في ندوة علمية من تنظيم وكالة إحياء التراث: كيف يمكن للتراث غير المادي تحقيق السياحة المستدامة؟

ويعتبر التراث الثقافي غير المادي هو قوّة حية يمكن أن تستقطب فضول السياح من كل العواصم لاكتشاف حضارات الشعوب وعاداتها وتقاليدها المتجذرة في التاريخ والممتدة في الحاضر.
وفي هذا السياق تنظّم وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية مع «مشروع زر تونس» التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية و»مركز سميثسونيان لحياة الشّعوب والتّراث الثقافي» ودائرة التنمية المتحفية بالمعهد الوطني للتراث ندوة علمية تحت عنوان»دور التراث الثقافي غير المادي في تنمية السياحة المستدامة» على امتداد أيام 10 و11 و12 سبتمبر بمدينة قابس.
التراث «الحي» قوّة ناعمة
تتضمن اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي تأكيدا على» أهمية التراث الثقافي غير المادي بوصفه بوتقة للتنوع الثقافي وعاملا يضمن التنمية المستدامة». وتمثل إستراتيجية التنمية المستدامة لعام 2030 خطة عمل تتناول الأبعاد الثلاثة : الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة. ويمكن أن يسهم التراث الثقافي غير المادي بفعالية في كل بعد من الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، وكذلك في مطلبي السلم والأمن بوصفهما مطلبين أساسيين للتنمية المستدامة. «
وبدورها تعتبر التنمية المستدامة هي المحور الأساسي في التقويم لدور السياحة في المجتمع، فهي تعرف بأنها تنمية يبدأ تنفيذها بعد دراسة علمية كاملة في إطار التخطيط المتكامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية داخل الدولة ككل ، أو داخل أي إقليم تتجمع فيه مقومات التنمية السياحية من عناصر جذب طبيعية وحضارية».
في سياق الانخراط في رهانات الحاضر واستشراف المستقبل في ما يتعلق بقضايا التنمية، تسعى الندوة العلمية التي تحمل عنوان «دور التراث الثقافي غير المادي في تنمية السياحة المستدامة» إلى تسليط الضوء على عناصر التراث الثقافي غير المادي المعروف نسبيّا أو المجهول حتى الآن في ست مناطق مختلفة من الجمهورية التونسية وهي طبرقة وعين دراهم والقيروان وقابس وتوزر وقبلي ودوز وتطاوين ضمن مشروع تجريبي بعنوان « الثقافة الحية في تونس» يسعى إلى صون التراث الثقافي غير المادي وضمان استمراريته.
ويشارك في هذه الندوة عدد من الخبراء والباحثين والمختصين في التراث الثقافي غير المادي قصد التعريف والتعرف على عناصر معينة من التراث الثقافي غير المادي بالمناطق الست المستهدفة، من أجل دمجها ضمن السياحة المستدامة وصون هذا التراث الحيّ باعتباره تراثا حسّاسا .
تثمين للتقاليد والمعارف والمهارات
تبحث ندوة «دور التراث الثقافي غير المادي في تنمية السياحة المستدامة» في عديد المحاور المتعلق بمظاهر التراث غير المادي وتمثلاته في المجتمع والحياة، وهي : «الممارسات الاجتماعية والطقوس الاحتفالية»، «التقاليد الموسيقية والسياحة المستدامة»، «المعارف والمهارات المرتبطة بالحرف التقليدية: التثمين لتنمية السياحة المستدامة «، «الألعاب التقليدية والممارسات الشعبية: التثمين نحو سياحة مستدامة»، العادات الغذائية التقليدية: التثمين نحو سياحة مستدامة»، نحو إدارة مبتكرة للتراث: التّراث الثّقافي غير المادّي و السياحة المستدامة».
وتختتم هذه الندوة العلمية التي تلتئم خارج العاصمة في تطبيق لمبدأ اللامركزية الثقافية برفع التوصيات التي ستكون حجر الأساس لمشروع يتواصل في الزمن والطموح.
وتجدر الإشارة إلى أنه وإلى حدود سنة 2018 كانت تونس غائبة تماما عن قائمة التراث العالمي غير المادي، وبفضل مهارات فخار سجنان التحقت بلادنا بقائمة اليونسكو، لتفتخر اليوم بتسجيل أربعة عناصر أخرى من هذا التراث الحي. ففي سنة 2019 تم إدراج عنصر نخيل التمر (المعارف والمهارات والتقاليد والممارسات) في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. أما في سنة 2020 فقد نجحت تونس في تسجيل عنصرين اثنين في وقت واحد لدى اليونسكو، وهما الصيد بالشرفية بجزر قرقنة (ولاية صفاقس) والكسكسي باعتباره عنصرا تراثيا مشتركا مع المغرب والجزائر وموريتانيا. وأخيرا تم تسجيل الخط العربي ضمن ملف مشترك في قائمة التراث العالمي غير المادي سنة 2021 . ومن المنتظر أن تسجل تونس في قادم الأيام عنصر «الهريسة» في التراث العالمي.