المدير الجديد لفرقة مدينة تونس للمسرح طاهر رضواني لـ «المغرب»: نسعى إلى التغيير والتطوير لاستعادة الأضواء والإشعاع

هي سيّدة المسارح ورائدة الأركاح و«أم الفرق المسرحية»... معها كانت البدايات والأبجديات في تاريخ المسرح التونسي. تكوّنـت فرقة مدينـة

تونس للمسـرح بصفة رسميّة بمقتضى القـرار البلـدي المـؤرّخ في 25 جانفي 1955، وكلّف محمد عبد العزيز العقربي بإدارتها ليتعاقب عليها أعلام المسرح في تونس. بعد عصورها الذهبية وأمجادها الفنية، انحسرت الأضواء عن الفرقة العريقة لتحتاج اليوم إلى خطة إنقاذ تعيد الحياة إليها. في أول حوار صحفي له كشف المدير الجديد لفرقة مدينة تونس للمسرح طاهر رضواني لـ«المغرب» عن ملامح مشروعه ورؤاه وفلسفته في إدارة الفرقة حتى تستعيد المكانة والذاكرة والعافية...
• تسلمت منصب إدارة فرقة مدينة تونس للمسرح ليس على أساس التعيين بل بعد التقدم بمشروع ترشح ... فهل من لمحة عن مكوّنات هذا المشروع؟
شرف كبير لي تولي إدارة فرقة مدينة تونس للمسرح التي على ركحها شاهدنا روائع المسرحيات التونسية وكلاسيكيات الفن الرابع. وبفضل أداء عمالقة التمثيل على خشبتها صقلنا مواهبنا وتعلمنا أبجديات المهنة وعشقنا المسرح.
إن إدارة هذا الصرح العظيم هي بالنسبة لي مسؤولية كبيرة في حجم أسماء عظيمة تعاقبت على كرسي مدير فرقة مدينة تونس للمسرح. ولهذا سعيت من خلال ملف ترشحي إلى تقديم مقترحات إصلاح انطلاقا من إعادة تهيئة المقر الحالي للفرقة مرورا بإعادة الهيكلة وصولا إلى تنمية الموارد الذاتية... ولعل واقعية مشروعي وإحاطته بكل الجوانب الهيكلية والمالية والفنية هي التي جعلت اللجنة المختصة والصارمة التي تكوّنت لدراسة ملفات الترشح تختارني لأنال هذا المنصب المشرف وهذا التكليف الجسيم. أنا أحترم كثيرا هذه المسؤولية الجديدة لكني لا أخافها بل أنا عازم على النجاح إيمانا مني بعراقة تاريخ فرقة مدينة تونس للمسرح وبقدرة الفن الرابع على تغيير مصير الشعوب.
• بعد أن تداول على إدارتها الكبار على غرار محمد عبد العزيز العقربي وحمادي الجزيري وعلي بن عياد... وأخيرا السيدة منى نورالدين، كيف يمكن اليوم رد الاعتبار والقيمة والمكانة إلى فرقة مدينة تونس العريقة؟
لا يختلف اثنان في أن الفرقة عرفت بعض العثرات في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة مقارنة بعصرها الذهبي في الماضي. لكن قد يكون هذا التعثر بمثابة الرّجة لإعادة النظر في واقع الفرقة والتأمل في مستقبلها وبالتالي العمل على أرضية صلبة وقاعدة متماسكة من أجل العودة إلى الصدارة والقمّة. لا شك أن الزمن قد تغيّر والمقاربات الفنية والجمالية للمسرح قد تطوّرت لذلك علينا بدورنا أن نواكب رياح الحداثة من حولنا دون الإخلال بهوية الفرقة وخصوصية مسرحها... لهذا ستواصل الفرقة إنتاجات «مسرح العائلة» و»مسرح الفودفيل» التي عرّفت بها إلى جانب ابتكار انتاجات جذابة وضخمة لكن برؤى وتقنيات وجماليات معاصرة.
• كثيرا ما عانت فرقة مدينة تونس من إشكالات إدارية ومالية بسبب ارتباطها بالمجلس البلدي على غرار الأزمة الأخيرة مع رئيسة البلدية سعاد عبد الرحيم ... فما هي خطتكم في ما يتعلق بمديونية الفرقة وتنمية مواردها الذاتية؟
