يوجدُ معلّمون وأساتذة مُزيّفون - لَدى كلّ السّاسة تقريبا و المنقذ و الدّاعية - في هذا العالم أكثْر عدَدا من النّجوم في الكَون المرئي . فلا تُخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملّون بدافع السّلطة وبين المعلمين الحقيقيين .فالمعلم الرّوحي الصّادق لا يوجه اُنتباهك إلَيْه ولا يتوقّع طاعةً مُطلقة أو إعجابا تاما منك,بل يُساعِدك على أن تقدّر نفْسك الداخلية وتَحْترمها .إن المعلمين الحقيقيين شفّافون كالبِلور يَعبر نور الله من خِلالهم . لا تُـحاول أن تُقاوم التّغيرات التي تعْترض سبيلك . بل دَع اُلْـحياة تَعيشُ فيكَ ولا تقْلق إذا قلبَتْ حَياتك رأْسا على عَقبٍ .فكيفَ يـُمكِنك أنْ تَعْرف أنّ الجَانب الذي اُعْتَدْتَ عليه أفْضل من اُلْـجانب الذي سيأتي . هكذا قالت قواعد العِشْق اُلْأربعون بتصرّف لطيفٍ منيّ غير بريء تمامًا لتنبيه الثقافة العربية المعاصرة التي تعيش على مستوى الاستعمال السياسي للعقل إن سرا أو علنا على عبادة الأمس الأبدي بتكريس المكرور و المجرور من أدغال التاريخ غصبا واغتصابا للتبرير المزيف لشرعية سمو الراعي واُحتقار الرعيّة، فهلاّ تحررت الثقافة العربية المعاصرة من النظرة الزوولوجية الرّعوية والحيوانية للسياسة, نظرة السارح والشياة ..وتدرّبت على سياسة مدنية بلغة المعلم الثاني الفارابي , من شأنها أن تشفينا مما كنتُ أطلقت عليه في تسعينات القرن الفائت في كتابي (كتاب الجراحات والمدارات: الجرح السقيفي)
تذكيرا مُوجعا بوقائع سقيفة بني ساعدة . لقد تقدّم العرب في كل شيء - الطب وفنون الصيد, علوم الفلاحة والملاحة والبسْتنة والصيدلة والبيزة ..فقط – ربما فقط - بقوا في السياسة مخلصين لحكمة تراب الزّرْزيحَة وحكمة بول الجمل بالإتجاه المخلص إلى الخَلف, إلى الوراء.
و وراء الوراء المطلوب رأسا أن نرفع الرأس بحرية...نحو ثقافة جديدة تقول: لا للطاغية لا للمستبد لا للتسليم الأعمى بصرا وبصيرة, لا لإدعاء الدعاة ... لا لتبذير الذكاء العام... لا لشقاق الأشقاء ... في زمن كل شيء بشري في العالم المرقْمن و المعولم يسير نحو التفكك بوعي من أجل التوحّد الواعي صيانة للمصير المشترك لهذا التكتّل الحضاري أو ذاك وليكون الأمر كذلك لا مفرّ للثقافة العربية المعاصرة من التحرر من عقدة كراهية الحرية في البيت والمدرسة والجامع والجامعة.اذ الإحترام و القداسة لا تفترض بالضرورة «التبقّر» و«الإستحمار» و «البَلاهة» وتكرير المكرور من التواريخ و الوقائع المخزية التي نُفاخر بها «تطاوسا» على العالمين لإخفاء خوائنا الروحي الحضاري في العصر . لقد طالت واُسْتطالَت عُطلة وعَطالة وتعْطيل اُسْتعمالنا الحرّ لملكة التفكير والتدبير عندنا . تصفحوا فقط أرشيف الصحافة العربية منذ سنين وسنين في شهر رمضان الكريم عربيا وتونسيا سوف تجدون دون عناء الإحتفاء بالمكرور والمجرور واُلْـمُـجْتر البقري من ثقافة شَعْبان بن كهفان بن ضُربان بن الضارطان , سوف تطالعنا اليوم .
صحافة اليوم بما كانت قد طالعتنا به منذ قرون وقرون كتب السير والنوازل والملاحم والفتن ...
كما وقْعة الجَمل واخْتلاف المسلمين في ترتيب آيات القرآن الكريم ... وحتى كتب الصّلصلة في وصف الزلزلة . لقد اُستطبنا لعُبة التفكير لنا وعوضا عنا وبعدنا كثيرا عن ذواتنا الآتية إلى المستقبل بفكْرٍ قد تخفّف من أثقال ماضيه الثقافي - السياسي استبدادي ومن مخزونه النّفاقي. فمتى نوفّر لنا عربيا وإسلاميا ومتوسطيا وأفريقيا - ونحن نُصغي بحذق وذكاء واُعتبار - لكل إيقاعات العصر الكونية , الطريق التي سوف تُرشدنا إلينا وفق عبارة «ج - ج روسو الرائعة».؟ الطريق هي الحرية . والسبيل هي الحرية والشِّرعة هي الحرية والشِّريعة هي الحُرية ومُعلقة المعلّقات على الإطلاق هي الحرية ...الجامعة لأنبل القيم:
( حبٌّ . عدلٌ , صَداقة . تسامحٌ, رحمةٌ و مُساواة) والتي دونها لا معنى للكرامة البشرية .ولا معنى للربوبية . سوف يحَاسبنا الربّ والتاريخ قَبلونا المهين اُمتهان عُقولنا من قِبل عصابات الأفّاكين ..حُراس مقابر جبّانات الغابرين وعبيد مذاهب الأمْس اُلْأبدي الذين يُوقِعون بالعقول في كل مُناسبة تُـحيل على الدّين.
يا أيتها الصحافة العربية القحة ... يا أيتها الصحافة التونسية الغراء رأسا مزيد من ثقافة شَعْبانٍ بن ضُربانٍ بن كَهْفانٍ لتدونوا في صحائف تواريخكم البيضاء من قبل ومن بعد أنكم ساهمتم بكل حزم في واقعة وقعة العقول... لتفسحوا حركة الجولان برا وبحرا لطيور آبابيل الإيمان..