناشئ الفتيان مِنَّا على ما كان عوده أبوه
ولذا كان علي بن الحسين ـ رضي الله عنه ـ يقول: « كنا نُعلَّم مغازي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نعلم السورة من القرآن»، ويقول ابن القيمفي كتابه «تحفة المودود بأحكام المولود»: «فمَنْ أهملَ تعليمَ ولدِهِ ما ينفعه، وَترَكه سُدى، فقد أَساءَ إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادُهُم من قِبَلِ الآباء وإهمالِهِم لهم، وتركِ تعليمِهِم فرائضَ الدينِ وَسُننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسِهِم ولم ينفعوا آباءَهُم كِبَارا».