مدير المسرح البلدي الفنان زهير الرايس لـ«المغرب»: فضاء المسرح بشارع بورقيبة في حلّة جديدة في أواخر مارس 2017

هي «أم البدايات» وأولى «الخشبات» التي أسست لهوية المسرح التونسي منذ عقود مضت تمتد إلى ما قبل الاستقلال لهذا سميت بـ»أم الفرق المسرحية» ... واليوم، تعود فرقة مدينة تونس للمسرح بإنتاج جديد يحمل عنوان «كوشمار» من اقتباس وإخراج زهير الرايس

ويلعب أدوار هذه المسرحية كل من عمر زويتن وكوثر الباردي وريم الزريبي وزهير الرايس وجلال الدين السعدي. وسيتحضن مساء اليوم فضاء مسرح الحمراء بالعاصمة العرض الأول من مسرحية «كوشمار». وفي حديث لـ«المغرب» قدم المخرج ومدير المسرح البلدي زهير الرايس ملامح هذا العمل المسرحي الجديد، وشخّص واقع فرقة مدينة تونس للمسرح، وكشف عن موعد إعادة فتح أبواب المسرح البلدي وآجال الانتهاء من الأشغال ... فكان الحوار التالي:

• مساء اليوم، لجمهور الفن الرابع موعد مع العرض الأول لمسرحية «كوشمار» من اقتباسك وإخراجك فما الذي يمكن أن يقوله زهير الرايس عن هذه المسرحية الجديدة ؟
«كوشمار» هي مسرحية من نوع الكوميديا السوداء في اقتباس عن نص للكاتب الفرنسي»لابيش». ويتناول هذا العمل المسرحي قصة صديقين يلتقيان بعد فراق طال لسنوات عديدة فيجتمعان في سهرة احتفال بعودة الصداقة بعد انقطاع العلاقة، ليستفيقا في الغد وقد نسيا ما حدث في تلك الليلة ولم يكونا في حالة وعي ...ليجدا مفاجأة سيئة في انتظارهم ألا وهي التورط في جريمة قتل ...ليبدأ التحقيق في ما بينهما عن أسرار تلك الليلة وخيوط الجريمة بعيدا عن السلطات المختصة. وعلى ركح «كوشمار» يحضر في أسلوب ساخر النقد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي... لمظاهر وسلوكات نعايشها اليوم في المجتمع التونسي، الآن وهنا.

• لماذا هذا اللجوء إلى الاقتباس من نص أجنبي ، هل كان من الصعب الاستناد إلى نص محلي في عمل مسرحي تونسي ؟
إن الاقتباس بما هو إعادة كتابة هو كتابة ثانية أو جديدة للنص المسرحي. و»كوشمار» هي أول عمل مقتبس أقدمه لفرقة مدينة تونس للمسرح التي سبق أن أخرجت لفائدتها مسرحيتين من تأليفي وهما «حيلة وتشيطين» و»موزاييك». وإجمالا قمت بإخراج 9 مسرحيات اثنتان فقط منها هي اقتباس عن نصوص أجنبية، فعندما يأسرنا النص المسرحي حتى ولو كان من غير إنتاجنا لشيء ما فيه لا بأس أن نقدمه على خشبة ركحنا وفق رؤيتنا ومناخاتنا وهواجسنا ...

• وأنت مخرج «كوشمار» وممثل على ركحها... ما هي الإضافة التي ستقدمها هذه المسرحية لفرقة مدينة تونس للمسرح وللفن الرابع في تونس عموما ؟
قد تروي هذه المسرحية لدى الجمهور التعطش للمسرح الجادّ والحنين للفن الهادف في ظل طغيان موجة «الوان مان شو» وذلك في سياق ما اعتادت فرقة مدينة تونس على تقديمه من مسرح قائم الذات ومكتمل عناصر البنية المسرحية ...فهذه الفرقة المسرحية الحكومية التي لها تاريخ كبير لن ترضى لنفسها السقوط في منطق التجاري والربحي على حساب الفنّي.

