علي اليحياوي مدير مركز الفنون الدرامية و الركحية بتطاوين لـ«المغرب»: الآخر-الفرد مازال منبوذا في المجتمع التونسي

• المسرح الذي لا ينحاز للإنسان ليس مسرح بل «فترينة»
هادئ الطباع، رصين في اختياراته،صامت لكنه يصدم جمهوره بأعمال ناقدة وصارخة، أعمال تعرّي المتفرج

من على الرّكح وتكشف قبحه وأنانيته في علاقة بالوطن، كل اعماله ساخرة وموجعة، أعمال تشترك في الدفاع عن الفرد والكشف عن الهنات والمشاكل التي يعيشها المجتمع انطلاقا من نصوص عالمية تحاكي الوضع التونسي، مشاريع عديدة وسيرورة مسرحية من قفصة إلى مدنين إلى تطاوين خبر فيها الإنساني وانحاز الى المواطن الانسان في كل تجاربه.
«نوارة الملح» إلى «كعب الغزال» و«الرايونو سيتي» ففيلم «بنزين» وجائزة أفضل ممثل لـ«سوق سوداء» جميعها مشاريع مسرحية تشرّح المجتمع التونسي تكشف علاته على الملإ، تنقد وترفض الزيف وتكشف الأقنعة، وقد التقت «المغرب» بالمخرج ومدير مركز الفنون الركحية بتطاوين وكان الحوار التالي:
• تتواصل عروض سوق سوداء ومنذ عروضها الأولى طرحت المسرحية العديد من الأسئلة وفازت بعدة جوائز، ما وجه الشبه بين عوالم كولتيز والمجتمع التونسي؟
كولتيز هي المرحلة الثالثة في المشروع المسرحي الذي اعمل عليه في انتقالي من مدينة الى اخرى من قفصة الى مدنين فتطاوين، وهناك عدة عوامل دفعتني الى هذا الاختيار:
العامل الأول القطع مع التجارب السابقة ولانني مطالب كمبدع وصاحب مشروع أن اعمل بصمة مختلفة في الفضاء الجديد من الناحية الجمالية والفكرية.
ثانيا تطاوين مدينة لها خصوصية لأنها موجودة على حدود دولية، مدينة على التخوم، مدينة بعيدة عن المركز وليست مقصدا أيضا، وعلى الحدود تتم المبادلات والصفقات في معناها التجاري خاصة التجارة الموازية التي تجاوزت السلعة المادية المعروضة للتداول إلي سلع أخرى منها السلع البشرية، والتجارة بالأعضاء وتجارة الأدوية والمخدرات كل ما يباع ويشترى على الحدود المفتوحة في ظل حالة حراك اجتماعي من الجهتين ، في الجهة الأخرى (ليبيا) حرب اهلية تقريبا وفي جهتنا حراك انطلق بالكامور وتحركات لازالت موجودة لان تطاوين من المدن المنسية على مستوى التنمية او التاريخ.
لذلك فكرنا في شكل من أشكال الطرح المختلف خاصة واننا نمثل مؤسسة مركز الفنون الركحية والدرامية ونحن مطالبون بتحديث الخطاب المسرحي وتحديث الثقافة السائدة في الجهة، نعرف أن أكثر مادة ثقافية مطروحة هي المادة التراثية، المجسمة في «مهرجان القصور» وأغلب الجمعيات تدور حلو الفلكلور وحول القبيلة وحول التغني بالماضي والموروث العاطفي والقبلي وتمجيد الماضي، التراث ثبات في الماضي وحنين للعرض والقبيلة أكثر منه بحث عن الإنسان عن الحياة البعيدة عن الدولة والمؤسسة.
وجدنا انفسنا داخل هذه الثنائية لذلك بحثنا عن طريق للخروج من هذا السقف الماضي إلى سقف الحداثة والكونية والمدنية ومجاراة التحولات الكبرى التي تحدث في العالم.
بالإضافة الى الجوانب الفكرية هناك جوانب ذاتية أيضا قادني لكولتيز فعندما كنت طالب سنة ثالثة في المعهد العالي للفن المسرحي المرحوم رشيد المناعي كان أول من قدم في «عزلة حقول القطن» عن نص لعلي اللواتي ومساعد مخرج عبد الوهاب الجملي التجربة واكبتها عن قرب وتم التطرق إليها كتجربة حديثة في شكل الكتابة والطرح بقي في ذهني هاجس إيجاد فرصة كيفية العودة لكولتيز؟
• كيف عاد علي اليحياوي لكولتيز؟ هل أن عوالمه تشبه عوالم رشيد المناعي؟
قطعا لا، لكن لا تمكن العودة لكولتيز كما عاد إليه استاذنا الراحل رشيد المناعي، لأنه عمل على فضاء مديني «مدينة تونس»، فنصوص كولتيز خلقت في العمارات في «الباركينغ» في المدينة وكلّ ما تنتجه من مشاكل اقتصادية واجتماعية من علاقات متوترة بين الأفراد من فكرة الفردانية والتمرد والرفض وتعدد الخطاب.
