بادارة الفنان المسرحي الهادي عباس، للمثقفين والمبدعين تم اسناد خطة منسق عام للمهرجان للفنان المسرحي والاعلامي شكري السماوي، وهو من الاسماء المشهود لها بالكفاءة، دائم البحث عن التجدد وخوض غمار التجارب الابداعية، التي يسعى من خلالها، الى تقديم الاضافة. حيث قضى اكثر من ربع قرن بين اروقة الاذاعة الجهوية بقفصة واشرف على ادارة مهرجان قفصة للمسرح لعدة دورات مساهما بذلك في الارتقاء به الى مراتب المهرجانات العربية ثم الدولية، الى جانب اهتماماته بالنقد المسرحي، واسهاماته المتعددة الاخرى من اجل تطوير واثراء الحركة المسرحية والثقافية بجهة قفصة. ولمزيد تسليط الاضواء على بعض الجوانب من مسيرة هذا المبدع وعلى تفاصيل اضافية تخص مهرجان قفصه للفرجة الحية التقت «المغرب» شكري السماوي بمركز الفنون الدرامية والركحية في الحوار التالي:
• الفنان شكري السماوي، والمسرح أي علاقة؟
علاقتي بالمسرح كانت منذ الدراسة في الابتدائي ثم الثانوي، اي بالمؤسسات التربوية، ثم بنادي الشباب، حيث كونا فرقة نجوم المسرح، بمعية نخبة من المهتمين بالمسرح انذاك على غرار الفاضل قلنزة، ورشاد رواشد وتوفيق أحمد، وحمادي عمار، وشكري كريمي، وانتجنا عديد الاعمال المسرحية منها: «الحي يروح والبراني على برة، وفلسطين الى متى» وفي سنة 1980 توقفت هذه المجموعة عن النشاط بعد التحاق بعض عناصرها، بفرقة مسرح الجنوب وبدورنا التحفنا بنادي المسرح بدار الثقافة، الى جانب نصر الدين جلول
ولطفي جلول، وعبد السلام رابح، وعبد الرزاق صخراوي، ولطفي الاجري وعديد الاسماء الاخرى. حيث انتجنا مسرحيات «بين الحياة والموت وفلسطين الجرح النازف، ورجل امام البحر» والتي كانت منطلقا لمشاركتنا ضمن التظاهرات المسرحية، من خلال الدورة الثانية لايام الجامعة التونسية للمسرح بالمنستير سنة 1986، وقد نالت المسرحية تقدير لجنة التحكيم، التي اعربت عن اعجابها باداء الممثليين، وعلى اثرها بادرنا باعادة الروح الى جمعية النجم التمثيلي بقفصة، وقمنا باعادة تمثيل مسرحية «جحا والشرق الحائر» نص محمد رجاء فرحات، واخراج المنصف البلدي. وانظم اليها الجيل الجديد من الدفعة الاولى من خرجي المعهد العالي للفن المسرحي على غرار حسين عمايرية وهو استاذ مسرح، وطارق مرابط. وانجزنا مسرحية «مغامرة راس المملوك جابر» دراماتورجيا حسين عمايرية، واخراج طارق مرابط قم تواصلت الرحلة الى يومنا هذا.
• من فنان مسرحي، إلى منتج برامج ومنوعات بالاذاعة الجهوية بقفصة،الى مدير لمهرجان قفصة للمسرح، واخيرا وليس اخرا، منسقا عاما لمهرجان قفصة للفرجة الحية، فهل ان هذا التحول تكامل في مسيرة المبدع، ام بحث عن مجالات اخرى لاثبات الذات؟
نعم هو شيء من هذا وذاك، فالمبدع لا يستطيع ان يحيا من دون تجدد والتجدد هنا هو بحث دائم عن التجربة الابداعية. وبالنسبة للعمل الاذاعي فقد دعيت اليه من طرف مدير الاذاعة الجهوية بقفصة سنة 1991، حيث طلب مني انتاج برنامج يعنى بالمسرح، ومن خلاله اكتشفت العمل الاذاعي الذي شغفت به وتواصلت المسيرة طيلة اكثر من ربع قرن. اما فيما يتعلق بمهرجان قفصة للمسرح ففي سنة 1988 نظمت جمعية النجم التمثيلي مع الجامعة الدورة الرابعة لايام الجامعة التونسية للمسرح. والتي حملت انذاك اسم المرحوم صالح رواشد وهو من رموز المسرح بالجهة، وبعد نجاح التظاهرة فكرنا في الاحتفال بخمسينية جمعية النجم التمثيلي للمسرح، وكان سنة 1991، وعلى اثرها جاءت فكرة بعث مهرجان قفصة للمسرح، بمعية المرحوم فوزي رواشد وكان ذلك سنة 1995، وتواصلت دوراته الى اليوم. حيث احتفلنا في المدة الاخيرة بعشرينيته الاولى. وفي اعتقادي ايضا ان خوض التجارب الابداعية هو ايضا تكامل واستفادة من تجارب الاخرين.
