محرقة الكتب: كتب شهيرة أحرقها النّازيّون!

بقلم: البشير موسى
عن التايمز الهندية
لقد اشتهر النّازيون، كما نعلم جميعا، بفظاعة ممارساتهم التي كانت تغذّيها

فوبيا الآخر أو الغير، ذلك الخوف المفرط من الأجانب ورفضهم، وقد قتل الملايين نتيجة لذلك. وبغضّ النّظر عن الإبادة الجماعية فقد قام فريق هتلر بنشر الجهل وازدراء التّقدّم العلميّ (الاّ ما يخدم ديكتاتوريّة النّظام) والثقافة الجنسيّة، الى جانب كلّ ما من شأنه أن يتحدّث عن أهوال الحرب. ونظرا لصعوبة ايقاف اللّيبيراليين والمثقفين في انحاء العالم عن الكتابة فقد اتّخذ النّازيّون اجراء وحيدا – ألا وهو حرق الكتب! وسواء تعلق الأمر بالرقابة والصّنصرة، التعتيم الأعلاميّ أوحرق الكتب والمكتبات، فقد حاول الألمانيون منذ ذلك الحين أن يضبطوا معرفتهم وثقافتهم بلا توقّف.
في ثلاثينيات القرن العشرين قاد الإتحاد الألمانيّ للطّلبة حملة حماسيّة متعصّبة لحرق الكتب بشكل طقوسيّ استعراضيّ، ومن لحظتها صارت هذه الممارسة بالنّسبة للنّازيّين حالة عامّة وأمرا عاديّا. وقد اعتبرت الكتب التي استهدفها النّازيون «فاسدة» وغير صالحة، كما اعتبرت «لا-ألمانيّة» مدمّرة ومخرّبة وهدّامة، فهي تمثّل أيديولوجيات مناهضة للنّازيّة. وكانت أولى الكتب التي وقع حرقها مؤلفات كارل ماركس وكارل كوتسكي.

في ماي 1933، شهدت ألمانيا واحدة من أشهر وأشنع عمليّات حرق الكتب. فكمعاضدة للحزب النازيّ وللأيديولوجيا النّازية قام الإتّحاد الألمانيّ للطّلبة بحرق 25000 كتاب! وهي الكتب التي أطلقوا عليها نعت «لا-ألمانيّة». وكان هذا إيمانا منهم بأنّ النّار كانت ستسهّل نوعا من التّطهير الثقافيّ لألمانيا. وفي حقيقة الأمر، فقد أثبتت حرائق الكتب تلك أنها لم تكن إلاّ نذيرا وإرهاصا لجرائم شديدة الفظاعة ستحدث فيما بعد وسيكون لها تداعيات جسيمة.
وفي ما يلي، نقدّم لكم بعضا من أشهر الكتب، وأكثرها شعبيّة، الّتي وقع حرقها من طرف النّازيّين باحتقار شديد وبكلّ استخفاف وكراهية.

• «وداعا للسلاح» (ارنست همنغواي)
يروي الكتاب بضمير المتكلم المفرد قصّة تدور احداثها خلال الحرب العالميّة الاولى عن علاقة غرامية بين فريديريك هنري الأمريكي المنفيّ وممرّضة انجليزيّة اسمها كاثرين باركلي. والقصة مستلهمة من تجارب همنغواي خلال الحملات العسكرية على ايطاليا خلال الحرب العالمية الأولى. ويعتبر هذا الكتاب واحدا من أفضل الأعمال التي تصف الحرب.

