المائدة: 15. ويرى العلماء في تفسير هذه الآية أنَّ المَقصود بالنورِ فيها هو سَيدنا مُحمد، صَلَّى الله عليه وسلم، قمر الهداية وكوكب العِنايَة. يقول القاضي عياض: سُمِّيَ بالنور لِوُضوحِ أمْرِهِ، وبَيان نُبُوَّتِهِ، وتَنوير قُلوبِ المُؤمنينَ والعارفينَ بما جاء بهِ». «الشفاء».
والنُّور من أسماء الله تعالى الحسنى، يقول القرآن الكريم: اللهُ نورُ السَّموات والأرْض (النور: 19) فهو مُنَوِّر قلوب المؤمنين بالهِدايَة. ومن إكرام الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم أنه أسندَ إليه اسمًا من أسمائه وهو النور .
وجاء في آيةٍ أخرى: واتَّبعوا النورَ الذي أنزلَ مَعه، (الأعراف: 157)، ولكنَّ المقصود بالنور هنا هو القرآن. يقول الامام ابن جَرير الطبري في تفسيره الكبير، جَامِعُ البَيَان: «قَد جاءكم من الله نورٌ»، يعني بالنور، مُحَمَّدًا، صلى الله عليه وسلم، الذي أنار الله به الحَقَّ، وأظهرَ بهِ الاسلامَ، ومَحَقَ به الشركَ، فَهو نورٌ لمن استنارَ به».
و جاء في كتاب الأنوار المحمدية: يُروى أنَّه لمَّا خلق الله تعالى آدمَ عليه السلام، ألهمه أن قال: يا رب كَنَّيْتَني أبا محمدٍ؟ قال الله تعالى: يا آدمُ، ارفَعْ رأسَكَ، فَرَفَع آدم رأسَه، فَرَأى نورَ محمدٍ، صَلى الله عليه وسلم، في سرادق العرش فقال يا ربي، ما هذا النور؟ قال هذا نبيٌّ من ذريتكَ، اسمُه في السماء أحمد وفي الأرض، محمدٌ، لَولاه ما خلقتك ولا خلقت سماءً ولا أرضًا.
فَهو صلى الله عليه وسلم نور الهُدى، أرسله الله تعالى بِأنوار التُّقى، ومَصابيح العزِّ والاقتِداء، لا يضلُّ مَن اتَّبَعَ بيانَه، ولا يَضيعُ مَن انتهجَ سُنَّتَه وفُرقانَه، نورٌ في القلوب ونورٌ للعقول، ونورٌ للأرواح يَسري في أرجائِها. ومِن نورانيتهِ انبجست كلُّ الأنوار وفاضت لطائفُ الأسرار، فَصلى الله وسلم عليه ما تعاقب الليل والنهارُ.