في أدائه قديم، كامن في النفس، بالنظر إلى قديم نبوغ آدم فتحي وشهرته التي وصلت حدود العالمية. وظلّت تلك الرغبة المشروعة تتصيّد الفرص حتّى سنحت إحداها وآن أوانها وها هي اليوم ترى النور وتتحقّق. وهي لم تأت لتضيف إلى قيمة الرجل، فقيمته ثابتة لا غبار عليها، بل هي فرصة لنا – نحن الأكاديميّين - لنَفِيَهُ حقَّه، وتؤديَ بعض ما علينا من دين تجاه المبدعين وعلى راسهم المحتفى به.
ونريد بهذا التكريم أن نؤسس تقليدا جديدا نذيب به الجليد الذي لطالما فصل بين الأكاديمي والمبدع، وأوهم بوجود مسافة ليس لها في الأصل مبرّر، فثمرة عمل المبدعين هي خبز الأكاديميّين اليومي، وفضل المبدعين على الباحثين لا ينكر ولا يخفى، فهم المورد والمرجع ونصوصهم هي مادة عمل الأكاديميين. وفي المقابل فان فضل الأكاديميين عن المبدعين لا ينكر أيضا فهم من يحفز الى التجويد بالنقد وهم من يعرّف بالإبداع الحقّ وأهله، فهما إذا يعملان لأجل غاية واحدة ولكن كل في طريق ولا باس من أن يجتمعا. ولا شك في أنّ في اجتماعهما من الفائدة والنفع ما يعمّهما ويفيد كلاّ منهما. والأيام كفيلة بان تثبت لنا قيمة هذا التلاقي وما ينتج عنه من إضافات يمكن ان تكون من عوامل تطوير الحياة الثقافية والأدبيّة والنقديّة في بلادنا.
ويحق لنا في هذا المجال أن ندّعي شرف السبق إلى هذا المضمار يدفعنا في ذلك إيماننا بنبل هذه الخطوة ونفعها. ويحقّ لنا أيضا أن نوقظ الدوعاجي للحظات من نومته الأبديّة لنزفّ إليه البشرى بأنّ العنقود سيصل إلى المبدعين في بلادنا وهم أحياء بيننا.
وهذه الخطوة لا تعدّ غريبة على كليّة عريقة مثل كليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة التي لم تدّخر جهدا طوال تاريخها المليء بالإنجازات في تشجيع كلّ ما من شأنه أن يطوّر الحياة الثقافية والأدبية ببلادنا.
وليس من باب الصدفة أن يكون الشاعر والمترجم آدم فتحي فاتحة هذه المبادرة فهو شاعر عالمي مشهود له بالإبداع والتميز، ونحن عاقدون العزم على ألّا يكون الأخير ممن يشملهم التكريم وذلك لحرص كليتنا على أن يكون باب الانفتاح على المبدعين مشرعا على الدوام. وكلّنا أمل في أن تتحوّل هذه المبادرة إلى تقليد راسخ تحتذي بقية المؤسسات الجامعية حذوه، ونلحّ في الدعوة إلى ضرورة تجاوز هذه الخطوة نحو مزيد الانفتاح على المبدعين بالتوسع في إدراج نصوصهم ضمن برامج التدريس في مختلف المستويات التعليمية شان جميع الشعوب الّتي تحترم مبدعيها وتكرّم جهودهم.
: