فيلم خسوف للفاضل الجزيري في فضاء مدار قرطاج: لن ينكّس العلم فتونس برجالها

تضيقُ بنا الأرضُ أَوْ لا تَضيق، سنقطع هذا الطريق الطويل الى اخر القوس، فلتتوتر خطانا سهاما، فما عدت اخسر غير الغبار « هكذا قال درويش وكذلك الصادقون في هذا الوطن، اولئك الذين يدفعون ضريبة حبهم لوطنهم وصدقهم في عملهم.
وللصادقين

من امنيين ومحامين اهدى الفاضل الجزيري فيلمه «خسوف»، فيلم سوداوي يتحدث عن تونس الآن تونس الحرقة والإرهاب والتهريب و السلفية والموت المباح، و في الوقت ذاته تونس التي لن يأفل نجمها ولن ينكس علمها لان ترابها روي بدماء شبابها، فيلم يعرض الان في فضاء مدار قرطاج لصاحبته رجاء بن عمار.

الارهاب بيننا ولتونس نزهاء يحمونها
عليك أن تملأ قلبك بأن لا وطن لديك إلا الأرض التي تعيش فيها» قولة للروائي واسيني الاعرج، قولة جسدها الضابط «لسعد» «علي الجزيري» بطل فيلم خسوف، اختار المخرج لفيلمه السوداوي الذي يتحدث عن تونس اليوم ضابط امن نزيه منكب على ملف التهريب والسلاح والحراقة، ضابط يؤمن ان لبلاده الحق عليه ليكون نزيها وبريء اليد و الذمة، فاختار الجدية وبعد أن عمل أشهرا اكتشف ان «الارهاب ليس في بن قردان، فالإرهاب بيننا، الارهاب في البحيرة و العاصمة، الارهاب قريب منا وليس في الجبل وحده» .

الضابط لسعد في خسوف رمز الى الامنيين والعسكريين النزهاء الذين عاهدوا الراية بعدم الخذلان وان كانت دماؤهم الثمن، ظابط عاند «كبارات المافيا» اولئك الذين يتاجرون بكل ما هو موجود لا يثنيهم عن التجارة اتحد وشعارهم «كل راس وسومو».
تتواصل جولة كاميرا الفاضل الجزيري في جولة بانورامية وتجوب ازقة العاصمة و الضاحية الشمالية؟، كاميرا سريعة سرعة قاطرة الارهاب الذي استوطن في اكثر من مكان وتتواصل ايضا مقاومة الضابط للخيانات المتكررة وتملص القيادة من مسؤوليتها تجاه نظرائها، في خسوف موسيقى موجعة تمزق النفس وتفتتها، احداث مؤلمة عن تونس وعما يعانيه شرفاء هذا الوطن، وجيعة مغلفة بمسحة من الالم فكلما تصاعدت الاحداث نحو الهاوية ظهر على الشاشة العلم الوطني يخفق وكأنه يحيي من يحمونه بدمائهم، أولئك الذين يستهدفهم رصاص الغدر و صبيحة الخميس يوم عرض الفيلم تعرض احد الجنود لانفجار لغم ففقد يدا ورجلا وله قدم احد العسكريين تحيته وقال:

فجر علي لغمك
فعصف لغمك يدفيني

اطلق صوبي رصاصك
فالرصاص تذيبه نظرة عيني...

يا «جرذا» فلتعش ابد الدهر بين الحفر
اما انا فشاعري علمني صعود الجبال

فان عدت حيا فأكف بني الوطن تحييني
وان مت فملائكة الرحمان تسجيني...

النزاهة والتضحية قدمها فاضل الجزيري وجسدها في امني نزيه لا يهاب التهديدات، وصحفية جريئة لا تخاف اغراءات المال، نهاية موجعة للفيلم بموت الضابط وصوت علية يغني بني وطني يا ليوث الصدام، صورة سوداء ولكن بين السواد هناك بقعة ضوء وأمل تقول أن لتونس رجال لا يخونون ولا يباعون هم جند الوطن و حماته بمختلف مهنهم وتوجهاتهم.

الممنوع ولا الجوع
يبدأ الفيلم بالأذكار و المدائح الدينية التي تقدم في المآتم ، جنيريك موجع، بأبيض وأسود يجد المتفرج نفسه أمام موجة عالية ومجموعة من «الحراقة» تنقلب المركب وتظهر في الشاشة الجثث والأشلاء والعدم، منذ الجنيريك اختار الجزيري الصدمة لشد انتباه المتفرج، فصوت يقول «ممنوع التصوير، الصحافة لا» صوت ضابط شرطة يمنع الكاميرا من تصوير حادثة غرق مركب صغير يحمل احلام شباب تونسي فقد الامل في وطنه فرمى بنفسه عرض البحر إما أن يصل إلى ايطاليا او يموت في البحر لأنه ميت في كلا الحالتين فالجوع لا يعرف الممنوع.

عن معاناة ابناء الارياف تحدث الجزيري بطريقة غير مباشرة، تحدث بالكاميرا عن المفقرين الذين هبوا الى العاصمة وعملوا في كبرى البناءات وحلمهم الوحيد تجميع بعض الاموال ثم اتخاذ ا لبحر وجهة و «الحرقة» حلا فهم الموتى فوق الارض او في عمق البحر، عن البسطاء المهمشين تحدثت كاميرا فاضل الجزيري بصور نصفها اسود ونصفها ابيض، اختيار اللون الغامق والصورة الداكنة لم يكن اعتباطا و من خلالها قدم المخرج رسائل مشفرة عن معاناة التونسيين البسطاء الحالمين ولكن «اش تعمل الحلمة الكبيرة في بلاد البيبان المسكرة».

في خسوف تسلط كاميرا المخرج الضوء على الحرقة والحراقة موضوع قديم متجدد هو هاجس البسطاء ولكن في الفيلم قدم بطريقة اخرى في علاقة بالجهاد والسلفية «لا يختارون الا من خدم العسكر للسفر».
خسوف يقدّم تونس الجديدة التي تكاد تموت وتنطفئ الأضواء التي أنارتها عبر تاريخها بعدما أصبحت وفق تقارير المنظمات الدولية من عواصم الفساد وتبييض الأموال، في خسوف حديث عمن يكبرون باسم الله وهم يتاجرون بكل الممنوعات، و اشارة الى تشعبات المشهد التونسي الذي تحركه المافيا والمخابرات التي اخترقت كل اجهزة الدولة لوجود «اشباه انسان» يخونون وطنهم فاخترق القضاء والداخلية وكل المؤسسات السيادية كما جاء في خسوف.

خسوف تونس المرهقة والثكلى في ابنائها تونس التي سالت دماء أبنائها لتبقى ابية على من يريدون الحديث باسم الله وهم عاشقو دماء،للعلم الوطني الذي يقول حاميه قبل احتضاره «ايها البعيد كمنارة، ايها القريب كوشم في صدري، ايها البعيد كذكرى الطفولة، ايها القريب كأنفاسي وأفكاري احبك».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115