شهر التكوين في الحمامات: تصبح الأحلام حقيقة متى توفرت الرغبة والإرادة

وننشر السعادة على المحيطين بها، بهذه الكلمات تتحدث الاستاذة زوهاد ضيفلاوي عن تجربة «شهر التكوين» الثاني الذي يتواصل طيلة شهر نوفمبر، والتجربة عبارة عن ورشات في المسرح موجهة الى الشباب من متساكني مدينة الحمامات، والتكوين «مساحة ليتعلم المغرمون بالمسرح بعض الآليات في هذا العالم الرّحب، عالم الابداع والنضال» كما صرحت زوهاد ضيفلاوي لـ«المغرب».
المكان تياترو المدينة ياسمين الحمامات، الزمان صبيحة الاحد 27نوفمبر في التاسعة صباحا يجتمع اكثر من ثلاثين شابا وشابة منذ الصباح في انتظار المؤطر للمشاركة في ورشتي الاضاءة والاخراج، شباب لم يثنهم الطقس الشتوي عن ممارسة احلامهم، شباب اجتمعوا على حب المسرح والرغبة في اثراء معارفهم النظرية والتطبيقية في مجال المسرح وفنون الفرجة «شباب تقودهم الرغبة في المعرفة، هناك طاقات كبيرة يمكن اكتشافها وتأطيرها، طاقة الحب تلك يمكن تحويلها الى فعل ابداعي عوض خواء الشارع» حسب تعبير معز حمزة مؤطر ورشة «الاخراج».
التكوين الفرصة الأولى لتكوين الممثل والدفاع عن المسرح
«مختبرشهر التكوين» مناسبة ليتعرف الشباب من مدينة الحمامات على الفن الرابع، نريد جمهور واع، تجربة مختلفة انطلقت منذ العام 2020، نحن نسعى لتأسيس فرقة ياسمين الحمامات المسرحية وتوجهنا الى التكوين لأنه اللبنة الاساسية لتكوين الممثل ونشر ثقافة الفرجة الواعية في المسرح، نريد استقطاب الشباب للمسرح، انا استاذة تربية مسرحية، ممثلة ومخرجة، تسكنني الكثير من الاحلام وأريد مشاركتها مع ابناء الحمامات لذلك فكرنا في التكوين كما تقول ضيفلاوي.
«مختبر شهر التكوين» مساحة يتعلم من خلالها التلاميذ والطلبة المهتمون بالمسرح تفكيك العرض المسرحي ومكوناته، فالمختبرات مساحتهم ليتعرفوا عن قرب على المنجز المسرحي، وتشير مديرة تياترو المدينة ان المواضيع المختارة كمحاور للورشات جميعها تلم بالمسرح، فقدموا ورشة فن الممثل مع مهذب الرميلي وورشة الارتجال مع لبنى نعمان وورشة الاضاءة مع لبنى نعمان وورشة الاضاءة مع امين الشورابي وورشة الاخراج مع معز حمزة. المشاركون في المختبر يستفيدون من كل الورشات ويتابعونها جميعها وهو الشرط الاول لقبول ايّ مشارك، وتؤكد ضيفلاوي انّ مختبر التكوين كان اللبنة الاولى قبل التوجه الى الاقامات الفنية وهي مساحة زمنية اطول يتعلم فيها الشاب معارف اكثر ويقضي وقت اطول مع المؤطرين، وستكون الكتابة هي المحور الاول في الاقامات التي ستحتضنها مدينة الحمامات.
مدينة الحمامات قبلة الباحثين عن معارف جديدة في مجال المسرح، مكان للقاء بين شباب مغرم بالفن الرابع واساتذة وممارسين لهذا الفن، في مدينة سياحية تتوفر فيها مقومات الفعل الثقافي يكون اللقاء كل احد من شهر نوفمبر، لقاء زاده الصدق لنشر حبّ المسرح والفنون عوض الفراغ، وعن سبب اختيار مدينة «ياسمين الحمامات كفضاء لتقديم الورشات» تقول ضيفلاوي الحمامات المدينة السياحية تفتقر الى فضاءات ثقافية، نعاني من غياب الفضاءات، في الحمامات يوجد مكتبة عمومية ونادي الاطفال وبعض الانشطة في دار الشباب، لكن لا وجود لقاعة مجهزة لاحتضان العروض المسرحية باستثناء تياترو المدينة، من احلامي مثلا ان اشهد افتتاح دار ثقافة في الحمامات، هذه المدينة الجميلة والسياحية تفتقر لمؤسسة ثقافية تحتضن احلام وأفكار ابنائها وشبابها».
تياترو المدينة الفكرة والمشروع
نؤمن ان المسرح مجال لنحلم ونقاوم، بالمسرح نقاوم العنف، نقاوم التسطيح، وندافع عن انسانية الانسان، لذلك افتتحنا «تياترو المدينة» وقدمنا عروض مسرحية للكهول، «راشمون» اخراج لطفي العكرمي و»الغريبة» لسعيدة الحامي و»سكون» نعمان حمدة وكان اللقاء الاول لجمهور المدينة مع المسرح في هذا المكان، كما صرحت مديرة «تيتاترو المدينة» وتضيف محدثتنا « البطحاء المقابلة للتياترو اصبحت فضاء للجمهور الذي تعود على زيارة الفضاء للسياحة فوجده حيّا بالفنون، وبعد نجاح التجربة، ونجاح المختبر قررنا انجاز مهرجان دولي للمسرح في مدينة الحمامات، سيكون المهرجان قبلة للباحثين عن فرجة مختلفة تدافع عن الفكر».
«تياترو المدينة» مسرح وفكرة، فضاء ومساحة حرة، يقدم عروضا مسرحية كذلك ورشات في الفن المسرحي يشرف عليها اساتذة التربية المسرحية في الحمامات واعضاء جمعية «فلوكة-ارت» على غرار محمد معاوي وايوب العوينتي ومروان البكوش وريان بن سالم قيس (فن العرائس) وجميعهم يدافع عن حق ابناء الجهة في التمتع بالمسرح فرجة ونقدا.
«الي يحلم يحلم بالكبير» هو شعار نعمل به، في المدينة هناك فريق كبير ساهر على نجاح النشاط فالمدينة فنانة تتوفر فيها كل مقومات النشاط الثقافي، ضيوفنا وابنائنا نوفر لهم الفرصة للتعلم وفي الوقت ذاته زيارة المتاحف الموجودة في هذه الرقعة الجغرافية وهي «متحف الاديان والحضارات» ومتحف «الف ليلة وليلة» ومتحف «رحلة الاخوين بربروس» فالنشاط الثقافي بكل تلويناته موجود في المدينة، ونسعى للاعتتراف بمنجز من سبقومنا، فكرمنا امال علوان ونجوى ميلاد وكلتاهما قدمت الكثير للمشهد الابداعي في تونس.
للتلاميذ نصيبهم من الحلم
بالإضافة الى ادارة تياترو المدينة تقدم زوهاد ضيفلاوي لتلاميذها فرصة للابداع عبر تجربة «حلمة وتتحقق» هي موجهة لتلاميذها بإعدادية الهادي والي بالحمامات، والتجربة ابداعية انسانية بالاساس «الفن امكانة والتدريس مسؤولية، تلاميذي هم ابنائي اقضي معهم الوقت الكثير، انصت اليهم والى مشاكلهم ونتناقش داخل القاعة، ومن خلال متابعتي لليومي اكتشفت الفجوة بين التلميذ والعائلة وارتفاع منسوب العنف وهي المحاور التي نعمل عليها في حلمة وتتحقق، العام الفارط كان المنحور التنمر، وانجز ابنائي افلام في هذا الموضوع وصاحبهم مختصين نفسيين ومؤطرين وهذه السنة سنعمل على محور العنف في الوسط المدرسي ووسائل التواصل الاجتماعي» كما صرحت استاذة التربية المسرحية.
وتضيف محدثتنا «التعليم مسؤولية، هناك الكثير من المشاكل التي يعيشها التلميذ بمجرد طرحها داخل قاعة الدرس ومناقشتها نجد لها الحلول» مؤكدة ان سبب اختيار اسم «حلمة وتتحقق» هو توفير الفرصة ليحقق التلميذ حلمه، اولا بالعمل في اجمل قاعة مسرح بالجمهورية التونسية، قاعة مسرح وسينما مجهزة كما حلم تلاميذي، في النهاية لا اسعى لتكوين ممثل بقدر العمل لتكوين تلميذ متوازن وانسان واع.
بين تدريس التربية المسرحية ونشر ثقافة المسرح في جهة الحمامات تتوزع مسؤوليات زوهاد ضيفلاوي، استاذة تحب قاعات التدريس وتؤمن بخطورة دورها كاستاذة لمادة حساسة تتعامل مع تلاميذ في عمر جدّ مهم «المراهقة» «انا استاذة مسرح، وسابقى استاذة الى حين خروجي الى التقاعد ويكرمني تلاميذي، ارفض كل المناصب الادارية، اريد فقط قاعتي وتلاميذي واحلاك كبيرة سنحققها».