المهرجان الدولي للواحات في توزر: الموسيقى وسيلة للتعريف بالشعوب

اختمت فعاليات الدورة الحادية والأربعين للمهرجان الدولي للواحات بتوزر التي انطلقت يوم 25 ديسمبر، دورة شهدت اقبالا جماهيريا غفيرا

وعرفت معها المدينة حركة إذ تزامن المهرجان مع العطلة المدرسية وعطلة رأس السنة الميلادية.

دورة افتتحت بعرض «حديث الواحة» من انجاز العروسي الزبيدي ويوسف البقلوطي ونقلت تاريخ الواحة ومراحل تشكل ارض الجريد عبر التاريخ وفي البرنامج التقى زوار توزر وجمهور المهرجان بالعديد من العروض التنشيطية الفلكلورية: عروض تونسية وجزائرية وليبية وعروض للطوارق بازيائهم الممتعة ورقصاتهم التي تنقل حكايات حراس الصحراء .

الموسيقى وسيلة للحفاظ على الهوية
يعشقون الرقص والغناء، شعب محب للحياة والموسيقى وهي وسيلته للتعبير عن شغفه بالصحراء وتفاصيلهــــــا، موسيقاهم ممتعة، لهم صيحة مختلفة يطلقونها للتعبير عن الفرح او الخوف، الوانهم جد ممتعة، في خيمة في المنطقة السياحية أقاموا عروضهم التنشيطية وجاؤوا محملين بموسيقاهم ولباسهم الطوارقي المميز واغانيهم واهازيج مقاومة الحياة الصعبة ليمتعوا جمهـــور أقبل لاكتشاف نمط موسيقي ولون حياتي لا يعرفه.

للطـــــــوارق حضورهم من خلال جمعية «امزاد لحفظ التراث التارقي» التي اثثت جزءا من فعاليات المهرجان وقدمت للجمهور مادة موسيقية مختلفة، موسيقى تنبعث من الروح وتبعث البهجة والسؤال.

اختلفت الوانهم لكنهم اشتركوا في اللثام على الوجه «اذ أصبح اللثام ميزة أو أثرا انفرد به الطوارق دون غيرهم لدرجة أن أصبح تاقلموست ((tagoulmoust أو غطاء الرأس مرادفا لتسمية طارقي.» وللثام وتاريخه عتد الطوارق اكثر من دليل وحكاية لكن المتفق عليه انّ التارقي يضع اللثام عند البلوغ اذ يتسلم الطفل البالغ لثامه وسلاحه في حفل بهيج كدلالة على انتقاله من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرجولة.

وبالرغم من كونه احد أسس التمييز بين الطبقات والمكانة والوضع الاقتصادي ،يظل الطوارق كافة يكنون اهتماما خاصا للزي الطارقي.

فللطوارقي قصة مع الرقص ولكل مناسبة مقدسة رقصة معبّرة فهو يرقص للولادة ويرقص للمريض ويرقص في الاعراس وللموت رقصته الخاصة وكل الرقصات مستلهمة من امتداد الصحراء وهدوئها ذلك الامتداد الذي صنعوا منه نوتات موسيقية تبدع الة الامزاد الرقيقة «الة تشبه الربابة»، والة «تاسنفارست نلمس» (تشبه الناي) في نحتها، فالموسيقى عند التوارقي جزء من الذاكرة لها شجنها الخاص وهي أيضا تعبيرة عن تركيبته التاريخية، للموسيقى مدلولات تاريخية وإنسانية عند الطوارق فهي عنوان لاختلافهم ولتشبثهم بالصحراء وهي عنوان للفكرة الممتدة كما الصحراء فالطوارق الرحل الذين يتجولون في الصحراء الجزائرية والليبية ومالي والنيجر يرحلون ويتنقلون مصطحبين فطرة الوطن والهوية في نوتة موسيقية.

