تجارب سردية متنوعة لكتاب تونسيين تميزوا ولفتوا الأنظار إليهم بما أبدعوه في مجال السرد قصة ورواية وهم محمود المسعدي والبشير خريف وعزالدين المدني وحسين نصر ثم عبد الواحد براهم ومحمد الباردي وحسين الواد ومحمد يحيى هؤلاء ينتمون الى ثلاثة أجيال أدبية في تونس (جيل الاربعينات وجيل الخمسينات ثم جيل الستينات) كانت لها اتجاهات ومشارب مختلفة لا جامع بينها.ففي الدراسة الاولى وهي بعنوان «بلاغة التفاعل المعرفي بين التجربة الإبداعية والرؤية الفلسفية «محمود المسعدي نموذجا» أشارت الأستاذة الصفار إلى أن الأدب والفلسفة مرتبطان ارتباطا وثيقا قاسمهما المشترك هو الفكر وان اللغة لم تعد مجرد وسيلة للتعبير المجاني بقدر ما وقع توظيفها التوظيف البليغ لتعبر عن شواغل المتلقي وآلامه وآماله في أن واحد .
ومحمود المسعدي في «حدث ابو هريرة قال» على لسان بطله كان قد أخفى روحا فلسفية صاغها في شكل سردي تراثي هو الخبر لإيصال فلسفته وراؤه الوجودية الى القارئ وصفوة القول ان «حدث ابو هريرة قال» و«السد» صورتان متناقضتان تعبير المسعدي عن الوجود فالأول فيه تعبير عن العجز أي «حدث أبو هريرة» والثاني أي «السد» يعبّر من خلاله عن الإمكان.
وفي الدراسة المخصصة لتجربة البشير خريف اكدت الباحثة فوزية الصفار ان المرأة في روايات هذا المبدع لا تتردد في التمرد على انساق المنظومة التقليدية فهي تتحول من بيئة محافظة الى بيئة متفتحة ذلك انها تلوذ «بطبيعتها الفطرية «الى التوق للحرية والتمرد على سطوة القيم السائدة في المجتمع المدني الذي وضع في طريقها حواجز عدة وحاولت تعديد أشكال تحرر المرأة في مختلف رواياته وهو العنوان الذي اختارته لهذه الدراسة.
ثالث دراسة في هذا الكتاب الذي جاء في 168 صفحة كانت بنوان (عزالدين المدني والمسرح التونسي) ولكنها تناولت بالدرس انتاجه (القصصي أولا ثم مرت الى المسرح لتشير الى ان مسرحيته (ديوان الزنج) التي أخرجها علي بن عياد كانت علامة بارزة في تاريخ المسرح التونسي كما عرجت ايضا على مسرحيته( على البحر الوافر) وعلى مسرحيته(ابن رشد) لتشير في الختام وبعد الخوض في تفاصيل وخفايا كتاباته المسرحية الى انه اي المدني قامة إبداعية لا تقل ألقا وإشعاعا عن كبار المبدعين في العالم فهو في سرده القصصي والمسرحي شاهد عل العصر دون منازع له في ذلك .
إن محتويات هذا الكتاب تشد في كل مرة القارئ بأسلوب الكاتبة السلس ولغتها المتميزة بالصفاء وخاصة بدقة ما تضمنه في كل مرة من تفاصيل دقيقة تبرز مدى اطلاعها وغوصها في كل مرة في تجربة من تجارب هؤلاء المبدعين خاصة ان لكل واحد منهم نهجه وأسلوبه في الكتابة السردية.