ولا تتوقّف المسلسلات في كل عناوينها ومضامينها عن ضخ الآراء والقيم وأحيانا تقديم الحلول. كثيرا ما تحتل قضايا المرأة مادة دسمة في الدراما مما يثير الكثير من الجدل حول أبعاد ظهورها وطريقة تصويرها... فكيف تعاطت الأعمال الرمضانية التونسية مع صورة المرأة في رمضان 2020؟
إن كانت الدراما مرآة تصوّر الواقع بجماله وقبحه، نبله وقذارته، خيره وشرّه... فإن كاميرا المخرج يمكن أن تطرح هذا الواقع بأسلوب يقبله المتفرج ويتفاعل معه أو بطريقة ينفّر منها المشاهد ولا يتقبّلها، وليست صورة المرأة بمعزل عن هذه المقاربة.
صورة مسيئة لمكاسب المرأة التونسية
في كل موسم درامي تكون صورة المرأة موضع اختبار ومحور اهتمام. وكثيرا ما تتعرض المسلسلات إلى الكثير من الانتقادات لإخراجها صورة المرأة في مظهر الضعيفة والخاضعة لسلطة الرجل، أو في شكل سلعة من الجسد...
في الوقت الذي تحتل فيه النساء اليوم أعلى المناصب وتحقّق فيه الاكتشافات والنجاحات، هل خدمت الدراما قضايا المرأة التونسية أم ساهمت في ترسيخ صورة المرأة الضحية ؟
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
قد يجوز القول بأن صورة المرأة في الأعمال الدرامية لهذا العام تتراوح بين وضعها في المكانة التي تستحق والمنزلة التي هي بها جديرة وبين سجنها في صورة نمطية أو ظهور مهين.
هي المرأة المناضلة والعسكرية والصامدة والفنانة... التي تلوح لنا من مشهد إلى آخر في مختلف إنتاجات هذا الموسم. وطبعا ليست هذه الصور مسقطة بل هي مرآة لواقعنا وانعكاس لأدوار حقيقية لعبتها وتلعبها النساء في كل المواقع والمناسبات.
في المقابل، لم تخرج المسلسلات الرمضانية لعام 2020 عن سياقها المعتاد في بث مشاهد استلاب حقوق المرأة وكرامتها وخضوعها لسلطة الرجل وقهر المجتمع الذكوري.
ومن المشاهد التي أثارت الانتقاد الشديد والسخرية سيما وأن مبرراتها الدرامية واهية، تلك اللقطة في مسلسل «قلب الذيب» التي تجلس فيها الفنانة لطيفة القفصي أمام زوجها الذي أدّى دوره الفنان عيسى الحراث لتقوم بغسل رجليه في صورة نمطيّة حدّ الضجر والقرف في الدراما المصرية على وجه الخصوص.
وفي مشهد مشابه في «مسلسل 27» تصرّ الفنانة جميلة الشيحي على نزع حذاء زوجها العميد في الجيش الوطني الذي أدّى دوره الفنان علي الخميري مبررة ذلك بأنها تحاول التخفيف من تعبه وهو الذي يواجه الرصاص والخطر! فهل بالحذاء وحده نرفع المعنويات !؟
«جمعية أصوات نساء» تندّد بتجاوزات الدراما
ندّدت «جمعية أصوات نساء» بـ « التجاوزات المتكررة » في مضامين المسلسلات الرمضانية وتوّجهت، أوّل أمس، بنداء عاجل لهيئة الاتصال السمعي البصري للبت في هذه التجاوزات التي تضمنتها برامج ومسلسلات رمضانية تبث على وسائل إعلام عمومية وخاصة، وذلك وفقا للفصل 11 من القانون عدد 58 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء.
وأوضحت الجمعية، في بيان لها، أن بعض مضامين الوسائل المذكورة « يطغى عليها العنف اللفظي والجسدي المسلطين على النساء، مما يؤدي إلى تبريره والتطبيع معه ».
ولفتت إلى أن هذا المحتوى « يركز على المشاهد المسيئة للنساء، مما يكرس مفهوما خاطئا لمكانتهن ودورهن في المجتمع ويعزز الصور النمطية السائدة ».
كما نبّهت « أصوات نساء » إلى أن جانبا من هذا المحتوى « يسخر من الأشخاص ذوي الإعاقة ويجعل من معاناتهم مدعاة للهزل والضحك ».
وأكدت أن « حرية التعبير » و«حرية اختيار مضامين الإعلام » وتجسيد الواقع واعتماد النمط الساخر والهزلي، « لا يعنيان بأي حال من الأحوال انتهاك حقوق الإنسان أو المس من كرامته أو اعتماد صور نمطية وتميزية وتحقيرية للنساء ولكافة فئات المجتمع ».
وفي هذا الإطار، ذكّـرت الجمعية بأنها قد تقدمت في السابق بالعديد من الشكاوى إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، بخصوص البث المتكرّر لمحتوى رافض لثقافة الاختلاف والتعددية، ومشجع على التطبيع الواضح مع العنف و التبرير له، ومخالف للقانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء.
إنّ دور المرأة في الدراما يبقى كما دورها في الحياة يحتاج إلى نضال مستمر من أجل مستقبل أفضل. وهذه المقاربة تجعل الدراما سيفا ذا حدين على مستوى أسلوب طرح قضايا المرأة. وهنا يترك الأمر لذكاء المخرج وبراعة الكاميرا !