«Story bi story» أولى إنتاجات مركز الفنون الركحية في باجة: الفن خالد والإرهاب الديني إلى زوال

أرقص، غن ارفع صوتك واصدح عاليا باسم الفن فالفن سلاح الحالمين، لا تخف مواجهة اعداء الحياة لانهم اقل شجاعة منك

ومن رسالتك هكذا يمكن تلخيص قصة مسرحية story bi story اولى انتاجات مركز الفنون الركحية بباجة.
مسرحية تنقد وضعيات الفنانين في تونس وتدعوا إلى مزيد الاهتمام بالقطاعات الثقافية فكرة واخراج لبشير بو علي ومساعد مخرج حمزة عاشور ودراماتورجيا نضال حناشي وموسيقى ليسري يحياوي وتصميم اضاءة خبيب العياري وتقني اضاءة فتحي اوشان وملابس فيكتوريا الجبري واداء كل من هناء وسلاتي ومحمد هميسي وثريا الحفصي ونبيه دلاعي وهيثم جرايدي والفة علوان ومالك حبوبي وسهيل مزوغي واحمد مغزاوي ومهدي العلوشي ويسرى اليحياوي.
صانع الفرحة ينتصر دائما على صنّاع الموت
الفن مقاومة، الفن اثبات للذات ودفاع دائم عن كل الحقوق دون تجزئة، ان تكون فنانا معناه انك صوت من لا صوت لهم، ودفاعك عن الآخرين واجب تجاه ذاتك وفنك الذي اخترته، وفي «story bi story» يدافعون عن المسرح، يدافعون عن الرقص كمهنة لها جمهورها وممارسيها ويدافعون عن الفضاءات الثقافية الخاصة وينقدون سياسة التجاهل التي تعتمدها الدولة تجاه هذه الفضاءات المسكونة بالحلم والأمل والفن والحياة.
بطلة المسرحية امراة «هناء وسلاتي» وبطلة الحكاية امرأة «منى وكارمن»، مسرحية داخل المسرحية وبين الحكي والمسرح تدور الأحداث الناقدة التي تكشف صراع بين التطرف الديني و المالي و حب الفن، «story bi story» تنقل قصة مجموعة من الفنانين يعملون بكل الجدّ لتقديم عملهم المسرحي في عرضه الأول أمام اللجنة وما يصحب التحضيرات من خوف وانتظار للنتيجة وبين التمثيل والحكاية يسردون العديد من المشاكل التي يواجها اصحاب الفضاءات الخاصة اثناء انجاز اعمالهم المسرحية.
وهم ينقلون وجع الفنان المجبر على تقديم عرض مبهر في حين انه لا يملك ثمن قهوته، وخوف الممثلة من الصعود على الركح وضرورة التميز وهي تعاني العديد من مشاكل مثل خلاص ممثليها وكراء الفضاء، كلها تفاصيل يقدمونها بكل دقة فوحده صاحب الموجوع من يتقن الحديث عن وجعه.
«منى» صاحبة الفضاء الثقافي الخاص، ممثلة مسرحية وكريغراف، منذ ثلاثين عاما تبني حلمها وتصنع من فضائها ملجأ لكل المولعين بالمسرح والموسيقى والرقص، تصنع منهم نجوم اعمالها المسرحية، منى امراة حرة عشقت الرقص والتمثيل واعطتهما الكثير من حياتها، تؤمن ان الفن سلاحها لتنجح و «تنجنّح» كما تقول محدثة «فيروزة» المشرفة على الاعمال، «منى» تحضر الاعمل جديد تكون فيه شخصية «كارمن» الراقصة بطلة القصة، «منى» التي تركها زوجها منذ ثلاثين عاما يعود فجاة متشددا دينيا يريد هدم الفضاء وتحويله الى مقهى، لتبدأ لحظات الصراع والخوف، صراع بين امراة سلاحها الفن والفكر الحر ورجل دينه المال سلاحه العنف والتهشيم «نحنا نحبو نمارسو الفن على طريقتنا في النهار في الجهار فوق الجر وتحت الحجر ، نحبوا نتعدوا الخطوط الحمر، ومهما كان جوعكم لن تقهروا ما دامت ابواب المسارح مفتوحة لتسمع كل الاصوات لا صوتا واحدا كما يدعي الدعاة».
وبين الصراعين تدور احداث المسرحية التي تنتهي بانتصار المرأة وانتصار الفن وثقافة الحياة «قلم حرّ بالحق نطلق، واقف شامخ شاهد على موزيكة بنينة مكتوبة ترد الروح للروح، على مسرح صامد رافض لا يتباع ولا يتشرى بطول الزمان ما يتمحى، وشمة مسطرة في الفكر الحرّ، مزق صوتك يا جلاد فعبيدك بركان مسعور» لينتهي العمل بانتصار مجموعة قليلة تواجه بالفن على مجموعة اكبر سلاحها العنف والرفض، وكان بالمسرحية تنادي كل الفنان للوحدة وموجهة كل اشكال العنف والتطرف بفنهم ومسرحهم وموسيقاهم.
المسرحي مدافع عن الحق في الثقافة
تمتزج عناصر السينوغرافيا لتنقد وضع المسرحيين في تونس، الإضاءة تميل للون الأصفر المزعج للإشارة إلى وضعية صعبة يعيشها ممارسي مهنة المسرح خاصة اصحاب الفضاءات الخاصة، كذلك الموسيقى الصاخبة التي تتماهى مع رفض داخلي يسكن أصحاب الفضاءات تجاه بعض القرارات الحكومية المتعلقة بها مع أداء الممثلين المتماهي مع النص وكانهم يعرفون انهم مخولين على الركح لينقدوا ويوجهوا أصابع الاتهام إلى الدولة والمجتمع الصامتين على معاناتهم واختلافهم رغم أنهم يريدون نشر ثقافة الحياة.
من «ستوري بي ستوري» المسرحية الى الفضاءات الثقافية الموجودة حقيقة نجد ان اغلبها يعاني من تجاهل الدولة من جهة وعدم تشجيعها لهذه الفضاءات كذلك ضعف المنح رغم العمل الجبار الذي تقدمه لاطفال المناطق الداخلية.
فضاء «للة منى» في المسرحية الذي يفتح ابوابه للشباب ليحلموا ويكتبوا بالموسيقى و التمثيل أحلامهم لا يختلف كثيرا عن فضاء «ارسطوا فانيس» بوادي الزرقاء لخبيب العياري مصمم إضاءة المسرحية وكأنه بالإضاءة الصفراء المزعجة أراد تنبيه الحضور الى مشاكل الفضاء، نفس المعاناة يواجها وليد خضراوي وفضاء قاعة سينما الشعانبي بالقصرين فأغلب الفضاءات المنفتحة على ثقافة الحياة تواجه العديد من المصاعب أشاروا إليها في المسرحية لانّ المسرحي مسكون بهاجس الدفاع عن الحق في الثقافة على الركح وخارجه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115