مهرجان دولي دون عروض دولية
هل اتاك حديث مهرجان دولي غابت عنه العروض الدولية؟ هل اتاك نبأ مهرجان دولي تلاشت خارطة برمجته وتاهت عروضه في زحام المارة واصوات ابواق السيارات والعربات، هل اتاك صوت من تذمر لغياب دليل واضح وغياب عروض دولية وحضور الفلكلور والمشاركات «شبه الدولية» فقط من خلال عرض لمجموعة جزائرية وأخرى يابانية والفرقة اليابانية باتت عنصرا قارا في عدد من المهرجانات التونسية.

المهرجان الدولي للواحات بتوزر في دورته الأخيرة لم يقدم الجديد ولا يوجد أي ملمح للتجديد منذ الافتتاح فقط العروض الفلكلورية تنشط اما ساحة الولاية او حذو معرض الصناعات التقليدية فتحضر فرق اصبح الجمهور يعرفها جيدا ويحفظ ايقاعاتها حفظ التلميذ للمحفوظات، الفرقة الجزائرية جابت كل من الجنوب ومهرجاناتها، و«طبال قرقنة» أصبح ركيزة أساسية في كل التظاهرات كذلك مجموعة الطوارق والفرسان الليبية.

هي عروض فلكلورية اعتادها المتفرج في المهرجان في توزر وفي مدن اخرى، مجموعات يقبل عليها قليلا ويتجمهر المارة قبل تركها للبحث عن جديد واكتشاف السوق فأغلب المهرجانات باتت متشابهة، نفس العروض و«الطبال والزكار» سيد الموقف والحدث فقط يتغير وكذلك المكان، فلمَ لا تكون خصوصية لمهرجانات الواحات؟ ولمَ التشابه بين الدورات؟ ولمَ هذا الفلكلور المعتاد دون محاولة للبحث عن جديد.

الدورة الحادية والأربعون، حققت اقبالا جماهيريا غفيرا وهذا امر لا يمكن التغافل عنه فالمهرجان يتزامن مع العطلة ومع العروض التنشيطية التي تقام في الساحة وفي الممرات الرئيسية للعربات والحفلات لذلك هناك تجمهر كبير على عروض الشارع، لكن من حيث القيمة الفنية فالعروض لا ترتقي الى مستوى المهرجان الدولي للواحات؟ عروض وبرمجة لا تختلف عن برمجة مهرجان صيفي او مهرجان وليد في معتمدية أخرى، فهل تنشّط الحركة السياحية في توزر بآمنة فاخر؟ وهل يمكن دفع العجلة الاقتصادية والتعريف بالمعالم الاثرية والوجهات السياحية الجديدة في توزر بأغاني وليد التونسي؟ ام هي محاولة تغيير نوع الفرجة والتجديد بين المهرجان والمواطن بسمارا واكرم ماغ؟ والى متى سيظل الفلكلور المستهلك عنوانا للفعل الثقافي في المهرجانات؟.

طيلة أيام المهرجان شهدت البرمجة اضطرابا فعروض الأطفال لم تنجز في مركب الطفولة بسبب الصيانة لكن لم يحدث اعلام بتغيير مكان العرض، وظلّ البرنامج المطبوع دون تحوير ووقع الاقتصار على عروض تنشيطية في «باب الهواء» ةكل من يأتي الى المركب للفرجة يجيبه الموظفون هناك «عنا صيانة ماعناش عروض لهنا»؟

انتهى المهرجان في دورته الحالية، دورة لقيت اقبالا جماهيريا على العروض المقدمة في الشارع وفي الساحات والرحبة والمركب الرياضي محمد الطمباري لكنها تستحق الكثير من المراجعة والبحث عن طريقة للتجديد في البرنامج وعدم الاكتفاء بالعروض الفلكلورية والالتزام بمقولة «الشعب يحب هكة» لمحاولة خلق خصوصية لمهرجان عريق في مدينة الحلم والابداع توزر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115