(1)
تحية تليق بالقامة والمقام ؛ للحاضرين والحاضرات؛ ولكل الذين يعنيهم امر الكائن الانسي في الراهن الحضاري محليا وكونيا . تحية تقدير مني شخصيا للسيدة الباحثة ؛ المفكرة التونسية؛ أستاذة الفلسفة والروائية السيدة ( عواطف الزراد) لكرمها بتكريمي تقديم ثمرة كدحها الفكرى - المعرفي الدؤوب ؛ اقصد كتابها الأجد والموسوم بعنوان واضح «اللاعنف في النضال السياسي» (- الصادر عن دار (زينب للنشر - تونس 2019- في 200 صفحة) بتصميم غلاف جميل ومُعبر: كف يد ناعمة مبسوطة لحامة بيضاء من تصميم واخراج فني( لهند بن مرزوق).
فشكرا للسيدة الكاتبة الحرة عواطف الزراد على الاهتمام بهذه التيمة ؛ اقصد الموضوع ؛ موضوع
«اللاعنف في النضال السياسي».. وان هي مسألة لا يُستغنى عن طرحها في أي مجال من مجالات حيوات الإنسان: المعرفية؛ العاطفية؛ الاجتماعية الحميمية والعامة .. اذ ثمة «عنف» وعنف مضاعف و مُعمم يلف حياة ( الانتروبوس - المسلح) في الراهن الحضاري : عنف البشر ضد البشر؛ عنف البشر ضد الطبيعة ؛ وضد التاريخ وضد الحيوان..وضد التنوع ؛ وضد الإختلاف .. الى الحد الذي بات وأصبح معه كل شيء وكل «كائن» مهما كان حجمه أو مقامه سائر نحو «الافول» أو «الإنقراض». إذ من آخر انباء العصر خبر «افول القضيب» الذكوري .. و«انقراضه» .. كما كتبت «مجلة العلوم الانسانية» الفرنسية خبر يسري مع شقيق له وهو خبر «أفول الحيوان المنوي»
ومن يقف وراء اخبار كتاب العصر الجنائزية غير من اطلق عليهم صاحب كتاب «الحق في الغذاء» جون زيغلار: «ارباب الجريمة: المافيات الجديدة ضد الديمقراطية».
(2)
غايتي من هذه الإشارات بيداغوجية لا غير تنزيل هذا الكتاب «اللاعنف في النضال السياسي» للسيدة ( عواطف الزراد) في «ابستيمية» عصره . اقصد اطار تحثه المرجعي ..وطموحه المحلوم به بكل حرقة وأمل لدي «الذات الباحثة» و«المتفلسفة» من أجل تنوير حضاري وتحرير ممكن من براكين العنف والخوف من العنف الضاغطة على انفاس البشر في الراهن الحضاري رهين « العنف المادي والعنف الرمزي ... والعنف والعنف الرمزي المضاد . كما ورد الكتاب عند «اللاعنف وحضارة الاحتفال بالقتل».(ص133):
(3)
من الغايات الاساسية لهذا الكتاب «الدليل النضالي الناعم».. كما اريد ان اسميه. التميز الواضح بين «نظام الغاية» .. و«فوضى الوسيلة» أولا وثانيا: تحميل الذوات الانسانية مسؤولية عمران الكون وخرابه كما ورد في مقدمة الكتاب والذي هو في الاصل رسالة اكاديمية».
ثالثا السعي الدؤوب للدقة: «..في مقاربتنا للاعُنف والوقوف عند دلالته بشيء من الدقة فإنه من الضروري التمييز بين فلسفة اللاعنف واستراتيجيا العمل النضالي اللاعنفي وليست الغاية هي الفصل بينهما ..» ( ص15) . أسوق عبارات السيدة الكاتبة وفي ذهني عبارات تتصارع كما التي وردت لدي صاحب «الملل والنحل» بما معناه: «ان الدماء التي أسالها المسلمون في تحاربهم اثخن من تلك التي اسالوها في الغزوات».. عبارات تتصادى بألم مقيم في ذاكرتي مع المقول القرأني كما ورد في «البقرة» لا اكراه في الدين (الآية 256).
