عياض ابن عاشور يقدّم في بيت الحكمة كتابه «تونس ثورة في بلاد الإسلام»

هل تستوجب مقولة الثورة التعريفات المتنوّعة أم هي واحدة وإن اختلفت أطرها التاريخية والجغرافية؟ ما الذي يبرّر التلازم بين الثورات والأزمات ذات العلاقة بالانقسامات والحروب الأهلية؟ كيف تجمع الثورة بين الآمال والأحلام من جهة والكوابيس من جهة ثانية؟ هل تسحب

الأزمات مشروعية الثورة؟ أين تتجلى أهمية السينوغرافيا في مستوى فهم طبيعة الثورة؟ كيف تتخطى الثورة عوائق الثورة المضادة؟
إجابة على تلك الأسئلة نظّم قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة» يوم الخميس 22 ديسمبر2016 لقاء مع الأكاديمي عياض ابن عاشور، الذي أثار تلك الإشكالات في كتابه «تونس ثورة في بلاد الإسلام»، الصادر باللّغة الفرنسية .

ذكّرت في البدء رئيسة القسم، الأستاذة منيرة شابوتو الرمادي بمسيرة المؤلّف الأكاديمية، وكتاباته القانونية والسياسية، من بينها كتاب اللّقاء الذي خصّصه المؤلّف لسينوغرافيا وطبيعة الثورة التونسية، تلك التي يعتبرها ذات مقوّمات استثنائية، حيث قال في هذا الصدد «ابتدعت تونس ثورة لم يشهد مثلها التاريخ سابقا»، فهي من وجهة نظره ليست إيديولوجية، ولا علاقة لها بما هو حزبي، كما هي مغايرة للثورة بالمعنى الحربي وعليه يرفض تشبيهها بكل الثورات السابقة التي أنجزتها الشعوب الأمريكية والسوفياتية والفرنسية والإسبانية، منطلقا من شعارات وأحداث الفترة الممتدة بين 17ديسمبر2010 و14 جانفي 2011، المرتبطة أساسا بمطالب الحريات الأساسية وقيم المواطنة، إنّها «ثورة الشعب من أجل الشعب» على حد عبارته .

ولم تحسن برأيه «كل الكتب التي كتبت حول الثورة قراءة الحدث» نتيجة لمحدودية «المعلومات أو لأخطاء في مستوى قراءة الحدث»، ومن الطبيعي أن تحتّم هذه الثورة وفقا لمقاربته ثورة مضادّة التي تتمثّل في مقولات الدولة العميقة والقراءات السطحية لأزمات وكوابيس وانقسامات أي ثورة ، فكل هذه الإشكالات غير قادرة على سحب مشروعية المنجز الثوري التونسي الذي توّج بانتقال ديمقراطي ودستور الجمهورية الثانية قطعا مع أحادية الحكم على خلاف الثورات العسكرية التي تستبدل حكما مستبدا بنمط شبيه، وقد دعّم موقفه في هذا المجال بنماذج مثل ثورة جمال عبد الناصر في مصر.

المنجز التونسي أسهمت فيه حسب المؤلّف آليات الإرادة السياسية ونخب فكرية ومكوّنات المجتمع المدني وتقاليد الحكم، فلم ينف عياض ابن عاشور في هذا المستوى أهمية كيان الدولة منذ التجربة البورقيبية على الرّغم من التحفّظات المتّصلة بالخيارات الديمقراطية . عموما تظل كل المقاربات حمّالة للتأويلات المحتّمة للتنسيب، كالإقرار بعدم إيديولوجية هذه الثورة أو تلك، لأنّ كل حركة احتجاجية أو تعبيرية أو مواقف، هي بالنهاية قناعات ومسافات نقدية تنشد بدائل للسائد، فجميع الذوات من الزاوية الأنتروبولوجية ذات خلفيات فكرية بالضرورة، كما ترتبط كل الأحداث بأنسقة عليا متداخلة تتراوح بين الماكروفيزيائي والميكروفيزيائي، وبين العفوي والاستراتيجيات التي تبدو غير مخطّط لها، لنستخلص مما تقدّم مكانة تنوّع المؤلّفات من أجل تعميق قراءة الحدث كي نقطع حقّا مع الوعي الأحادي وسلطة الوصاية المنتجة للقطيع .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115