فيما تتواصل معاناة المبدعين : قانون الفنان والمهن الفنية قيد الانتظار !

لم يكن وقوف الفنان الكبير عيسى الحراث ، مؤخرا، على أبواب وزارة الشؤون الثقافية بسؤال الحاجة أو طلب المعونة بل كان حقا واستحقاقا كان من واجب سلطة الإشراف ألا تتأخر عنه ساعة واحدة بدل أن تراوغ وتوصد الأقفال في وجه ممثل يشهد له التاريخ بالموهبة الفنية وعزة النفس الشامخة إلى درجة أنه كان يرفض حتى مجرّد التكريم ... وأمام هذا «الذنب» الذي لا يغتفر في حق هذا الفنان وغيره من المبدعين الذين يلفهم ظلام النسيان والإهمال أصبح قانون الفنان والمهن الفنية ضرورة عاجلة وأولوية ملحة، الآن وهنا.

كم من مبدع ودّع الحياة ورحل وهو في أرذل الأحوال بسبب عوز الحيلة وتنكر العباد والزمان ، وكم من فنان يعاني اليوم في صمت وأحيانا في شكوى مشوبة بكبرياء بسبب هشاشة وضع اجتماعي لم يضمن له كرامة العيش وثمن الدواء وقوت اليوم ...عيسى حراث وحسين محنوش وأنور الشعافي وغيرهم ليسوا سوى تأنيبا لضمير بلد وسلطة وحكومة لم تحترم نفسها لأنها لم تحترم مبدعيها... !

وزارة الشؤون الثقافية تتبّنى مشروع قانون المجتمع المدني
أمام التهميش والإهمال والنكران... يستمر الفنان في البحث عن حقوقه المهضومة واستحقاقاته المسلوبة مطالبا بنص قانوني واضح وصريح يهدف إلى «عقلنة» القطاع الفني حتى لا يكون فقط مجالا إبداعيا ورمزيا، بل منظما وفقا لضوابط وقوانين شأنه شأن القطاعات الأخرى.
إن تم في عهد الوزيرة سنيا مبارك إعداد مشروع قانون يتعلق بالفنان والمهن الثقافية، فقد اقترحت «جمعية المجموعة التونسية للسياسات الثقافية» على وزير الشؤون الثقافية اللاحق محمد زين العابدين مشروعا بديلا من إعداد المجتمع المدني. وقد جاء قرار الوزير بالموافقة على تبني مشروع قانون الفنان والمهن الفنية المقترح من طرف المجتمع المدني.
وقد اعتبرت «جمعية المجموعة التونسية للسياسات الثقافية» أن هذا القانون سيمنح الفنان التونسي الحرية التي جاء بها دستور 2014 وسيمنح مهنته حصانة قانونية كما سيحفظ حقوقه الاجتماعية والاقتصادية ويحفزه على مزيد الإبداع...
ويشتمل مشروع هذا القانون على 43 فصلا موزعة على 14 بابا في تناول لمسألة الحريات وتعريف الفنان والمهن الفنية والبطاقة المهنية والمؤسسة الفنية والعقد الفني ومسألة الأجر والضمان الاجتماعي والتغطية الصحية وحوادث الشغل إلى جانب مواضيع تتعلق بالجباية وتمثيلية الهيئات المهنية والمفاوضات الاجتماعية والاتفاقيات المشتركة.
كما تطرق مشروع القانون ذاته إلى تشغيل القصر والأشخاص حاملي الإعاقة والفنانين الأجانب...

موافقة مجلس الوزراء في انتظار مصادقة مجلس النواب
بعد اعتماد وزارة الشؤون الثقافية مشروع قانون الفنان والمهن الفنية الذي اقترحه المجتمع المدني، عقدت «المجموعة التونسية للسياسات الثقافية»، في شهر فيفري 2017 بالعاصمة، اجتماعا للتصويت على الصيغة النهائية لهذا المشروع.
وعن مصير هذا الملف ومدى التقدم في مشروع قانون الفنان، توجهت «المغرب» بالسؤال إلى منسق المجموعة التونسية للسياسات الثقافية الحبيب بلهادي الذي أجاب بما يلي:» في البداية لابد أن نثمّن خيار وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين في الاعتماد على مشروع قانون المجتمع المدني وأيضا العلاقة التشاركية التي ميزت مختلف مراحل صياغة هذا المشروع. ومن جهتنا لم ندخر جهدا ولم نضع وقتا في الدفع بهذا الملف الذي طال انتظاره وامتد أجله أكثر من اللزوم... وقد تم عرض مشروع قانون الفنان والمهن الفنية على أنظار مجلس الوزراء ليكون رده بالموافقة. وقد بلغنا أن هذا المجلس قام بإدخال عدد من التنقيحات على المشروع المذكور دون أن نعلم إلى حدّ هذه اللحظة طبيعة هذه التعديلات. ونحن في انتظار أن يسارع مجلس النواب في النظر في مشروع قانون الفنان والمهن الفنية والمصادقة عليه في أقرب الآجال حتى يجد طريقه إلى التنفيذ أمام ظرف اجتماعي حرج يتخبط فيه جل الفنانين والمبدعين.
فهل يرى قانون الفنان والمهن الفنية النور قريبا حتى ينهي معاناة مبدعينا في كل الفنون ويحفظ لهم ماء الوجه بعد مذلة السؤال أو التجلد بعزّة النفس برغم الحرمان وعذاب الجحود والنكران؟

تصدر قريبا بالرائد الرسمي
«تعاونية الفنانين» سند للمبدعين
دون اتحاد، دون حشد للصفوف، دون توحيد للأصوات ...لن يكون صوت الفنانين والمبدعين مسموعا ومطلبهم مستجابا، وفي هذا السياق يتنزل تأسيس «تعاونية الفنانين». وستتخذ هذه البادرة التي كانت ولادتها بفضل جهود عدد من الجمعيات والنقابات الناشطة في مختلف المهن الفنية شكلا رسميا في القريب العاجل. وقد كشف الحبيب بلهادي لـ«المغرب» أن الإعلان عن بعث «تعاونية الفنانين التونسيين «سيكون على صفحات الرائد الرسمي في غضون أسبوع منوّها بدور هذه التعاونية في الدفاع عن حقوق الفنان والاهتمام بالوضعية الاجتماعية للفنانين حتى تكون لهم مقصدا وسندا.
وقد سبق أن أسفرت انتخابات أول مكتب لتعاونية الفنانين التونسيين عن تسمية منير بعزيز مديرا، والأسعد الدخيلي كاتبا عاما، وسامي بن سعيد أمين مال، والأعضاء: جمال ساسي ونجوى ميلاد وحسين مصدق وناصر السردي. إضافة إلى المستشارين أبو السعود المسعدي وحبيب بالهادي والمحامين رمزي الجبابلي ومراد غرام.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115