موقع «أوذنة» الأثري في حلّة جديدة: هل سيكون مستقبل «أوذنة» مشرقا أكثر من حاضرها ؟

في كبرياء وغموض، ينتصب موقع أوذنة الأثري شامخا في المكان وصامدا. بعد أن عمّره الأثرياء وحكمه الأقوياء...

لا يزال هذا الموقع محتفظا بالعظمة والإباء والخيلاء. أوذنة هي المدينة الرائعة، الساحرة التي لم تبح بكل أسرارها ولم تكشف إلا عن جزء بسيط من معالمها... أما بقيّة ملامحها وكنوزها فلا تزال مخفية تحت الأرض وخفيّة عن العيون في انتظار استئناف الحفريات والعثور على اكتشافات جديدة.
على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا في الضاحية الجنوبيّة الغربيّة لمدينة تونس، تتربع أوذنة أو «أوتينا» في كامل بهائها وجمالها في إغراء لا يقاوم بزيارتها واكتشاف كنوزها...
أخيرا ... هياكل استقبال في موقع أوذنة
في متعة للبصر ومؤانسة للحواس، يقترح موقع أوذنة الأثري على زواره جولة رائقة بين الكابيتول والمسرح والحمامات واللوحات الفسيفسائية.... ولئن كان هذا الموقع من أكبر المواقع الأثرية في البلاد التونسية إلا أن لم يحظ بالمكانة التي يستحقها ولا يتمتع بالحظوة التي تليق بتاريخه العريق ومعالمه التي لا تشبه غيرها...
بفضل جمال الطبيعة من حوله وخصوبة أرضه، يمتلك موقع أوذنة اليوم مقوّمات الموقع الأثري والطبيعي في آن واحد. إلا أنه وبالرغم قربه من العاصمة وسهولة الوصول إليه لم ينل الشهرة الكافية ولم يجد الإقبال المكثف لكونه منتزه أثري طبيعي.
ولعل من المعوّقات التي كانت تحول دون حيوية موقع أوذنة افتقاده إلى هياكل استقبال بما في ذلك غياب الوحدات الصحية... ومن حسن الحظ أن هذا الإشكال لم يعد قائما حيث تمّ، مؤخرا، الانتهاء من أشغال تشييد هياكل استقبال بالموقع وفقا لمواصفات جودة عالية.
وعن تفاصيل هذا الإنجاز الذي طال انتظاره بالموقع الأثري بأوذنة، أفاد المهندس المعماري محمد معز لبان في تصريح لـ «المغرب» بالقول: «لا شك أن الرحلات والزيارات إلى الموقع الأثري بأوذنة ستصبح أكثر متعة وراحة بعد الانتهاء من تركيز هياكل استقبال من طراز عال. وتتمثل مكونات هذه الهياكل التي تمتد على مساحة 1200 م2 في مقر إدارة ومطعم ووحدات صحية ...إلى جانب فضاء تجاري لبيع الهدايا التذكارية والمنتوجات التراثية بما من شأنه أن يساهم في دعم مداخيل الموقع. ومن المكتسبات التي حظي بها موقع أوذنة، كذلك، احتواء هياكل الاستقبال على قاعة فسيحة الأرجاء صالحة للعب دور مزدوج: فيمكن أن تكون قاعة عروض ومعارض كما يمكن أن تتحوّل إلى قاعة مؤتمرات لاحتضان الندوات والاجتماعات ومختلف المناسبات...».
وأضاف المهندس محمد معز لبان أن النفاذ إلى الموقع الأثري بأوذنة أصبح أكثر سلاسة وذلك بعد تركيز جسر معدني يبلغ طوله 80م ليسهل على السياح والزوار الولوج مباشرة إلى المسرح المدرج مرورا بهياكل الاستقبال.
وكشف محدثنا عن أن كلفة أشغال هياكل الاستقبال بالموقع الأثري بأوذنة قد بلغت مليونين و800 ألف دينار وأفاد أن الموقع في انتظار الانتهاء من مشروع تجهيز مأوى السيارات تحت إشراف وزارة التجهيز والإسكان والبنية التحتية.
للإشارة، فقد سبق وأن صرّح محافظ الموقع الأثري بأوذنة نزار بن سليمان لـ « المغرب» بأن ربط الموقع بالشبكة الكهربائية وتزويده بالماء الصالح للشراب وتحسين الطريق المؤدية للموقع وتركيز إنارة عمومية وتساهم في الرفع من معدل الزيارات السنوي لأوذنة من 12 ألف زائر في السنة إلى حوالي 15 ألف زائر سنة 2019.
مسلك سياحي وثقافي ... ووجه أجمل للموقع
إن موقع أوذنة بكل يمتلكه من خزائن وكنوز ومعالم وفسيفساء وامتداد شاسع في الطبيعة يتطلع إلى التسجيل في قائمة اليونسكو للتراث العالمي بصفته موقعا ثقافيا يضم الموقع الأثري ومحيطه الطبيعي في آن واحد. ويمتد الموقع الأثري الذي يمتد على مساحة 120 هكتار ويضم المعابد والكابيتول والمسرح والمنازل الرومانية ... أما الموقع الثقافي فيمتد على 4200 هكتار ويشمل المشهد الطبيعي والفلاحي الذي يحيط بالموقع.
وقبل تسجيله في قائمة اليونسكو يحتاج موقع أوذنة إلى حياة جديدة ووجه أكثر إشراقا يفيه حقه بما يليق بمكانته عبر التاريخ. في هذا السياق ، أفاد محافظ الموقع نزار بن سليمان بما يلي: «نعمل على استقطاب شرائح أكبر من الجمهور من خلال تخصيص فضاءات مهيئة للاستجمام والتنزه وإعداد مسلك سياحي وثقافي على مستوى الجهة يجمع بين متعة التعرف على الموقع الأثري والسياحة الخضراء خصوصا إذا ما تم ربطه بزيارات إلى الضيعات الفلاحية المجاورة ومعاصر الخمور والزيوت وجبل الرصاص وجبل بوقرنين ... ولا شك أن هذا المسلك سيغيّر من واقع أوذنة كثيرا وسيّبدل حال الموقع نحو الأفضل».
ولئن استعاد موقع أوذنة لجمهوره الغفير وأعاد الحياة إلى مسرحه عبر تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أوذنة الدولي في صائفة 2019، فإنه يحتاج إلى تأسيس مهرجان خصوصي يجعل منه وجهة ثقافية وسياحية فريدة من نوعها .
وقد سبق أن أعلنت بلدية الخليدية عن نيتها في إطلاق اسم الراحل حبيب بن حسن على أحد الشوارع والمهرجانات تكريما لجهوده في اكتشاف موقع أوذنة وإخراج كنوزه من العتمة إلى النور.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115