نحن حملنا هذا الخطاب «المديني» إلى فضاء أخر، اذ لا يمكن ان نطلق( اسم مدينة» على تطاوين، اقصد المدينة بما تنتجه من اقتصاد ووسائل إنتاج وما يفرز هذا من علاقات، فتطاوين لازالت تقوم على العلاقات العشائرية القبلية رغم ان العالم اصبح كله قرية.
• ما المشترك بين عزلة كولتيز وعزلة الانسان التونسي؟
انطلقنا في الاشتغال على النص والمعطى العميق هو «العزلة» الفرد الذي يعيش عزلة داخل المدينة داخل المجتمع داخل العالم، فالفرد يتعرض لحالة استيلاب من مكينة جهنمية اسمها الراسمالية ، و اقتصاد السوق، اسمها السلعة اذ لم نعد قادرين على الحديث على ذوات حرة بقدر الحديث عن ذوات بشرية استهلاكية هذا في المعطى العميق للفكرة.
تم تنزيل هذا على المدينة التي تعيش على التخوم، رغم أن فكرة المبادلات ليست الرئيسية بل هي تيمة للدخول إلى مواضيع أخرى ومنا العلاقة مع الآخر.
• الآخر- الفرد؟ بين نصوص كولتيز وتطاوين ما هي سماته؟ هل هو مقبول ام منبوذ؟
الآخر يطرحه كولتيز من باب المركزية الأوروبية وكيفية رؤية الآخر، الفكر الأوروبي اخذ المركزية ثم استحوذ على الكون لأنه المستعمر والقوة الاقتصادية لكنه في الوقت ذاته يعيش أزمات مأتاها أن هناك انتقالا من الأطراف إلى المركز من إفريقيا إلى ارويا، من آسيا إلى اروبا ها الغريب الجديد دخل للمركز بثقافته ولونه وشكله ودينه، أحدث نوع من الرفض من المركز لانّ الاخر ليس مجرد رقم بل جاء محملا بخصوصياته.
كما أنّ الفترة التي عمل فيها كولتيز ظهرت فيها موجات «المثلية الجنسية» و«حرية المراة»، وجاء النص في سياق التحول المجتمعي من مجتمع محافظ ديني إلى مجتمع تعددي حر فرداني لذلك مثّل كولتيز الفكرة المتمردة ضد الروح الواحدة، وأكد انّ الأمل والخلاص في الفرد القادر على إحداث قلق فكري للمركز، كذلك هو مجتمعنا التونسي الآخر-الفرد منبوذ، فالفرد غير معترف به بل نجمع على الجماعة «يد الله مع الجماعة» حتى أنه بعد الثورة ورغم التحركات الديمقراطية ومحاولة التغيير لازالت السلطة العليا الدينية أوالقبيلة والأسرية هي التي تحدد مسار الأفراد حتى يصبحون قطيعا، أو صوتا واحدا، لذلك تطرقنا لفكرة الآخر من هذه الوجهة، فلا يمكن أن نخلق إبداعا دون أن يأخذ الفرد حقوقه وحضوته ومكانته كاملة.
• ما دور صاحب المشروع الفني-المسرحي في هذه المنظومة التي ترفض الفرد؟ كيف يمكنه التجديد والتغير؟
مشروعنا كما سبق أن ذكرت انطلق من البحث وطرح البديل، شخصيا لا اتفق مع فكرة «إشعاع المراكز على ثقافة الجهات» فمركز الفنون الركحية والدرامية حسب وجهة نظري ليس مجبرا على تقديم الصورة التي يريدها ابناء الجهة، لانّ الجهات أعمق من ان تقدّم في شكل فلكلوري فنفس المشهد «طبال، زكار، حضرة» تجده في كل الأماكن تقريبا.
هنا وجب البحث والحفر في عمق أكثر، فهذه المدينة المتقنّعة بالعفّة والشرف والكرم اقنعتها أقنعة زائفة لأن في المدينة صراعات وعلاقات إنتاج، في تطاوين في وقت ما تم قتل رجل على موقفه السياسي قتل في مشهدية عامة على الملإ.
