آية وجواهر: فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك - 3 -

ويونس عليه السلام فزع إلى التسبيح في أحلك الظروف: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (الأنبياء:87)

وبيَّن سبحانه أن تسبيح يونس عليه السلام هو الذي كان سبباً في نجاته من بطن الحوت فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون (الصافات:143 - 144).

وذكر لنا القرآن أن الملائكة لا تفتر عن التسبيح، قال عز شأنه: يسبحون الليل والنهار لا يفترون (الأنبياء:20) وقول الله عز وجل: وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم (الزمر:75) وقوله تعالى:الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم» (غافر:7).
بل أخبرنا الله على لهج ألسنة أهل الجنة السعداء بالتسبيح، قال تعالى:إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم * دعواهم فيها سبحانك اللهم(يونس:9 - 10). فإذا ضمّ المتأمل هذه الشواهد، ورأى كيف أن الرعد والجبال والسموات والأرض والكائنات كلها تسبح لله، وأن الله استفتح سبع سور بالتسبيح، وأن الله جعل الركوع والسجود، وهما من أهم أركان الصلاة تسبيحاً، ومنزلة التسبيح في أخبار الأنبياء، واتصال الملائكة بالتسبيح، وتسبيح أهل الجنة، إذا ضم هذه الشواهد كلها بعضها إلى بعض، تغيرت نظرته جذريًّا إلى مفهوم التسبيح، وأدرك أن للتسبيح منزلة عند الله تفوق المنزلة التي نتصورها عادة، وأن ثمة علاقة قوية، ورابطة متينة بين التسبيح والرضى النفسي، فكل مسبح لله دائم التسبيح له سبحانه يهنأ بعيشة راضية في الدنيا، ثم هو يوم القيامة يكون من المرضين عنده سبحانه.

والمؤمن الحق حين يتأمل مثل هذه المنزلة للتسبيح يدركه الألم على فوات كثير من لحظات العمر عبثاً دون استثمارها بالتسبيح، وأي شيء أجمل من قضاء دقائق الانتظار لتحصيل بعض مهام الدنيا، واستغلال أوقات ازدحام السير في الطرقات، واستثمار لحظات الصمت، في تسبيح الله سبحانه.
وكم نحن مغبونون في أيام وليال وسنين ذهبت سدىً من غير أن نعمرها بالتسبيح؛ تلك الأوقات من أعمارنا أُعطيت لنا ليختبرنا الله، ماذا نحن عاملون فيها، وقد مضت الآن، ولن تعود أبداً! إنها ذهبت مسرعة لاهثة لتعلن في كل دقيقة كمية من أعمارنا سُحبت منا، فهل سجلنا في تلك الأوقات التي انسلخت من أعمارنا تسبيحاً لله، أو كانت مستغرقة في عمل صالح، أم أمضيناها في الثرثرة وفضول الكلام، وفضول السماع، وفضول المشاهدة. وهل سنضيع ما بقي من أعمارنا من غير أن نُعمر تلك الأعمار بالتسبيح وبالأعمال التي تقربنا إلى الله سبحانه، وتدخل على صدورنا الرضا والسرور. ؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115