«فاتن أمل حربي» مسلسل يهز الأزهر والبرلمان في مصر: الدراما تدافع عن حقوق المرأة وتدفع إلى مراجعة القانون

أخرى تلامس الداء وتحرّك السواكن في محاولة لجعل الفن مؤثرا في المجتمعات حقا وقادحا لتغيير الأوضاع وتعديل القوانين. وفي مصر نجح مسلسل «فاتن أمل حربي» في إدارة الرقاب إلى قضايا المرأة وفتح الجدل الواسع حول حقوق المطلقات في المجتمع والقانون.
منذ حلقاته الأولى، أثار المسلسل الرمضاني «فاتن أمل حربي» الضجة في مصر بعد أن فضح التأويلات الزائفة للدين وكشف قصور مجلة الأحوال الشخصية عن حماية حقوق المرأة.
وكيل الأزهر السابق : في المسلسل «منهج هدم للدين»
بقلم من رصاص ونار، كتب الروائي والصحفي الشهير إبراهيم عيسى سيناريو مسلسل «فاتن أمل حربي» ليفتح على نفسه واجهة المواجهة مع «الأوصياء» على الدين والمتزمتين من الرجال في دفاع عن حقوق المرأة وانتصار للمطلقات في العيش بكرامة يكفلها القانون.
وفي بطولة لنيللي كريم وشريف سلامة، وإخراج محمد جمال العدل يروى مسلسل «فاتن أمل حربي» قصة الموظفة «أمل» التي تقرّر الانفصال عن زوجها سيف بالطلاق بعد إهانة ومعاناة. إلا أنها تواجه عديد العراقيل والصعوبات سيما بعد تمسكها بحضانة ابنتيها ... وفي معركتها من أجل الطلاق تتعرّى ثغرات القانون المصري في الانحياز للرجل على حساب المرأة.
ومن المشاهد التي أثارت لغطا واسع في مصر وصل صداه إلى جامع الأزهر هو ذهاب فاتن لدار الإفتاء لطلب فتوى، فتسأل الشيخ «يحيى: « المطلقة إذا تزوجت تسقط حضانة أولادها ؟» ولما أجابها بنعم. ، صرخت في وجهه:»ربنا ما قالش كده... الله عادل ورحيم والرحيم لن يحرم أمّ من أولادها».
وفي هذا السياق اعتبر وكيل الأزهر السابق عباس شومان «أنّ ما جاء في مسلسل “فاتن أمل حربي” عن الاستدلال على دليل سقوط الحضانة عن المرأة المطلقة حال زواجها يعد جريمة متكاملة الأركان. هل ورد هذا الحكم في القرآن صريحا؟ إنّ هذا التشريع لا ينحصر في كتاب الله، بل معه السنة والإجماع والقياس، ومصادر أخرى يعرفها العلماء لا الجهلاء. إنه منهج هدم للدين، فليس في القرآن عدد الصلوات ولا الركعات…فكر خبيث يجب التصدي له».
مشروع في البرلمان لتعديل قانون الأحوال الشخصية
من الأزهر إلى البرلمان، نجح مسلسل «فاتن أمل حربي» في زعزعة الثوابت وتحريك السواكن في دفع إلى تخليص الدين من الالتباسات والتأويلات على المقاس، وإلى مراجعة القانون والتشريعات التي لم تعد مواكبة للعصر.
ولاشك أن هذا المسلسل سيدعم مشروع تعديل لقانون الأحوال الشخصية الذي تقدمت به نائبة البرلمان نشوى الديب بالتزامن مع انطلاق بث حلقات المسلسل الرمضاني . وأوضحت عضوة مجلس النواب في تصريح إعلامي « أن قانون الأحوال الشخصية المعمول به حاليا في مصر صدر منذ عام 1920، أى منذ أكثر من قرن ودخلت عليه بعض التعديلات والإضافات، لافتة إلى أهمية مواكبة القانون للتحولات الاجتماعية والاقتصادية التى حدثت على مدار 100 عام. وقالت إن الممارسة العملية لهذا القانون وتعديلاته كشفت أنه لم يعالج جميع المشكلات بشكل كامل، بجانب ظهور العديد من الظواهر السلبية، والمخاطر التى تتعرض لها الأسرة، نتيجة المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية»....
ومن جهتها قالت النائبة جيهان زكي « إنّ هناك مصريات كثيرات وجدن أنفسهن في واحدة من تفاصيل حياة «فاتن أمل حربي» في رحلة معاناتها سواء قبل أو بعد انفصالها عن زوجها و تحملها لمسؤولية الطلاق. وأشادت بالحديث الجاري حاليا سواء من الحكومة أو من أعضاء بمجلس النواب عن طرح مشروعات قوانين للأحوال الشخصية على مائدة الحوار المجتمعي والبرلماني، مؤكدة أن تغيير قانون الأحوال الشخصية سيكون بمثابة تاريخ جديد للدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي».
من عام 1975 إلى سنة 2022 ومن البطلة فاتن حمامة إلى النجمة نيللي كريم، كان فيلم «أريد حلا» قد طرح قصة امرأة تريد الطلاق لكن القانون المصري يمنعها ليتم تعديل التشريعات بعد ذلك. واليوم يبدو أن مسلسل «أمل فاتن حربي» سينجح في تعديل قانون الأحوال الشخصية في مصر. وهو ما يثبت أنّ الدراما يمكن أن تغيّر من مصير الشعوب فعلا لا قولا متى أبدعها أصحاب مشروع فني وفكري لا مجرد هواة لشهرة «البوز» وربح الكعكة الأكبر في سوق الإشهار !