• «كيف أصبحت اشتراكيّة» (هيلين كيلّر)
مثّلت هيلين كيلّر وجها ملهما وشخصيّة مؤثّرة لعدّة أسباب. حيث أصبحت مؤلّفة وصوتا بارزا في مجال التّعليم رغم قصورها عن البصر، السمع والكلام. كانت كيلّر عضوا في الحزب الاشتراكيّ وأصبحت من أهمّ روّاد حبّ الخير للأنسانيّة في القرن العشرين. الى جانب ذلك فقد كانت كيلّر من مؤسّسي الإتحاد الأمريكي للحريات المدنيّة. ويتمثّل مؤلّفها «كيف أصبحت اشتراكيّة» في مقالة راديكاليّة حول معتقداتها وأفكارها وايديولوجياتها التي ظهرت في «نداء نيويورك»، وهي صحيفة يوميّة صدرت عن الحزب الاشتراكي في الثالث من نوفمبر 1912.

• «كل شيء هادئ على الجبهة الغربيّة» (اريك ماريا ريمارك)
كتبت هذه الرّواية باللّغة الألمانيّة، وهي منقولة عن محارب المانيّ قديم من الحرب العالميّة الاولى ويبرز فيها ريمارك الاجهاد والضغط الذي تعرض له الجنود الألمان بدنيّا وذهنيّا خلال الحرب اضافة الى عزلتهم عن الحياة المدنيّة التي لازمتهم لوقت طويل.

• «آلة الزّمن» (هربرت جورج ويلز)
وهي قصّة قصيرة من أدب الخيال العلميّ ساهمت في نشر فكرة السفر عبر الزمن من خلال عربة تمكّن الانسان من السفر ذهابا وايابا في الزمان. والقصة عبارة عن وصف مباشر لتجربة شخص عاد في رحلة ثمانمائة سنة الى الماضي.

• «المسخ» (فرانز كافكا)
هي أشهر أعمال كافكا. وهي رواية قصيرة تتحدث عن البائع قريقور سامسا الذي أفاق من نومه ذات صباح ليجد أنّه قد تحوّل الى حشرة ضخمة، وبالتالي كان عليه ان يصارع ليتلاءم مع وضعيّته الجديدة. وقد تعرّض الكتاب الى نقد واسع ولاقى مع ذلك قبولا جيّدا مع تأويلات مختلفة ومتضاربة.

• «حرب العوالم» (هربرت جورج ويلز)
هو واحد من أوائل القصص الأدبيّة التي روت بالتّفصيل صراعا بين البشر وكائنات من الفضاء الخارجيّ. وقد وردت على لسان المتكلّم المفرد من خلال شخصيّتين ساردتين من مكانين مختلفين. ويقال أن «حرب العوالم» كان له أثر حتّى في أعمال روبرت هتشينغ غودار الذي اخترع الصّاروخ ذي الوقود السّائل والصّاروخ متعدّد المراحل، بمعنى أنه استلهم تصاميمه من الكتاب والذي كانت نتيجته أن حطّت المركبة «ابولو احدى عشر» على سطح القمر بعد واحد وسبعين سنة من صدور الكتاب.

«الشّمس تشرق أيضا» (ارنست همنغواي)
يتمحور الكتاب حول مجموعة من المغتربين من امريكا وبريطانيا يزورون مهرجان سان فرمان في بمبلونا في اسبانيا لحضور الجري مع الثيران ومشاهدة مصارعتها. وفي الحقيقة تقدّم القصّة نظرة ثاقبة ومؤثرة في خيبة الأمل والقلق الذي عاشه جيل ما بعد الحرب العالميّة الأولى.

• «المانيفستو الشيوعي» (كارل ماركس وفريديريك انجلز)
وهو واحد من أهمّ النّظريات السياسيّة التي صيغت على مرّ الزّمان. وهذا المانيفستو او البيان هو عبارة عن كتيّب سياسيّ صاغه الفيلسوفان الألمانيّان حيث قدّما فكرتهما عن الشّيوعيّة ووضعا فيه تصوّرهما لمجتمع لاطبقيّ وحاولا فيه ان يبرهنا كيف أنّ استغلال العمّال الصّناعيين سيؤدّي في النّهاية الى ثورة تطيح بالرّأسماليّة.