• يعد شكري السماوي، من المسرحيين الذين واكبوا انتاجات الفرق الجهوية القارة للمسرح، واليوم انتاجات مراكز الفنون الدرامية والركحية، فكيف تقيم انتاجات الطرفين وما الذي اضافته هذه المراكز للمسرح التونسي؟
الحركة المسرحية في تونس تعتبر رائدة، على المستوى العربي والمتوسطي وعلى مستوى القارة الافريقية ايضا، وهذا بشهادة النقاد المسرحيين واهل الاختصاص، والفرق المسرحية القارة، اسست لواجهة مسرحية هامة ولان مميزات نجاح العمل المسرحي في بلادنا هو ترابط الاجيال والتواصل. فقد جاءت مراكز الفنون الدرامية والركحية كحاضنة للتجارب الكبرى للمبدعين، ومواصلة ودعم ما انجزته هذه الفرق. وساهمت ايضا في استقطاب المتميزين في المسرح الخاص. وفي الواقع نحن اليوم لا ننظر بعين الرضى الكامل لهذا الحراك، ونعتقد انه لا بد من الانفتاح اكثر على المقترحات والمشاريع الفنية التي يقدمها خاصة خريجو المعهد العالي للفن المسرحي.
• هل اختلفت اليات وطرائق الكتابة المسرحية في ظل التحولات التي تشهدها بلادنا بعد الرابع عشر من جانفي؟
في الواقع هناك اختلاف ملحوظ، فرغم الهامش الكبير من الحرية الذي توفر للمبدع، بعد الرابع عشر من جانفي، فاننا نخشى الوقوع في المباشرتية، والشعارتية على حساب الجانب الجمالي والابداعي في الفن المسرحي، مما يتطلب من المبدع اليوم البحث عن مواضيع ومشاغل اخرى لها بعدا انساني وحضاري، والدليل ان عديد الاعمال طرحت اشكاليات انسانية لا فكرية، وهنا لا بد أن نطرح على انفسنا كمسرحيين ما يمكن ان يقدمه المسرحي في ظل عدم وجود الرقابة، وسلطة المنع. بعد تنامي وتكاثر الاعمال التي تحدثت عن الثورة، والسقوط في الاستسهال والابتذال، وهذا التوجه هو في الواقع سيف ذو حدين. وفي المقابل ومن خلال عديد الاعمال الاخرى التي انتجت هناك ما يحيل على مشروع فني ذو قيمة، مقابل وكما ذكرت سابقا بعض الاعمال التي سقطت فعلا في الاستسهال، مما يؤكد الاختلاف الذي طرأ على الكتابة المسرحية، شانها شان عديد المجالات الثقافية الاخرى.
• لنتحدث الان عن مهرجان قفصة للفرجة الحية، الذي تتولى التنسيق العام لفعالياته؟
مهرجان قفصة للفرجة الحية هو موعد سنوي، انطلق به المرحوم محمد فوزي رواشد ويبلغ اليوم الدورة الرابعة، ومنذ تولي الاستاذ الهادي عباس ادارة المركز واصل في نفس النهج، واعتقد ان هناك ارادة لتطوير هذه التظاهرة، حتى تكون ارحب. ومداراتها اوسع، من اجل رؤية نحو فضاءات مسرحية عربية ودولية. وخصوصية هذه الدورة هي التفتح على بعض التجارب العربية وخاصة في شمال افريقيا، ولما لا في دورات قادمة يقع التفكير في الانفتاح على المسرح الافريقي وكذلك الضفة الشمالية للمتوسط. وخلال هذه الدورة وبالاضافة الى العروض المسرحية التونسية وايضا، من مصر والمغرب والجزائر، وهي تجارب رائدة، ولا بد من التعرف عليها في العمق. ارتأى مركز الفنون الدرامية والركحية الطرف المنظم ان تهتم الندوات الفكرية ببعض هذه التجارب، حيث ستكون مداخلة المسرحي والمنظر الدكتور عبد الكريم رشيد (من المغرب)، حول واقع وافاق المسرح الاحتفالي. وكذلك من خلال تقديم الاستاذ عمر فطنوش (من الجزائر)، مداخلة وشهادة عن المسرح الجزائري في العشرية الاخيرة. ومداخلة الفنان محمد دسوقي مدير مركز الهناجر لفنون المسرح (في مصر). حول دعم هذا المركز لتجارب المسرحيين الشبان والمستقلين. دون أن ننسى مداخلة المسرحي القدير الفاضل الجعايبي (تونس) في الاختتام. وفي اعتقادي انه اثراء لفقرات برنامج الدورة.
حاوره محمود الأحمدي