قراءة في اصدار: في كتاب «الرسائل الدمشقية» 21 كاتبا يروون يومياتهم في مدينة أثخنتها جراح الحرب

صدر في بيروت أوائل العام الجاري كتاب «الرسائل الدمشقية» عن دار الفارابي أعده واشرف عليه الكاتبان فيصل جلول وسامي كليب. يضم الكتاب نصوصا بأقلام 21 كاتبا عربيا من المغرب والمشرق وقعها إبراهيم كمال الدين من البحرين وايلي الفرزلي من لبنان وحسين العمري

من اليمن وحسين شعبان من العراق وحكيم زموش من الجزائر ورشاد أبو شاور من فلسطين وسامي كليب من بيروت وسعدة الصابري من ليبيا والصادق بوقطاية من الجزائر وعبد العزيز المقالح من اليمن وعبد الله الاشعل من مصر وعلي دراع من الجزائر وعمرو ناصف من القاهرة وفاضل الربيعي من العراق وفيرا يمين من لبنان وفيصل جلول من بيروت وكريم ابو صلاح الدين من الجزائر وكريم افراق احمد من المغرب ومحمد حسب الرسول من السودان ونايلة ناصر من لبنان.

تتراوح نصوص المشاركين في هذا الكتاب بين الشهادة التاريخية حول حقبة محددة وفيها دقة المؤرخ ومنهجه المنضبط في قواعد بحث صارمة وتموضع كلامه في سياق يحتاج إلى خبرة ومعرفة ومعايشة للفترة التي يتناولها. في حين تتحدث نصوص ثانية عن تجارب عيش ممتعة ومؤثرة وزيارات متكررة للمدينة غنية بمعانيها ودروسها. وتقترب نصوص ثالثة من رسائل العشق، فضلا عن ثلاث رسائل يشترك أصحابها للمرة الاولى في كتاب، ورسالة واحدة تتحدث عن زيارة افتراضية لدمشق تخيل صاحبها ما سيقع معه لو زار المدينة التي يحب و لم تطأها قدماه يوما من قبل. وتجمع كل الرسائل على اهمية الادوار التي لعبتها دمشق في مراحل مختلفة من حياة المعنيين.

لعل القارىء يتساءل لماذا دمشق ؟ السؤال مشروع تماما. يقول المشرفان على الكتاب» نحن نرى ان المدينة تتعرض لحرب عالمية واقليمية ظالمة،» ويضيفان «ما من شك في ان سوريا تنطوي على عدد من القضايا الخلافية حول طبيعة الحكم ومن يستفيد منه وكيف يجب ان يكون، فضلا عن القبضة الامنية الشديدة والانخراط الانتقائي في السوق.. الخ. هذه المسائل على اهميتها ليست من النوع الذي يبرر تدمير البلد، وبالتالي قطع الطريق على كل معالجة سلمية لمشاكله. «ويرى السيدان جلول وكليب في مقدمة الكتاب «.. هذه القضايا الخلافية كان يمكن حلها، لو لم تعلن القوى الخارجية التي تحارب دمشق عن نيتها جعل سوريا هدفا صريحا لاعتداءات دولية واقليمية، لتدميرها وطي صفحتها مرة واحدة وإلى الابد. «ولهذا وفي هذه اللحظة التاريخية» ارتأينا ان نفتح صفحة عربية جديدة في هذه

الحرب، بشهادات متنوعة عن دمشق وعبر رسائل هي اقرب الى الاعترافات التي تذكر باهمية المدينة وادوارها المختلفة في حياة كل منا، مع الرهان على بقائها قلبا ينبض لجسد عربي اثخنته مواقف الذل والتبعية والركوع، واصابته بجروح الطائفية والمذهبية والتخاذل، حتى صارت الاثنيات التي عاشت واندمجت بالعرب منذ 1400 سنة تسعى للافتراق عنهم ولسان حالها يقول لماذا نتبع تابع التابع؟ لماذا لا نتبع الولايات المتحدة مباشرة او نهاجر الى اوروبا؟ مادام النظام العربي الذي سارع الى تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وهي من مؤسسيها، صار يسابق الريح صوب اسرائيل. ان الشعوب غير العربية التي اعتنقت الإسلام كانت تفخر بعرب النهضة فكيف تبقى، فيما قلاع النهضة تدمر بمطارق الارهاب، والعروبة تنكب بمن تلطى بها زورا لقتلها. لكن رغم النصال التي نالت من العرب، مازال قلبهم حيا ينبض في دمشق ولاجلها. وهنا لا نتحدث عن النظام العربي، وانما عن الشعوب العربية التي لطالما تعلقت بقلب العروبة النابض تعلقها بمشروع مواجهة النظام العالمي الجائر، ومجابهة النظام الصهيوني العنصري البغيض.» ودائما بحسب السيدين جلول وكليب في مقدمة الكتاب.

ويراهن الكتاب على دمشق التي يتقرر فيها مستقبل الحرب والسلام في الشرق الاوسط، ويتوقف عليها مستقبلنا جميعا. عندما يكون مصير المنطقة والعالم باسره معلق على هذه العاصمة المحورية يصبح السكوت عن خرابها جريمة.» هذا يعني ان الكتاب في احد وجوهه محاولة لكسر الصمت عما يجري في سوريا.

لكن ماذا عن الوجه الداخلي في الحرب السورية وهل يحضر في الكتاب ؟ ان نظرة عامة على النصوص تتيح القول ان الحرب ليست داخلية رغم المشاكل المطروحة بل هي « قضية موقع يراد له ان يكون منصة لاعادة رسم خرائط المنطقة وتحديد مصيرها للقرن القادم. الصمت في هذه اللحظة التاريخية هو مصادقة على جريمة لا تقل خطورة عن اخراج العرب من التاريخ بواسطة بعض العرب، تماما كما اخرجت الاندلس من التاريخ عبر عزل واسقاط كل عاصمة من عواصمها بسيوف اشقائها فكان ان اكل ملوك الطوائف واكلت بلدانهم ودرس وجودهم بايديهم».

في الختام الكتاب في نظر معديه هو شهادات وتحية فهو لا يدعي تسطير معجزة أو انعطافة. أما الشهادة فهي على ماضي حاضر ومصير مدينة، وهو في احد وجوهه ماضي وحاضر ومصير كل منا، وهذا ما سيلمسه القارىء في النصوص الشامية.

أحمد حسين كامل

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115