منبــــر: لوحة «الوطن» للفنانة التشكيلية والباحثة ريم سعد « نحن بشر مجالنا نسبي وتونس حديقة فيها مائة وردة بمائة لون» للشهيد شكري بلعيد

في وطن الفنان، يحلّق الفن كطائر مهاجر طليق، ليطوي المسافات ويتجاوز الحدود دون تأشيرة، فكامل الأرض وطنه وكل الثقافات كما اللغات كما الهويّات سماؤه،

أما لغته فهي تخاطب الكون بأكمله وتٌنطقه.. ربما الوطن أيضا ما نرسمه في أذهاننا وما نتبناه من هوّيات وثقافات وصور .. ربما ما نحمله من قيم ..
لكن ما الذي يمكن أن نفهمه من خريطة تونس هذه؟ قد نتساءل أيضا ما هو الوطن الذي نريده؟ عندما نرى الفسيفساء المائية الضوئية لخريطة تونس كما أنشأتها الباحثة والفنانة التشكيلية ريم سعد بتقنيتها الرائدة، نفهم أنّ الإجابة جليّة ولا تحتاج لكثير من التعقيد، إنها أرض التعدّد والتنوّع.
في وطن الفنانة لا يتمزّق السلم الاجتماعي ولا يتآكل، وتكون الطبيعة البشرية في أفضل تجلياتها، ففي هذا الوطن يكون الاختلاف حقيقة مبدئية راسخة، أين تتجلى أيضا مشروعية الحب والحلم، أين نحمي بعضنا البعض من أنانيتنا، أين نقي بعضنا البعض من التطرّف والتناحر، أين يرمم الحبّ قلوبنا المتآكلة، ويصبح الاختلاف نبض وطن وطريق خلاص.. فأنبل الخلاص ذلك الذي يكون جماعيا أو لا يكون.

كأنّ الفنانة تعيد مقولة الشهيد الرمز شكري بلعيد إلى الواجهة في هذا الزمن التونسي بالذات «نحن نختلف ونتعدد داخل إطار مدني سلمي ديمقراطي»، ولعلّها تستذكر ما رتّله الراحل محمد الصغير أولاد أحمد في قوله «تونس التي هي موضوع كتابتي الوحيد، شعرا ونثرا وكلاما ومشْيا وحُلْمًا وشرابا، منذ انخراطي في الكتابة وإلى هذه اللحظة. تونس التي هي اسم أمي كذلك.. فقد كان أجدادنا، زمنَ الاستعمار، يسمون النساء باسم البلاد حتى لا تنسى القبائلُ اسم الوطن»..

يقول محمود درويش: «ربما سنصير شعباً حين ننسى ما تقولُ لنا القبيلة، حين يُعْلي الفرد من شأن التفاصيل الصغيرةْ، سنصير شعباً حين ينظر كاتبٌ نحو النجوم، ولا يقول: بلادنا أَعلى وأجملْ».. ربما تهدينا ريم سعد لزرع الجمال في حضرة الوطن، ببذور الألوان المختلفة، عسى أن تعود رائحة الفل ومسك الليل وقهوة الصباح كما الأيام الجميلة التي ننشد دوما، عسى أن تعود داخلنا الضحكات العالية ونور الشمس من شرفاتنا المفتوحة.. عسى أن لا نتبرأ من أيّ محاولة للسعادة دون قيد أو شرط أو عرف أو ناموس، ربما تدعونا الفنانة لنجلس ونجمع الألوان عسى أنّ يكون اللون الجديد أجمل.. لنجلس ونرتّب الكلام عسى أن نخلق لغة بلسما تضمّد كلماتنا المكتومة وتداوي أوهام انقساماتنا.. لندرك أنّ حقائقنا مثقوبة إذا ما ألغت الآخر ..

