في اعتداء على ثقافة الجمال: المحرس من عاصمة للفن التشكيلي إلى مصب فضلات ؟!

هي مدينة صغيرة لكنها كبيرة في الحلم والجمال. تستسلم «المحرس» إلى هدوء شاطئها وهمس موجها لتوزع على سكانها وزائريها طاقة

حب وصفاء وتهديهم متعة التجول في متحفها المفتوح في الهواء الطلق. إلا أن هذه المدينة الحالمة والشهيرة بمهرجانها الدولي للفنون التشكيلية مهددة بأن تتحول إلى مصب فضلات بعد أن كانت عنوانا للحسن والسحر...
في كل صيف تصبح مدينة المحرس قبلة للرسامين والنحاتين من كل أنحاء العالم. وقد أصبح شاطئها متحفا مفتوحا لعرض عشرات المنحوتات والمجسمات بتوقيع فنانين عالميين.
مصب الفضلات يغتال مشروع المنتزه السياحي
أحدث تأسيس مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية نقلة نوعية في مدينة المحرس منذ تأسيسه في الثمانينيات على يد الفنان الراحل يوسف الرقيق. وبفضل هذا المهرجان تحولت المدينة الصغيرة الساحلية إلى عاصمة للفن التشكيلي في البلاد التونسية. وفي الوقت الذي تتطلع فيه هيئة المهرجان الشهير إلى انتشار أوسع وصيت أكبر، كانت المفاجأة الصادمة بقرار إنشاء مصب فضلات في هذه المدينة الحالمة والجميلة.
وقد أصدرت جمعية مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية بيان استنكار واحتجاج بإمضاء كاتبها العام إسماعيل حابة ،أعلنت فيه عن «معارضتنا المطلقة لمشروع انجاز مصب / مركز التثمين بضيعة زروق بالمحرس لما يتسبب فيه من مضار بيئية بريا وبحريا وصحية للسكان والمحيط الذي يمتد على كيلومترات عديدة» .
وقد استنكرت هيئة المهرجان «قرار الإسراع بإنجاز هذا المصب دون الرجوع إلى الأهالـــي والمجتمع المدني بالمحرس وباقي المناطق المجاورة التي سيلحقها الضرر في الوقت الذي تم فيه التراجع عن المشاريع التي كان من المزمع إنجازهـــا بالمحرس نذكر من بينها: مشروع حي الفنانين الذي عمل مهرجان المحرس للفنون التشكيلية على إنجــــازه منذ 30 سنة ومشروع القرية السياحية بالشفار ومشروع إعلان المحرس مدينة سياحية...»
وبعد أن كان أهالي المحرس وضيوف مهرجانها ينتظرون بفارغ الصبر مشروع تحويل «هنشير زروق» إلى منطقة غابية ومنتزها سياحيــــــا والذي تأجل لسنين طويلة، كان القرار المخيب الآمال بتحويل هذه الضيعة الشاسعة إلى مصب فضلات ملوث للبيئة !
في الأيام الأخيرة يخوض مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية إلى جانب المجتمع البلدي والمجلس البلدي تحركات احتجاجية متواصلة رفضا لإنشاء مصب للنفايات في «هنشير زروق» سيما وأن وزير السياحة السابق رينيه الطرابلسي كان قد أعلن في أفريل 2019 عن تصنيف مدينة المحرس مدينة سياحية، إضافة إلى نية بعث مشروع ضخم للتنشيط السياحي والإقامة السياحية في منطقة  شاطئ الشفار.
قد تجوز مقارنة مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية بمهرجان «كان» فكلاهما غير وجه المدينة الصغيرة وجعلها عاصمة دولية للفن . ولذلك فإن انشاء مصب للفضلات هو عصف لكل الأحلام والإنجازات وتدمير لثقافة الجمال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115