في علاقتي الفنية بالمدينة -إذا دخلتُ في خانة المجاملات وتقديمها بالشكل الذي تريده- اعتقد أنني حدت عن مسؤوليتي، فدوري ان أشاغب المدينة أن استفزها أن اكشف نفاق المدينة وزيف مواطنيها، زيف يستغله البعض اقتصاديا.
• كيف شاغب علي اليحياوي المدن التي عمل فيها؟
نشاغبها من خلال ملامسة المناطق المحظورة فيها والاقتراب اكثر من الناس وكسر الصور الواهية فسبق وان أنجزنا عملا في حي اسمه «حي اسرائيل» ونعرف جيدا المدّ الرهيب للفكر القومي في الجنوب وموقفه من فلسطين واسم الحي (حومة اسرائيل) لان سكانها يعتبرون من الدرجة الرابعة من المواطنة لأنهم يعيشون حالة فقر بسبب العنف المسلط عليهم، هم الآخر المرفوض، حين توجهنا اليهم تم رفضنا اوّلا لكن فيما بعد حدث القبول.
واعتقد أنهم تقبّلونا لأننا لامسنا انسانيتهم، وهذا دور المسرح فالمسرح الذي لا يصل إلى عمق الإنسان ليس مسرحا، وان اقتصرنا عليه ليكون واجهة للتزين فهو ليس بمسرح، المسرح الحقيقي هو الذي يقدم مقترحات فكرية وجمالية حقيقية لان في المدينة الكثير من المشاكل والصعوبات لا يمكنني تجاوزها والحديث عن الأمجاد والتاريخ، التاريخ انتهى بل يهمني الحاضر والواقع الجديد والتطور الكاذب الذي نعيشه.
• هل يعاني المسرحي من العزلة؟ وهل يتطلب انجاز مشروع إنساني الكثير من العزلة؟
لم يكن من السهل انجاز العمل، فالمجموعة كانت تنتظر صورتها المحبذة في عمل مسرحي، بالفعل أعاني من العزلة يوميا، العزلة في علاقة بالآخر والمجتمع الذي ينظر بعين الريبة إلى المسرحي خاصة المختلف الذي يقدم مشاريع مختلفة عن السائد ينظرون إليه بعين الريبة والشك وقد عشت هذه العزلة في قفصة ومدنين وتطاوين، لانهم لا يقبلون من يفكر بطريقة مختلفة عن الثوابت.
وبعد انجاز المسرحية «سوق سوداء» اغلبهم تساءل «علاش كولتيز؟ فأجيب وعلاش موش كولتيز»، إذ لا يمكن مناقشة فنان في اختياره بل يمكن مناقشته في الفكرة أو طريقة الانجاز،شخصيا لا يمكنني أن ادخل في القوالب الجاهزة بقدر ما يهمّني أن امسّ الإنسان إذ يهمني أن أمس العمق الإنساني المشترك والمدينة هي المشترك.
• من «نوارة الملح» الى» كعب الغزال» الى «الرايونو سيتي» إلى «سوق سوداء» وغيرها من التجارب، تشترك جميعها في وضع المتفرج أمام قبحه الشخصي وصورته المشوّهة؟ هل أن ذلك مقصود؟
في طبيعة البشر وفي منازلنا دائما نضع المرآة في مكان خاص ، المرآة نحيطها بهالة من التخفي لنشاهد صورتنا بشكل طقوسي خاص لكن المسرح هو المرآة المفتوحة التي نتواجد فيها بشكل جماعي أمام حقيقة تصبح متعددة وبها ردّ صدى، ولا احد يريد مواجهة حقيقته خاصة في المجتمعات المغلقة لذلك المسرح الذي يقدم حقيقة نقبل عليها أما المسرح الذي يكشف حقيقتنا فإننا نهابه، أعتقد أن دور الفن هو البحث في الأمراض، فالمسرح مثل الجراح دوره يشق عن الجرح وفتحه وإخراج العلة منه.
والذهاب إلى المسرح اختيار حر لذلك يتحمل المتفرج مسؤولية اختياراته.
ونحن كمجتمع تونسي لسنا ملائكة هناك الكثير من العلاّت التي نعايشها منها التحيل والاغتصاب والهرسلة الجنسية كلها توجد في الخفاء لكن حين تطرح على المسرح يحاول الجميع إغماض أعينهم عن الحقيقة بمقولة «ماهوش متاعنا».
