في اختتام أيام قرطاج الموسيقية: الذهب للسينغال... والفضة والبرنز لتونس

بعد رحلة ممتعة من السفر مع عذوبة اللوحات الموسيقية ورقصة النغمات وأنشودة المعزوفات... ودّعت الدورة الثالثة من أيام قرطاج الموسيقية جمهورها وروادها وضيوفها بعد أن أهدتم فرصة اكتشاف إبداعات جديدة تونسية وإفريقية ومتوسطية من 9 إلى 16 أفريل 2016.

12 عرضا تونسيا وأجنبيا خاضوا غمار التنافس على جوائز المهرجان في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج الموسيقية. وإن اجتهد أصحاب العروض في تقديم أفضل ما يكون واستحسن الجمهور والنقاد أغلب عروض الأيام فإن قرار لجنة التحكيم برئاسة الفنان عدنان الشواشي قد أعلن فوز السينغال بالتانيت الذهبي في حين كان التانيت الفضي والبرنزي من نصيب تونس.

السينغال «سيّدة» المهرجان
تربّعت إفريقيا على عرش المهرجان في اختتام الدورة 3 من أيام قرطاج الموسيقية، حيث نجحت المجموعة السينغالية
Sahad and the Nataal Patchwork في قنص التانيت الذهبي للمهرجان. وقد غنت هذه المجموعة الموسيقية للسلام وعزفت لحن الأمل والحب وهي القادمة من إفريقيا الأمراض والمجاعات والحروب ...فكانت عنوان الحياة والإنسانية.
وإن كانت الموسيقى الإفريقية تتميز بخصائص متفردة وآلات خاصة وتقاليد عريقة... فإن مجموعة «Sahad and the Nataal Patchwork» هي نتاج لتنويعات موسيقية مختلفة وجسر بين عدد من الثقافات الموسيقية، حيث تجمع بين خلفيات موسيقية متنوّعة تشكل نسيجا جذابا للموسيقى الإفريقية. وعلى الرغم من الاختلاف الظاهر بين الموسيقيين حد التناقض أحيانا إلا أن موسيقاهم تتقاطع عند خطّ واحد يمتزج فيه البلوز المالي بالروك، الأفروبيت، والجاز... فتتوّلد عن هذا اللقاء نغمات فريدة وجديدة ومبتكرة. وفي عرضها الخاص بأيام قرطاج الموسيقية قدمت هذه الفرقة رحلة إفريقية من الموسيقى الصاخبة تارة والمنسابة تارة أخرى، الثائرة أحيانا والمسالمة أحيانا أخرى ... وفي كل مقطوعاتها المجنونة ومعزوفاتها المبدعة تسافر الفرقة المتوّجة بجمهورها إلى عوالم غير معلومة المكان وغير مشروطة الزمان في لحظة فاصلة تتحرر فيها الأجساد والحوّاس ...

ومن المنتظر أن يكون جمهور مهرجان قرطاج الدولي على موعد مع المجموعة السينغالية «Sahad and the Nataal Patchwork» باعتبار الاتفاق الحاصل مع مدير المهرجان محمد زين العابدين على برمجة العرض الفائز بالتانيت الذهبي في أيام قرطاج الموسيقية.

عرض «أصلي» والوفاء للهويّة
إن كان التانيت الذهبي من نصيب السينغال، فإن التانيت الفضي قد آل إلى تونس وإلى مشروع الفنان «صبري مصباح» الذي أمتع جمهور أيام قرطاج الموسيقية وداعب إحساسه بعرض متميز ومختلف... فاستحق التتويج عن جدارة.
وقد انطلقت علاقة صبري مصباح بالموسيقى كتقني صوت وموّزع موسيقي، ليتحوّل لاحقا إلى أحد الأسماء الصاعدة في الساحة الفنية في تونس . وفي أولى ألبوماته الذي جاء تحت عنوان «أصلي» أعلن صبري مصباح الوفاء للجذور الموسيقية والحفاظ على الهوية التونسية كما اختار المزج بين التقليدي والحديث والخلط بين العربي والغربي، فكانت النتيجة توليفة موسيقية عذبة تتقارب ولا تتباعد، تنسجم ولا تتنافر... وبعد عرض امتزجت فيه الموسيقى التونسية من نوبة، ومالوف، وحضرة بموسيقى البلوز، الرّوك، الرّاغا... صفق جمهور أيام قرطاج الموسيقية طويلا لعرض «أصلي» لصبري مصباح صاحب التانيت الفضي.

«فلاّقة» عنوان الإبداع بلا منازع
منذ البداية، تنبّأ جمهور أيام قرطاج الموسيقية بفوز عرض «فلاّقة» وتوّقعوا له التتويج والتنويه بعد رحلة المتعة التي لا توصف التي أهداها الفنان نصر الدين شلبي لمتابعي عرضه. وفعلا صدق حدس الجمهور، فحاز عرض «فلاّقة» على التانيت البرنزي في الدورة الثالثة من أيام قرطاج الموسيقية.

و في عرض موسيقي فرجوي متميز، سعى هذا المشروع الفنّي إلى إحياء الذاكرة الشعبية والمحافظة على الموروث الموسيقي التونسي بأغان وإيقاعات تخاطب أحاسيس المتلقّي وتوقظ فيه مشاعر الفرحة وتحثه على الدّفاع عن ثقافته والتشبث بها وذلك باستعمال تقنيات مسرحيّة وركحية تخدم عوامل الفرجة الحيّة.

وقد يصح وصف عرض «فلاّقة» بالعرض المناهض للإستعمار الثقافي باعتبار أنه دعوة إلى إعادة إحياء التراث ومناداة إلى الدفاع عن الهوية الموسيقية التونسية وحث على تحدّي الاستعمار الثقافي الذي يهدّد خصوصيّة التراث الفكري الوطني ويسعى إلى تنميطها وفقا لقوالب العولمة.

«فلاّڤة» هو عرض أبدع فأطرب وأمتع.. بعد أن تفنّن صاحبه «نصر الدين الشبلي» الحائز على شهادة الماجستير في الموسيقى والعلوم الموسيقية والذي هو بصدد إنجاز الدكتوراه في الاختصاص ذاته في تقديم مشروع مبتكر ومختلف ومغاير...
بعد إسدال الستار على الدورة الثالثة من أيام قرطاج الموسيقية، فإن تحديات أخرى تنتظر الأيام في دورتها الرابعة خصوصا على مستوى تطوير خدمات وعائدات «صالون الصناعات الموسيقية» ومزيد التعريف بالمواهب الصاعدة التي تنتظر فرصتها الموعودة للإفصاح عن إبداعاتها والإفراج عن طاقتها المغمورة...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115