في الوقت الذي تتجاهل فيه تونس أعلامها: مصر تعلن عن مسابقة بحثية حول آثار «ابن خلدون»

سبق عصره وسبق زمانه في أكثر من مجال على غرار علوم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد... وكان ابن خلدون وسيبقى مرجعا في وضع المناهج العلمية التاريخية

ودراسة الظواهر الاجتماعية. وقد وقف الغرب إجلالا وتقديرا أمام مؤلفات هذا العلاّمة العبقري والمؤرخ الفذ والعالم اللامع، أما العرب فيحدث أن نسوا أو تناسوا قيمة الرجل ومكانته الفكرية والفلسفية ...
لا شك أن دعوة وزارة الثقافة المصرية للباحثين المصريين والتونسيين للتنافس ضمن مسابقة حول أعمال ابن خلدون من شأنه أن يذّكر بإسهامات هذا النابغة العربي في إنارة طريق البشرية.

ابن خلدون والفكر الاستشرافي
ولد ابن خلدون في تونس العاصمة في 27 من ماي 1332 ، وقد كرّمت تونس ذكرى هذا العلاّمة بنصب تمثالي وسط العاصمة نحته الفنان الراحل زبير التركي سنة 1978.
وقد قامت، مؤخرا، بلدية مدينة تونس بترميم هذا التمثال وتجميل ساحته فإذا بخطإ لغوي يتسرب إلى مقولته الشهيرة «إن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق» . وقد سارعت البلدية إلى تدارك الخطإ بعد موجة غضب وسخرية.
وليست هذه الحادثة إلا دلالة على قصور العقل والنظر في التعامل مع الأعلام وصون آثار العلماء. ويبدو أن تونس قد فوّتت على نفسها الاستفادة من الإشعاع العلمي والفكري للعلامة ابن خلدون والتسويق لصورتها الثقافية التي يعد صاحب «المقدمة» أحد أبرز أعمدتها لكن في المقابل تسارع البلدان العربية التي عاش فيها هذا العالم إلى استثمار مرور ابن خلدون بأرضها على غرار المغرب ومصر ...

وفي هذا السياق، أعلنت مصر عن إطلاق مسابقة بحثية حول أعمال «ابن خلدون» التونسي المولد والذي أمضى جزءا كبيرا من حياته في مصر حيث استقبله السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين برقوق (1336- 1399) بحماس شديد ومنحه منصب القاضي. ولقي ابن خلدون كل التقدير في مصر حتى مات ودفن هناك.
وأعلنت وزارة الثقافة المصرية أن هذه المسابقة موجهة للباحثين والمهتمين في كل من مصر وتونس في المجالات البحثية التالية: الواقع العربي في كتابات ابن خلدون والفكر الاستشرافي في فلسفة ابن خلدون وقراءة تحليلية في مقدمة ابن خلدون وأثر ابن خلدون في تأسيس علم الاجتماع، وامتداد فكره إلى الغرب.وقد حدّد آخر موعد لقبول الأبحاث يوم 15 نوفمبر 2021.

2021 – 2022 عاما للثقافة المصرية التونسية
يأتي بعث هذه المسابقة في ضوء إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس قيس سعيد عام 2021 – 2022 عاما للثقافة المصرية التونسية.
قالت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم في حوار صحفي إنّ «إطلاق مسابقة بحثية كبرى حول أعمال العالم والمفكر التونسي ابن خلدون والذي أمضى جزءا من حياته في مصرستكون موجهة للمصريين والتونسيين للتأكيد على عمق العلاقات بين البلدين تنظمها مكتبة القاهرة الكبرى التابعة لقطاع الإنتاج الثقافي بالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية والمجلس الأعلى للثقافة» . وأضافت الوزيرة أنه سيتم تنظيم عدد من الموائد المستديرة حول الموضوعات التي يمكن أن تحقق مناقشتها قيمة مضافة لصناعة الثقافة في تونس ومصر ومنها على سبيل المثال تبادل الخبرات حول المهرجانات الثقافية والفنية الدولية في ظل جائحة كورونا ، إلى جانب تنظيم مائدة مستديرة حول صناعة النشر بعنوان «الفرص والتحديات» يشارك بها اتحاد الناشرين في مصر وتونس بالإضافة إلى عدد من المسئولين عن النشر في وزارتي الثقافة في البلدين..

وأكدت وزيرة الثقافة في مصر أنه تم إرسال عدد كبير من الإصدارات الثقافية المصرية لتقدم باسم مصر إلى المكتبة الوطنية التونسية وعدد من المكتبات الأخرى من إصدارات كل من الهيئة العامة للكتاب، المركز القومي للترجمة، الهيئة العامة لقصور الثقافة.. مضيفة أنه في إطار استثمار الرصيد المتميز من الأفلام القصيرة والتسجيلية المتوفر لدى المركز القومي للسينما، تم اختيار عدد كبير من الأفلام لإرسالها لتونس للعرض في مناسبات ثقافية فور استقرار الأوضاع بسبب جائحة كورونا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115