لعلّ في كل خليّة مضاءة فكرة ما، لعلّ في كل خلية ملونة روح ما، انتماء ما، لعلّ بين خليّة وأخرى يجد الإنسان مرآته، وينظر إلى الآخر.. أن نكون مرايا لبعضنا البعض.. جميل أن نتصفح عيون بعضها البعض، فالمرايا لا تكذب ، تنقل الصورة كما هي في غالب الأحيان، خصوصا إذا كنا لا نكره صورنا عن أنفسنا.. وما دمنا لا نكره صورنا يمكن عندها أن نقبل الاخر ونرحمه ونرعاه ونرقيه بالمحبّة في حضرة الوطن..

إنما وطننا الضوئي الملوّن مرآتنا أيضا.. هو انعكاس صورنا التي نحلم ونعشق.. هو ما أعشقه فيك وما تتلذذه روحي.. هو ما يحضنني منك وما تعانقه فيا .. هو صورة من صور جينات فائقة الجمال ومتناهية الكمال. لتتغير التفاصيل وليبقى الجوهر واحد أحد.. كما العشق واحد أحد.. إنه الروح وإنا الحياة..
في التجربة الفنية الرائدة لريم سعد، تٌلغي الحدود والانقسامات، وكأنّها تقول أن تونس بانفتاحها الداخلي والخارجي والذري والكوني أرحب وأسمى وأغلى.. كذلك أيضا ينكشف سرّ الخلايا حتى في الظلام الداكن، فلوحة تونس تتغير بفعل الأشعة فوق البنفسجية، حيث تشعّ الخلايا من جديد إبان انعدام النور، وكأنّ خلايا تكتنز النور داخلها حتى مجيء الظلام الذي لا مناص منه، لتنبئ المتلقي لأعمالها أنّ الألوان حية لا تموت وأنّ الوطن حي لا يموت وأن فسيفساء ألوانها المائية ما هي إلاّ استعادة لتراث أجدادها الذين ابتكروا أكبر مطمور فسيفسائي في العالم، لكن الفرق بين الفسيفاء الرومانية وفسيفسائها أن الأولى كان أساسها قطع من الحجر، أما تقنية ريم سعد فأساسها وميض الضوء المبتكر وتشكّل الخلايا المائية، أو خلايا الحياة في وطن يريد الحياة.

« نحن بشر مجالنا نسبي وتونس حديقة فيها مائة وردة بمائة لون» للشهيد شكري بلعيد
في وطن الفنان، يحلّق الفن كطائر مهاجر طليق، ليطوي المسافات ويتجاوز الحدود دون تأشيرة، فكامل الأرض وطنه وكل الثقافات كما اللغات كما الهويّات سماؤه، أما لغته فهي تخاطب الكون بأكمله وتٌنطقه.. ربما الوطن أيضا ما نرسمه في أذهاننا وما نتبناه من هوّيات وثقافات وصور .. ربما ما نحمله من قيم ..
لكن ما الذي يمكن أن نفهمه من خريطة تونس هذه؟ قد نتساءل أيضا ما هو الوطن الذي نريده؟ عندما نرى الفسيفساء المائية الضوئية لخريطة تونس كما أنشأتها الباحثة والفنانة التشكيلية ريم سعد بتقنيتها الرائدة، نفهم أنّ الإجابة جليّة ولا تحتاج لكثير من التعقيد، إنها أرض التعدّد والتنوّع.
في وطن الفنانة لا يتمزّق السلم الاجتماعي ولا يتآكل، وتكون الطبيعة البشرية في أفضل تجلياتها، ففي هذا الوطن يكون الاختلاف حقيقة مبدئية راسخة، أين تتجلى أيضا مشروعية الحب والحلم، أين نحمي بعضنا البعض من أنانيتنا، أين نقي بعضنا البعض من التطرّف والتناحر، أين يرمم الحبّ قلوبنا المتآكلة، ويصبح الاختلاف نبض وطن وطريق خلاص.. فأنبل الخلاص ذلك الذي يكون جماعيا أو لا يكون.

