الإعلان الرمضاني «سيدي الرئيس» يثير الجدل: صرخة طفولة في وجه السياسية حتى لا تسحق الإنسانية

إن كان الإشهار في منطق السوق وسيلة للتسويق وخطابا مدروسا لجلب المال

، فلا تنفي عنه هذه المعادلة بأن يكون على قدر من الإبداع وشيء من الفن... وكثيرا من الإنسانية. وهو ما توّفر في الإعلان الرمضاني شركة «زين» للاتصالات الكويتية التي اختارت أن تنتج أغنية عن السلام وأنشودة لإنقاذ الإنسان على لسان الطفولة. ومنذ نشره في الساعات الأخيرة يثير هذا الإشهار المُصور كثيرا من الجدل بين الاستحسان والاستهجان... لأنه لامس السياسة وساءل أكبر رؤساء العالم عن مصير الإنسان.

طفل صغير في البطولة ومهاجرون ومهجّرون ومعذبون في الأرض... هم شخصيات الفيديو الإعلاني لأغنية «سيدي الرئيس» إلى جانب مرور كلّ من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو...

حرب... وخوف يقتل الحب
«سيدى الرئيس رمضان كريم...أنت مدعو إلى الإفطار...إذا وجدت بيتي في الدمار... وعادت أمى من الطابور... بخبز و قلب مكسور» بهذه الكلمات بسيطة المبنى وعميقة المعنى تأخذنا أغنية «سيدي الرئيس» على يد طفل برئ دمرته الحروب وأقضت مضجعه الانفجارات إلى عالم يتهدده الفناء في كل حين إما تحت القصف أو على قوارب الموت... في زمن وحشية الإنسان.

وما بين دمعة تترقرق في مقلتي الطفولة المعذبة وفرحة حبيسة في القلب، تتواتر صور الخراب والدمار وتتالى الرسائل و التساؤلات عن اقتراف ذنب قتل الإنسان من خلال تمرير ذكي لقضايا اللجوء ومذبحة بورما وحرب سوريا وانقسام العرب... واغتصاب فلسطين.
ببساطة يتجاوز هذا الإشهار مجرد الإعلان ليقدم لنا درسا في الإنسانية من خلال حكاية طفولة اسود في عينيها الليل والنهار وضاق الأفق أمامها ... فلم يعد بوسعها سوى أن تنشد السلام أغنية وأمنية.

القدس عاصمة فلسطين
ثلاث دقائق كانت كافية لنقل وجع الطفولة المسكينة في مدن الحروب والظلم والهوان... فليس أصدق من طفل يبكي ويشكو ضعفه وخوفه... !
لهذا لم تمر ساعات قليلة على نشر هذا الفيديو الإعلاني حتى انهالت تعليقات الإعجاب وانطباعات الثناء لأنه كان في منتهى الفن والإنسانية.

وفي المقابل، لاقى هذا الإعلان المصور استهجانا من البعض الآخر باعتباره يكرس عقلية الذل والخضوع للقوى الكبرى في سبيل استرجاع الحقوق الشرعية وتمسحا بأعتاب أكبر رؤساء العالم في استجداء الحياة.
وكما انطلقت أغنية «سيدي الرئيس» من مخاطبة الطفل الصغير للرئيس الأمريكي ودعوته للإفطار فإنها تعود في حركة دائرية إلى الرئيس نفسه ليعيد الطفل الدعوة ذاتها ولكن هذه المرة مع ذكر العنوان والمكان، فيقول: «سيدى الرئيس، سنفطر في القدس عاصمة فلسطين،
يكتبها رب الأمنيات العالقة بين يا ليت وآمين».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115