• «الرّجل الخفيّ» (هربرت جورج ويلز)
هو كتاب مسلّ ومرهق للأعصاب في آن. وهو من اهمّ الآثار في أدب الخيال العلميّ. وفيه يقدّم الكاتب نظرته الثّاقبة في الطّبيعة البشريّة. فبطل الرواية، غريفين، وهو عالم متحمّس للعنف العشوائيّ واللاّمسؤول، يتحوّل الى ايقونة في أدب الرّعب القصصيّ حيث نجده شخصا مستهلكا منهكا في سبيل جشعه الى القوّة والسلطة والشهرة، وهو كذلك نموذج للعلم المتجرّد من الإنسانيّة والقيم.

• «عالم جديد شجاع» (ألدوس هكسلي)
يعتبر هذا الكتاب أثرا «ديستوبيا» بامتياز، بمعنى أنّه ينقل عالما واقعيّا مريرا لا عالما طوباويّا مثاليّا. حيث يضعنا هكسلي ازاء عالم مستقبليّ يحتوي أناسا محوّرين جينيّا تفرّق بينهم تراتبيّة اجتماعيّة غريبة حسب الذّكاء. والكتاب هو نظرة عميقة في الإنجازات العلميّة والتكنولوجيّة الكبرى والتي كان يفترض أنها ستنتج مجتمعا طوباويّا ناجحا وسعيدا لكنّها فشلت في ذلك.

• «أوليس» (جيمس جويس)
«أوليس» هي اشهر روايات جويس والأبرز في الأدب الحداثيّ، ورغم عنوانها المحيل الى الشخصيّة الاسطوريّة والمقتبس منها فإنّها غير مرتبطة بإحكام بأوديسة هوميروس. فالقصّة تصوّر يوما في حياة مجموعة من الشّخصيّات من العاصمة الايرلندية دبلن. كما تسجّل الرواية رحلة البطل ليوبولد بلوم التي من خلالها يسلّط الكاتب الضّوء على الأحداث والمواضيع المطروحة في مطلع القرن العشرين مثل مسألة «الحداثيّة»، دبلن وعلاقة ايرلندا ببريطانيا.

• «لوليتا» (فلاديمير نابوكوف)
نتابع في هذا الكتاب قصّة الرّاوي اللاّموثوق هامبرت هامبرت، وهو اكاديميّ رومنسيّ يعيش قصّة حبّ يائسة مع الطّفلة المراهقة ذات الاثنتي عشر ربيعا، التي يسمّيها لوليتا. وقد اشتهر هذا الأثر الأدبيّ الهامّ بكونه عملا فكها، جريئا، محزنا ومليئا بالتلاعب الكلاميّ المبتكر. كما يعتبر الكتاب ايضا واحدا من افضل الروايات المكتوبة بالانجليزية في القرن العشرين.

• «الأمّ» (ماكسيم غوركي)
هو عمل رياديّ كتب سنة 1906 حول عمّال مصانع ثوريّين. فبعد فشل الثّورة الروسيّة الأولى سنة 1905 اراد غوركي ان يشيع روح الحركة البروليتاريّة ومن ورائها أجندته السياسية في صفوف القرّاء من خلال أعماله. تتأسّس الرواية على احداث حياتيّة واقعيّة وتتطرق الى شخصيّتي آنا زالوموفا وابنها بيوتر زالوموف.

• «الحرب والسّلم» (ليو تولستوي)
عرف تولستوي بأعماله الضّخمة، ويعتبر كتابه «الحرب والسلم» عمله الأهمّ والأضخم. وهو يتمحور حول الغزو الفرنسيّ لروسيا. فمن خلال قصص حكايات خمس عائلات ارستقراطية روسيّة يحدّثنا الكاتب عن أثر الحقبة النابوليونيّة على المجتمع الروسي القيصريّ. وبشكل رائع يصف تولستوي شخصيّات من مختلف الخلفيّات الاجتماعيّة: مزارعين، نبلاء ومدنيّين في معاناتها مع ثقافة عصرها ومشاكله وذلك تحت وطأة الغزو العسكريّ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115