كأنّ الفنانة تعيد مقولة الشهيد الرمز شكري بلعيد إلى الواجهة في هذا الزمن التونسي بالذات «نحن نختلف ونتعدد داخل إطار مدني سلمي ديمقراطي»، ولعلّها تستذكر ما رتّله الراحل محمد الصغير أولاد أحمد في قوله «تونس التي هي موضوع كتابتي الوحيد، شعرا ونثرا وكلاما ومشْيا وحُلْمًا وشرابا، منذ انخراطي في الكتابة وإلى هذه اللحظة. تونس التي هي اسم أمي كذلك.. فقد كان أجدادنا، زمنَ الاستعمار، يسمون النساء باسم البلاد حتى لا تنسى القبائلُ اسم الوطن»..

يقول محمود درويش: «ربما سنصير شعباً حين ننسى ما تقولُ لنا القبيلة، حين يُعْلي الفرد من شأن التفاصيل الصغيرةْ، سنصير شعباً حين ينظر كاتبٌ نحو النجوم، ولا يقول: بلادنا أَعلى وأجملْ».. ربما تهدينا ريم سعد لزرع الجمال في حضرة الوطن، ببذور الألوان المختلفة، عسى أن تعود رائحة الفل ومسك الليل وقهوة الصباح كما الأيام الجميلة التي ننشد دوما، عسى أن تعود داخلنا الضحكات العالية ونور الشمس من شرفاتنا المفتوحة.. عسى أن لا نتبرأ من أيّ محاولة للسعادة دون قيد أو شرط أو عرف أو ناموس، ربما تدعونا الفنانة لنجلس ونجمع الألوان عسى أنّ يكون اللون الجديد أجمل.. لنجلس ونرتّب الكلام عسى أن نخلق لغة بلسما تضمّد كلماتنا المكتومة وتداوي أوهام انقساماتنا.. لندرك أنّ حقائقنا مثقوبة إذا ما ألغت الآخر ..

لعلّ في كل خليّة مضاءة فكرة ما، لعلّ في كل خلية ملونة روح ما، انتماء ما، لعلّ بين خليّة وأخرى يجد الإنسان مرآته، وينظر إلى الآخر.. أن نكون مرايا لبعضنا البعض.. جميل أن نتصفح عيون بعضها البعض، فالمرايا لا تكذب ، تنقل الصورة كما هي في غالب الأحيان، خصوصا إذا كنا لا نكره صورنا عن أنفسنا.. وما دمنا لا نكره صورنا يمكن عندها أن نقبل الاخر ونرحمه ونرعاه ونرقيه بالمحبّة في حضرة الوطن..

إنما وطننا الضوئي الملوّن مرآتنا أيضا.. هو انعكاس صورنا التي نحلم ونعشق.. هو ما أعشقه فيك وما تتلذذه روحي.. هو ما يحضنني منك وما تعانقه فيا .. هو صورة من صور جينات فائقة الجمال ومتناهية الكمال. لتتغير التفاصيل وليبقى الجوهر واحد أحد.. كما العشق واحد أحد.. إنه الروح وإنا الحياة..
في التجربة الفنية الرائدة لريم سعد، تٌلغي الحدود والانقسامات، وكأنّها تقول أن تونس بانفتاحها الداخلي والخارجي والذري والكوني أرحب وأسمى وأغلى.. كذلك أيضا ينكشف سرّ الخلايا حتى في الظلام الداكن، فلوحة تونس تتغير بفعل الأشعة فوق البنفسجية، حيث تشعّ الخلايا من جديد إبان انعدام النور، وكأنّ خلايا تكتنز النور داخلها حتى مجيء الظلام الذي لا مناص منه، لتنبئ المتلقي لأعمالها أنّ الألوان حية لا تموت وأنّ الوطن حي لا يموت وأن فسيفساء ألوانها المائية ما هي إلاّ استعادة لتراث أجدادها الذين ابتكروا أكبر مطمور فسيفسائي في العالم، لكن الفرق بين الفسيفاء الرومانية وفسيفسائها أن الأولى كان أساسها قطع من الحجر، أما تقنية ريم سعد فأساسها وميض الضوء المبتكر وتشكّل الخلايا المائية، أو خلايا الحياة في وطن يريد الحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115