فاضل الجزيري يؤسس مشروع العمر: «مركز الفنون جربة» مركب ثقافي ضخم وأكثر ...

ما بين بحر ونخل، تم تشييد «مركز الفنون جربة» لتشبه صورته اللوحة التشكيلية والمنظر الطبيعي في استدعاء شعور الحنين إلى معمار جربة القديم

وشجن نخيلها عند الغروب. بعيدا عن صخب المدينة وفوضى الشارع، يقع هذا المركز في تصالح مع محيطه البيئي في استلهام روح الفن والإبداع من الطبيعة.
في شرح لدواعي تأسيس «مركز الفنون جربة» وتقديم لمكوناته وأجزائه وبسط لإستراتيجية عمله على المدى القريب والبعيد، عقد صاحب المشروع فاضل الجزيري ندوة صحفية يوم أمس بمدينة الثقافة بحضور نخبة من الباحثين والمبدعين ساندوه في تحقيق حلمه الكبير.
مسرح يتسع لأكثر من 3 آلاف متفرج
في سالف العصر والأوان، شيّد الرومان بعض مسارحهم على مشارف البحر لتكون ملهمة وشاهدة على ملحمة الإنسان في نحت مسيرة الإبداع. بدوره بنى الفنان فاضل الجزيري «مركز الفنون جربة» في جزيرة الأحلام جربة على ضفاف الواحة والبحر. هي رحلة عكسية من العاصمة إلى الجنوب، قادها الفنان فاضل الجزيري ليحطّم صنم المركزية الثقافية وليؤسس في جربة معقلا للفنون والثقافة. اختار فاضل الجزيري جربة دون غيرها لبعث مشروعه الثقافي الضخم في رهان على العدد الكبير للسياح الذين يتوافدون على جربة من كل الجنسيات والقارات على امتداد فصول السنة.
جنوب شرق جزيرة جربة، يقع «مركز الفنون جربة» بين «ڤلالة» و»سدويكش» في منطقة رطبة تشملها اتفاقية «رمسار» الدولية. ويضمّ هذا المركب الثقافي مسرحا للهواء الطلق يطلّ على البحر ويتسع لأكثر من 3000 متفرّج. يمتدّ «مركز الفنون جربة»على مساحة 7 آلاف متر مربّع ويضم حديقة تنسجم مع الغطاء النباتي الموجود بالمنطقة. ويشمل المركب فضاءات مُخصصة للابتكارات الفنية مثل القاعة الكبرى للتمارين تقدر مساحتها بـ 1000 متر مربع، وقاعة للتسجيل، وأخرى للرقص، وثالثة للمسرح. وقد خصّص المركز فضاءات للإقامات الفنية الملهمة والمريحة.
في اختيار النموذج المعماري لبناء «مركز الفنون جربة» تمّ المزج بين الطرق التقليدية في البناء والتصميم والهندسة المعاصرة.
وقد أكد صاحب المشروع الفنان فاضل الجزيري أنّ من أولويات المركز احترام الطابع البيئي للمكان والانخراط في تثمينه باعتبار أنه يقع في منطقة محمية مسجلة على قائمة الأماكن الرطبة ذات الأهمية العالمية ضمن «معاهدة رامسار».
وأضاف -في هذا السياق بالقول-:»لقد تضمن المشروع منذ البداية بعدا بيئيا في ما يتعلق بالنباتات والحيوانات وعلى رأسها الطيور، حيث تم وضع برنامج لغرس نباتات متنوعة موجودة من قبل في المنطقة، وأيضا إلى استحداث حركات الأرض (طابية) حسب التقنيات القديمة للمزارعين المحليين.»
تدشين رسمي على هامش القمة الفرنكوفونية
لم يطرق فاضل الجزيري أبواب الوزارات بحثا عن تمويل، ولم يقف على أعتاب المؤسسات طلبا للدعم بل شيد مشروعه من حرّ ماله ليترك أثرا باقيا عبر الزمن في جربة وليقترن اسمه بالفعل والتأسيس والرغبة في تغيير مستقبل الأجيال.
بميزانية تقدر بحوالي 30 مليون دينار، أكد الفنان فاضل الجزيري أن «مركز الفنون جربة» سيكون حاضنة لشتى أشكال الإبداع وتجليات الفنون من موسيقى ورقص ومسرح وسينما وفنون تشكيلية...
وفي خروج عن المهام الكلاسيكية والأدوار المعتادة، لن يكتفي المركز بدعم الفنون تكوينا وإنتاجا وترويجا بل سيسعى إلى تثمين الموروث الثقافي من معمار وعمران وعادات وإلى تنظيم واحتضان ملتقيات حول العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الصحيحة.وفي هذا الإطار تم عقد اتفاقيات مع عديد المؤسسات على غرار المسرح الوطني والمكتبة الوطنية ومدينة الثقافة وبيت الحكمة...
هي فلسفة جديدة في إدارة الفضاءات الثقافية ومقاربة معاصرة يقترحها صاحب المشروع فاضل الجزيري في تسيير «مركز الفنون جربة».
لم يخض صاحب «مركز الفنون جربة» هذه المغامرة بالصدفة ولم يترك أمر البرمجة الوقت بل تم ضبط ملامح البرنامج على امتداد ثلاث سنوات قادمة. وقد كشف فاضل الجزيري أن المركز سيقوم بإنتاج باقة من الأعمال الفنية المختلفة، وهي: مسرحية «كاليغولا 2» للمخرج محمد كوكة، وفيلم بعنوان «مقتل القرقني» عن فرحات حشاد، ومسلسل تلفزي يتحدث عن «الدغباجي».
وقد اختار فاضل الجزيري عن قصد الإعلان عن افتتاح «مركز الفنون جربة « على هامش القمة الفرنكوفونية أملا في استقطاب اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية ولفت أنظار الضيوف المحلين والأجانب.
وفي التدشين الرسمي لـ»مركز الفنون جربة « يوم 10 نوفمبر المقبل سيتم تنظيم معرض تشكيلي للرسام المعاصر طاهر المقدميني والذي يتواصل إلى غاية 31 مارس 2022. ويضم المعرض 100 لوحة فنية من الحجم الكبير يلتقي عند خطوطها وميض الحلم وبريق الأمل، هو الحلم ذاته الذي دفع فاضل الجزيري إلى بناء «مركز الفنون جربة» وهو الأمل ذاته المعلق على مردودية هذا الفضاء الآن وهنا، وفي الغد البعيد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115