منزل ابن خلدون في المغرب للبيع: إعتداء على التراث أم لبس تاريخي ؟

كان «ابن خلدون» ولا يزال علاّمة عصره وما بعد عصره، فهو المؤرخ والفيلسوف وأب علم الاجتماع ومؤسسه الأول. إلا أن هذه العبقرية العربية

التي يعترف بها كبار الباحثين في العالم لم تجد ما يليق بها من تقدير وتثمين في تونس وجل بلدان العالم العربي التي مرّ بها ابن خلدون ... وفي هذا الصدد أثار الإعلان عن بيع منزل ابن خلدون في المغرب للبيع ضجة كبيرة واحتجاجا تجاوز حدود المملكة المغربية.
باعتبار القيمة الرمزية والتاريخية لأي منزل حلّ به العالم الشهير ابن خلدون، فمن الطبيعي أن يثير التفويت في هذه المنازل التي من المفروض أن تتحوّل إلى معالم جدلا واسع النطاق.
تونس تفشل في اقتناء منزل ابن خلدون بالمغرب
هي صورة منزل عتيق معروض للبيع بمدينة فاس، علقت فوق بابه لافتة كتب عليها: «رياض ابن خلدون العالم السوسيولوجي وواضع علم الاجتماع للبيع». وقد كانت هذه الصورة موضع سخط وغضب في دولة المغرب وخارجها مما أجبر السلطات المعنية على فتح تحقيق في الغرض.
وتعود ملكية العقار الذي لا زال آهلا بالسكان إلى عائلة «مهياوي» التي اقتنته سنة 1969، بعد أن توالت على ملكيته أربع عائلات أخرى. ويتكون المنزل من ثلاثة طوابق مربعة الشكل، وهي بناية- يشير المتحدث- إلى أنها خالفت في هندستها جميع أنماط الهندسة المرينية المعروفة في فاس والمغرب كله.
وفي الوقت الذي توضع فيه نقاط استفهام حول حقيقة إقامة العلاّمة ابن خلدون بهذا المنزل، أكد أستاذ التاريخ المغربي محمد بن عبد الجليل - في تصريح إلى وسائل إعلام مغربية - أنّ العقار المذكور هو فعلا كان محل سكن ابن خلدون. وأشار إلى «أنّ خياطا بمنطقة الطالعة الكبرى بفاس كان قد امتلك بيت ابن خلدون أطلعه على الرسم العدلي لشراء هذا المنزل، الذي يفيد مضمونه بأن ذلك العقار يعود فعلا لعبد الرحمان بن محمد ابن خلدون». وأضاف أستاذ التاريخ «أنه كانت هناك محاولات، قبل حوالي 15 سنة، من طرف السلطات الثقافية في تونس لاقتناء العقار المذكور، قصد ترميمه وتحويله إلى مكتبة خاصة بمؤلفات ابن خلدون. إلا أن مسؤولين مغاربة اعترضوا على الأمر».
غياب الأدلة والشواهد التاريخية
أمام الضغط الشعبي لإجبار السلطات المعنية في المغرب على منع التفويت في منزل ابن خلدون، تم تعيين لجنة خبراء للتحقق من مدى امتلاك العالم ابن خلدون للعقار موضع الجدل. وفي هذا السياق أفاد وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد أن تقارير وزارته أظهرت بصفة أولية أن المنزل المذكور ليس هو منزل الفيلسوف ابن خلدون، لأنّ الرياض بني في القرن الـ19 في زمن العلويين، في حين أن العالم ابن خلدون عاش في زمن المرينيين.
وأكد الوزير المغربي أنه سيتم «إيلاء العناية اللازمة لهذا الرياض، المتواجد بالمدينة القديمة بفاس والمحافظة على جماليته، ولو أن التحقيقات بينت أن الرياض المذكور ليس له ارتباط مباشر بالمفكر ابن خلدون».
لم يعرف ابن خلدون في حياته الاستقرار وكان دائم الترحال من بلد إلى آخر، وقد ارتحل إلى مدينة فاس ليقيم بها ما بين 759 - 764 ﻫجري بعد أن انتشر وباء الطاعون في تونس وقضى على والديه والكثير من شيوخه الذين كان يتلقى عنهم العلم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115