الحجاب: مصدره وتاريخه لحسن أحمد جغام

لا أعتقد ان قضية من قضايا المسلمين نالت من الجدل والمعارك الادبية والسياسية والعقائدية ما نالته قضية (الحجاب والسفور) في حين ان هذه المسألة لم تكن ذات أهمية عند المسلمين قبل خلافة عمر بن الخطاب.. إذ منذ خلافته وإلى يومنا هذا، ظلت هذه المسألة تثير الفتنة تلو الاخرى

بين الرافضين للحجاب والمؤيدين له، وظل الأمر على هذا النحو حتى عصرنا هذا مما جعل الخلاف حول الحجاب يزداد تعقيدا رغم التحولات الكبرى التي غيرت مفاهيم البشرية وطورت حياة معظم الشعوب في مختلف المجالات...
والقضية اليوم كما كانت منذ عصور عند فقهاء المسلميسن من المسائل الدينية يفتون فيها ويجعلونها من شرائع الإسلام في حين أن فريقا آخر من المفكرين يرونها مسألة عادات وتقاليد وليست من الإسلام.
هكذا بدأ الأستاذ حسن أحمد جغام كتابه (الحجاب: مصدره وتاريخه)= وهو رحلة تاريخية من العصور الغابرة حتى عصرنا الحاضر والذي ضمنه على امتداد 215 صفحة من الحجم المتوسط أربعة أقسام وفي كل قسم مجموعة من الفصول بالإضافة إلى مجموعة من الصور والفهارس.

في كتابه هذا أشار المؤلف إلى أنه جرت العادة في معظم البلدان الإسلامية ان تكون النساء متحجبات والرجال يكشفون عن وجوههم ولكننا نجد عادة الحجاب قد جرت بخلاف ذلك عند اهالي الصحراء الكبرى في جنوب تونس والجزائر وغرب ليبيا بالخصوص عند قوم يعرفون بالطوارق فنجد المراة عندهم تكشف عن وجهها في حين أن الرجل يلف عمامة حول رأسه لا تترك سوى عينيه وطرف أنفه معرضة للهواء حتى أن البعض يعرّفهم باسم (رجال الحجاب) وهو ما يؤكد ان حجاب الرجال عند هؤلاء هو عادة وليس لغايات أخرى كادعاء البعض أنه من أجل الوقاية من الرمل الناعم لأنه لو كان كذلك لتحجبت المرأة أيضا.

وأضاف جغام أن قول الله تعالى (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) فيه تأكيد على وجوب الحجاب على نساء النبي فقط والمقصود هو عدم التبرج إذ لا تعني الآيات حبس نساء النبي في بيوتهن كما أن النبي لم يمنعهن من الخروج لقضاء حاجتهن وقد استند في ذلك حسن جغام إلى كثير من الوقائع التاريخية والأحاديث ولكن منذ عهد عمر بن الخطاب تغيرت المعطيات ذلك أن هذا الخليفة كان صاحب سلوك عنيف وطبع خشن حيث كان متشددا على الرعية وشديد القسوة على المرأة. وقد سعى حسن جغام في كتابه هذا إلى تبيان الأسباب التي جعلت قضية (الحجاب) تحظى باهتمام شديد في تاريخ المسلمين ساعيا إلى توثيق ذلك بالحجج حتى لا ينعت بالتحامل فالحجاب ليس ركنا قائما في الإسلام وإنما هو ظاهرة تفشت مع الخليفة عمر بن الخطاب واستفحلت فيما بعد حتى أن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله كان غاية في المغالاة إذ انه أصدر مرسوما يتضمن إقرار الحكم بالإعدام على أي إسكافي يصنع أحذية للنساء وذلك حتى يتعذر على المرأة أن تمشي حافية القدمين أمام العامة خاصة إذا كانت شابة تستحي ان تخرج من بيتها على هذه الصورة.

لا شك أن مواقف عمر بن الخطاب وأقواله في المرأة كان لها عظيم الأثر في ثقافة الفقهاء والحكّام من بعده الذين أضافوا من عندهم ما زاد في تحقير المرأة والاستهانة بها حتى أن بعض «العلماء» أي علماء الدين صرّح بعضهم بتكفير من قال بالسفور ورفع الحجاب وإطلاق حرية المرأة.

ولذلك قال الشيخ محمد الصالح بن مراد قولته الشهيرة (هذا على الحساب ومازلت لم أقرأ الكتاب) في كتابه الذي وضعه بعنوان (الحداد على امرأة الحداد) لما علم أن الطاهر الحداد نادى بحرية المرأة ووضع كتابا في هذا الإطار بعنوان (امرأتنا في الشريعة والمجتمع).
لقد تأكد لحسن أحمد جغام بعد العودة إلى كثير من المراجع والمواقف الفقهية أن الخليفة عمر بن الخطاب هو من كان وراء هذه البدعة بدعة الحجاب ليتشعب بعد ذلك الخلاف بين المسلمين لا فقط في وجوب الحجاب أو السفور وإنما أصبح الخلاف على من يجوز على الحرائر فقط أم على جميع النساء ثم ازداد بمرور الزمن وتراكم الجهل والتطرف تعقيدا في مفهومه وحتى في شكله وأحيانا حتى بين الفقهاء من المذهب الواحد لقد ارتكبت باسم الحجاب أضرار جسيمة في حق المرأة ولا تزال.

• عنوان الكتاب: الحجاب مصدره وتاريخه

• المؤلف: حسن أحمد جغام

• الناشر: دار المعارف للطباعة والنشر

• عدد الصفحات: 315 صفحة

• الثمن: 8 دنانير

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115