«كولتيز» مرة اخرى في البينين لو تقدم لنا هذه التجربة والمشروع؟
المشروع كان في تطاوين بالشراكة مع المسرح الوطني، أردنا إنجاز مشروع ثلاثي اسمه «ليالي كولتيز» لانّ معنى الليل في المدينة الخلفية عند كولتيز له العديد من الدلالات الفلسفية، واخترنا نصين لهذا المشروع هما «العزلة في حقول القطن» و «الليلة الاخيرة قبل الغابة» وكانت الغاية التعريف بكولتيز ومسرحه من خلال 3عروض متتالية في فضاءات مختلفة لنعمّق ثقافة المتفرج بكولتيز ومسرحه.
كنّا سننجز «الليلة الأخيرة قبل الغابة» إخراج نرجس بن عمار وتمثيل منعم شويات باللهجة التونسية وبالفرنسية مع Bardol Migan وأنا سانجز «سوق سوداء» لكننا لم نوفق في تحقيق المشروع لالتزامات وظروف انتاج، إلى أن سنحت الفرصة مع المعهد الثقافي الفرنسي في البينين،مع باردول ميغان و عازف الكلارينات Landry Padonou التحقت بالبينين واشتغلنا لمدة شهرين على «الليلة الاخيرة» وقدمناها في عرضين وسيكون حاضرا في تونس من 22 مارس إلى 10 افريل.
• علي اليحياوي ابن الصحراء، سبق له وأن خاض تجربة ناجحة مع نصوص ابراهيم الكوني «كعب الغزال» ثم توجه إلى عوالم التمرد لدى كولتيز، فهل سيعود الى الكوني مرة أخرى؟
عوالم الكوني ساحرة، بعد تعاملنا مع نص «نزيف الحجر» بالفعل هناك عودة لعوالمه المختلفة ومشروع جديد ينطلق من روايته «الورم» وهي من آخر رواياته السياسية كتبت خصيصا على ما وقع في العالم العربي من تحولات سياسية تحديدا الطريقة المأساوية لنهاية بعض السياسيين منهم «القذافي» و»علي عبد الله صالح»، وكان السؤال المركزي حول السلطة، السلطة الورم و التخلص منها أصبح بالموت، فالموت ايضا أصبح السلطة.
اغوتني فكرة الرواية وفكرة السلطة التي تتملك صاحبها والجميل انها انجزت في العالم الصحراوي بكل سحره، العمل سينجز للموسم الثقافي الحالي.
• تعملون عن السلطة وانتم تمثلون سلطة ايضا (ادارة المركز) وتمارسون سلطة الفن؟ فما علاقة المسرحي بالسلطة؟
المسرحي كتوصيف عام يمارس سلطة لكنه في صراع دائم مع السلطة، فالمسرحي الكائن الوحيد الذي يمارس سلطة ثم يعرض نفسه امام الناس اثناء العرض، ولكنّ المسرحي مهدد في سلطته في كل لحظة إثناء العرض حتى وإن امتلك سلطة التأثير في المتفرج لكنها سلطة سريعة الانهيار لان العلاقة حية مع الجمهور و لان سلطته معرفية وليست سياسية، السلطة المعرفية سريعة السقوط.
• يعيش المسرح لتونسي حالة عزوف الجمهور فكيف يكون تتجاوز هذه الازمة؟
عزوف الجمهور إشكال عام على مستوى العالم لان المسرح في فترة ما كان سيد الساحة أما اليوم فهناك منافسون كثيرون خاصة التلفزة، والوسائط (الانترنيت، الفايسبوك، كل عوالم التواصل الاخرى)، والمنافسين متعددين.
أحيانا يقع الحديث عن أمجاد السبيعينات، مع تناسي أن في تلك الفترة هناك قناة واحدة ولا سبيل للترفيه سوى المسرح، امّا الآن فالعملية المسرحية أصعب ، نعم هناك انتاج وإمكانيات لكن الأمر أصعب لان المسرحي يدخل في منافسة في الساحة المسرحية في حد ذاتها (كثرة الاعمال) هو في منافسة مع الوسائط الأخرى (التلفزة، الهواتف الذكية)، ثالثا الذوق العام تعدّد (برشة منفرين ومؤثرين) ، وفي الجنوب العزوف اكبر لغياب ثقافة الفرجة.
كما ان الجمهور سلبي في جهاتنا، وكسول فهو يقبل على المقهى لحضور مباراة رياضية لكنه لا يقبل الذهاب إلى المسرح،ولست ممن يقدس الجمهور السلبي.
وفي علاقة بالجمهور بين مدنين وتطاوين هناك فرق فمهرجان مسرح التجريب خلق تقاليد في الفرجة في تلك المناسبة، هذا تشريح أسباب العزوف، لذلك وجب الاشتغال على تنويع الأشكال المسرحية أولا واستهداف الجمهور في مكانه ثانيا أي الجامعات والمدارس و»الحوم» وكل هذا يحدث بالتراكم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115