واحد يجدّد ركحه ومسرحه من عرض إلى آخر ولا يكرّر نفسه. فإذا بنا أمام ثورة أسئلة واستفسارات وانتفاضة آلام وآمال وفتنة جماليات وإبداع... وهذه المرّة يطلّ علينا المخرج وليد الدغسني بجديده المسرحي من خشبة مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف حيث كانت هندسة مسرحية «ذئاب منفردة» إنتاجا وإعدادا وإخراجا...
يقدم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف يوم الأربعاء 20 نوفمبر 2019 العرض ما قبل الأول لمسرحية « ذئاب منفردة» ، دراماتورجيا و إخراج وليد دغسني وأداء كل من منجي الورفلي ومنير الخزري ومنير العماري و نورالدين الهمامي ووليد الخضراوي وشيراز العياري وسيف الدين الشارني...
أسئلة عن العزلة والإنسان المغترب
كثيرا ما ارتبط مصطلح ذئاب منفردة بتكتيك العمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة، فماذا يقصد المخرج وليد الدغسني من وسم مسرحيته الجديدة بهذه التسمية وهل تتقاطع في أحد وجوهها وأبعادها بنزعة الهجوم عند الذئاب والعيون التي يتطاير منها الشرر؟ يجيب مخرج «ذئاب منفردة» في تصريح لـ«المغرب» بالقول:» العنوان مبتدأ وما يأتي بعده خبر، ولذلك فالمؤكد أن هناك دلالات واضحة أو متخفية لهذا الاختيار الذي من الممكن أن يوجه المشاهد إلى زاوية نظر معينة فيكون فكرة مسبقة حول العرض. لكن يمكن أن يخيب أفق انتظاره ويجد نفسه إزاء مقاربة أخرى قد تلامس مسألة الذئاب المنفردة من وجهة نظر متعارفة ومتفق عليها ،ولكن في الآن ذاته يمكن أن نتحدث عن قضايا أخرى متنوعة تتعلق بالعزلة والفرد المنفرد الغارق في ذاتيته ونقمته على الآخر...فنحن اليوم إزاء إنسان مغترب يمكن في أية لحظة أن يتحوّل إلى وحش إذا ما توّفرت البيئة الحاضنة، ولا يتعلق الأمر بالدمغجة عبر الدين أو
ما شابه، ولكن هناك حتما مستويات أخرى لقراءة العنوان ومن وراءه العرض ككل».
بعد مسيرة مسرحية خصبة الحرث و ووفيرة الحصاد عانق من خلالها المخرج وليد الدغسني النجاح والتتويج وطنيا وعربيا، يأتي عرضه المسرحي الجديد «ذئاب منفردة» بإمضاء مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف على مستوى تبني العمل إنتاجيا. وفي هذا السياق، صرّح وليد الدغسني بالقول: «يبدو أن اختيار إدارة مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف إنتاج مسرحية «ذئاب منفردة» يندرج في إطار بحثها عن المشاريع التي يمكن أن تضيف إلى رصيد المؤسسة فنيا وإنتاجيا. وأعتز بالتعامل مع كل الفريق المحترف من إدارة وتقنيين وفنيين وهذا ليس بغريب عن الكاف وتاريخها الحافل منذ الستينات والفرقة القارة للمسرح وصولا إلى بعث المركز سنة 1993. وأعتقد أنها تجربة مهمة في مسيرتي كمخرج مسرحي».
ولادة قيصرية للمهرجان الوطني للمسرح التونسي
إن كان الحدث في المشهد المسرحي هذا العام هو تأسيس المهرجان الوطني للمسرح التونسي الذي كان افتتاحه بمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف ليجوب مراكز الفنون داخل الجهات ثم يختتم جولته اليوم بالعاصمة، فقد كان للمسرحي وليد الدغسني من هذا المهرجان موقف وتقييم، حيث يقول:» يبدو أن مهرجان المسرح التونسي ولد قيصريا، وهي ولادة عسيرة وخطرة. ورغم ما حف بهذه التظاهرة من ضبابية ومعارضة للتمشي والمسار، إلا أنه لا يمكن الحكم بشكل قاطع لها أو عليها اليوم. ولكن أدعو الحكومات القادمة أن تسعى إلى تعيين الكفاءات من المسرحيين الميدانيين الذين خبروا مشاكل الميدان المسرحي سواء من ناحية وضعية الممثل والإنتاج أو على مستوى مسألة الترويج وضعف المنح وتهميش الدولة لدور المسرح في كبرى التظاهرات».
يضع المخرج المسرحي وليد الدغسني قطاع المسرح على طاولة التشريح ليشخص مواطن العلة و يقترح الدواء للداء، قائلا: « إننا نحتاج اليوم إلى كفاءات تفتح لها آفاق الفعل الجدي والمحترف ويتم رعايتها عبر الورشات التكوينية في الداخل والخارج وإعطاء الأولوية للأكثر قدرة وطموحا خارج أطر المحاباة والمعاملات الضيقة التي خلقت مشهدا مسرحيا مرتبكا، فتح المجال لكل من هبّ ودبّ للتدخل في تقرير مصير المسرح».