صحيح أن فرقة مدينة تونس للمسرح ترتهن في الوقت الحاضر إلى الدعم العمومي لمواصلة نشاطها وتنفيذ مشاريعها المسرحية على غرار منحة بلدية تونس لذلك فهي في حاجة إلى أن تحقق بعض الاستقلالية المالية ودعم ميزانيتها حتى تتقدم في مشاريعها وأنشطتها... ولقد تقدمنا في مشروعنا بعدد من الاقتراحات لتنمية الموارد الذاتية للفرقة والتخلص من المديونية على غرار إحداث ورشات «المسرح للجميع» الموجهة لكل الفئات والشرائح دون استثناء والاستفادة من مداخيلها. وكذلك الاستفادة من عائدات «المدرسة التكوينية» التي نعتزم بعثها لإسناد شهادات احتراف لطلبتها بعد تكوين شامل وصارم. كما سنعمل على تهئية «مسرح الجيب» الذي تمتلكة الفرقة ليتمكن من الحصول على منحة التسيير السنوية التي تسندها وزارة الشؤون الثقافية إلى جانب الحصول على موارد إضافية من خلال تسويغه بمقابل مادي لاحتضان عروض المهرجانات الكبرى على غرار أيام قرطاج المسرحية والسينمائية والمسرحية وغيرها ... كما سنسعى إلى تعبئة الموارد المالية الذاتية للفرقة من خلال عديد المشاريع الأخرى سنكشف عنها في قادم الأيام.
• بالرغم من تاريخها العريق وإنتاجاتها الشهيرة، فإن ذاكرة فرقة مدينة تونس للمسرح تعاني من التشتت والإهمال... فهل تعتزمون توثيق أرشيف الفرقة العريقة ؟
من أساسيات المشروع الذي تقدمت به لإدارة فرقة مدينة تونس للمسرح هو جمع أرشيف الفرقة ليس فقط للتوثيق بل أيضا للرقمنة من أجل الحفاظ على هذه الذاكرة حيّة وخصبة. طبعا عملية رقمنة الأرشيف سيتم تنفيذها بالتوازي مع تطوير الخطة الاتصالية والاستراتيجية الدعائية للفرقة حتى يكون تاريخها أكثر مقروئية وحاضرها أكثر نفاذا إلى الجمهور العريض. ومن بين النقاط التي سيتم تحقيقها قريبا هي :خلق موقع واب لفرقة مدينة تونس وصفحة نشطة للفرقة على مواقع التواصل الاجتماعي قصد التعريف بأنشطتها وانتاجاتها، إلى جانب تصميم المعلقات والدعاية والترويج الواقعي والافتراضي. كما نسعى إلى إعداد نشرية ورقية سنوية باللغات العربية والفرنسية والإنقليزية تتضمن تقارير عن نشاط الفرقة طيلة سنة كاملة مصحوبة بلمحات عن تاريخ الفرقة وسير مبدعيها....
وبالتالي فإن الرقمنة من خلال الورقي والديجتال ستمكننا في النهاية من أرشفة وتوثيق وحفظ ذاكرة فرقة مدينة تونس للمسرح وإتاحتها مبوبة على ذمة الباحثين والمسرحيين والأجيال القادمة.
• ألا ترى أن فرقة مدينة تونس للمسرح في حاجة اليوم إلى «تشبيب» أعضائها وضخ دماء جديدة في شرايينها؟
فعلا هذا ما نسعى إلى تحقيقه... إن الفرقة في حاجة إلى أعضاء جدد ونفس جديد حتى تستمر وتتطور وتقدم الإضافة في المشهد المسرحي التونسي. وبالرغم من صعوبة الانتداب في الوقت الحالي فإننا سنسعى من خلال العقود البديلة والصيغ القانونية المعمول بها إلى استقطاب ثلة من الممثلين المحترفين حتى نستطيع تنفيذ المشاريع الفنية الضخمة التي تليق بتاريخ فرقة مدينة تونس للمسرح مما من شأنه أن يعيدها إلى محور الاهتمام ودائرة الضوء كمرجع ورمز وركح مبدع ومقنع.
طاهر رضواني في سطور
• أستاذ أول مميز للتربية المسرحية
• من مواليد قفصة في 20 أكتوبر 1970
• مؤلف ومخرج وممثل بفرقة مدينة تونس للمسرح
• مؤلف أغان
• مؤسس ومدير لعديد الجمعيات والمهرجانات
• ناشط مسرحي وثقافي منذ 1984

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115