وفي سورة (( الكافرون )) «لكم دينكم ولي دين» - الآية 6 - وفي ((سورة القصص)) «انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمُهتدين» - الآية 56-
رابعا التفاؤل.. الحذر: استحضار التجربة التونسية «المنوبلة». ( ص142 / 143).
(4)
الطوباوية أو الموت!
باسم الطوباوية المشطة والمشتطة يمكن ان نقتل ...وباسم الطوباوية الحالمة نعيش الامل... رغم الألم . المسألة مسألة تربية ‘الجنس البشري» برمته على العيش بالمعيات» الحالمة» والسعادة بها وليس ضدها وعلى حسابها .
شكرا واعتذارا للسيدة (عواطف الزراد ) باحثة ..؛ مفكرة تونسية حرة وروائية رائعة؛ شكرا واعتذارا على الاجتزاء والتقصير ..شكرا «لمنيرفا تطير في سماء حضارة اللاعنف» المحلوم بها من قبل الحرائر والاحرار كونيا ..وتونسيا . هنا في أرض الوطن . «اذا اراد الله ان يقصم ظهر احد الجبارين ارسله الى تونس» عبارة - إشارة - شعار سوف أداوم علی ترديده ما حييت كما ورد الأمر في المتون القديمة شحذا لإرادة...
النضال والمداومة علی الضال دون يأس كاسر للإرادت الحرة ..اذا كان ذلك كذلك فليكن.. «بفلسفة اللاعنف».
وأخيرا
اليك ارفع هذا المكتوب من آخر كتبيى
« حين لا صيدلية عاطفية » وعنوانه :
كل جرح قادم من نص قديم :
كل جرحى العواطف يطوف بهم طائف الحزن الأنيق .
ثمة من يرجع من الجرحى...
والجريحات الى وطن
اعضائه .
ثمة من يتوغل في صحارى
هواجسه إلى الأبد .
ثمة من يغدو هو الجرح
والجريح والجارح
وساحة الحرب
وطريح فراش عواطفه
سلاما جرحى الحنين
سلاما جرحى الحين
سلاما جرحى ..الامس الأبدي
سلاما جريحات الأمس
القادم
(5)
اذا أخفقت الإنسانية إلی اليوم رغم كدح آلاف القرون لمحو العنف من افقها الإنسي فلتعمل علی اقل تقدير علی «الإقتصاد في تبذير العنف الإعتباطي» ذلك الذي تمليه «ثقافة الإستحواذ» فاحش الأنانية ..
لو كانت الإنسانية أكثر نرجسية لكانت ربما أقل دموية... أو هكذا يبدو لي .
اتمنی علی السيدة الكاتبة (عواطف الزراد) ان تحول هذا الكتاب الی «كُتيب» بتوصية من «وزارة الشؤون الثقافية التونسية «وينشر كما» دليل نضالي «ثقافي ويوزع علی نطاق واسع من أجل تجذير ثقافة.. اللاعنف» فی الفعل السياسي ... الذي ظل يحتكم الی «الدم» و«الغيلة» و«الإغتيال»...
(6)
يحدث للواحد أن « يكذب » على نفسه ليتماسك في وطن غير متماسك...؟ ذلك هو أنا . اكذب على قلبي فآكل دون أي احساس بالجوع ولا الشبع ... وأغني لأعافل قلبي ليتدرّب على بعض فرح لئلا يسكت كمدا ... ارفع معنويات بعض أهلي من الكتاب وأنا أنزف .... وأغطّي وجهي بباقة ورد لأخفي بعض دمع وكثيرا من الوجع
يوجعني أن أسافر إلى كتاب الكون _ أنا صاحب جراب الكتب _ ولا أعرف ما لون الآتي الذي سوف يتقمّصه الوطن ...؟
آه قلبي على أطفال وشباب الوطن من خبّازة ثقافة العنف... وطباخة الأحْزاب العنيفة من كل الجهات والجبهات ...