• بين أمس «أم الفرق المسرحية» وحاضر فرقة مدينة تونس للمسرح، ما تعليقك على الرأي القائل بأن هذه الفرقة تشهد تراجعا على مستوى الميزانية، وطاقم الممثلين والإشعاع داخل حدود الوطن وخارجه... ؟
في الحقيقة مرت فرقة مدينة تونس للمسرح بفترات من المدّ والجزر في السنوات السابقة ، واليوم تتمتع الفرقة بموردين للدعم الأول عن طريق بلدية تونس والثاني يتأتى من وزارة الثقافة ولكن تبقى هذه الميزانية في حاجة لمزيد الدعم حتى تكون إنتاجات الفرقة دوما في مستوى يليق بتاريخها العريق.

أما على صعيد الموارد البشرية، فإن فرقة مدينة تونس للمسرح تشكو حقا من نقص فادح يجبرها على الاستنجاد بفنانين آخرين بعد أن تراجع عددها من حوالي 70 ممثلا في السنوات الأولى لتأسيسها ليصل إلى 5 ممثلين فقط حاليا !
وفي هذا السياق فإن المطلب الملح لفرقة مدينة تونس للمسرح هو تشبيب الفرقة خصوصا في ظل عدم تعويض فنانينها الذي غادروها بعد بلوغهم سن التقاعد حتى تواصل المشوار الذي نحتته منذ عقود في تقديم مسرح محترف ومحترم..
وبالنسبة لمدى إشعاع فرقة مدينة تونس يمكن القول إن هذا الانتشار موجود محليا وفي المقابل لا يزال محتشما خارج حدود الوطن بالرغم من أن مسرحية «الماريشال « كانت قد حققت نجاحا جماهيريا كبيرا في الخارج سنة 2005 . ولعل ما يعوز فرقة مدينة تونس هو شبكة توزيع للترويج والتسويق لانتاجات الفرقة، فما نلاحظه اليوم في المشهد المسرحي يدل على أنه يكفي التعويل على قوة التوزيع لتأمين جولة فنية من العروض المسرحية حتى ولو كان بعضها غير جيّد على المستويين الفنّي أو الجمالي ... ولعل من دور الإعلام المرئي على وجه الخصوص التعريف بالأعمال التونسية حتى تفتح بينها وبين جاليتنا بالخارج قنوات الاتصال والتواصل ...

• بصفتك مديرا للمسرح البلدي متى تنتهي أشغال الترميم والصيانة حتى يفتح هذا الفضاء أبوابه من جديد لاحتضان التظاهرات الفنيّة في زمن تختنق فيه المساحات الثقافية بروّادها؟
فعلا خلّف الغلق الوقتي للمسرح البلدي شيئا من الأزمة في الوسط الثقافي باعتباره الفضاء الأنسب والأفضل والأكبر لاحتضان المناسبات الفنية والتظاهرات الكبرى على غرار أيّام قرطاج المسرحية والسينمائية ... ولكن كان لابد من التدخل وإعادة تهيئة مبنى المسرح البلدي على أسس سليمة وقد تداعت جوانب منه للسقوط ! ولم تكن العملية مجرد ترميم بسيط أو إصلاح طفيف بل خضع الفضاء إلى تجديد عميق انطلاقا من القبو وصولا إلى السطح وكأنّ بنا نكتب له عمرا جديدا لن يطاله الوهن طيلة 50 سنة أخرى على الأقل .

وسيكتشف الجمهور بنفسه الحلة الباهرة والشكل الجديد للمسرح البلدي عند إعادة فتح أبوابه للعموم أواخر شهر مارس 2017.

• أيام قرطاج المسرحية على الأبواب، ماذا تعني هذه تظاهرة للمسرحي زهير الرايس؟
بالطبع تبقى أيام قرطاج المسرحية تظاهرة مهمة في أجندا الحياة الثقافية في تونس، ولكن يزعجني كثيرا التراجع الذي لحق هذه المناسبة العريقة في السنوات الأخيرة ! شخصيا، واكبت المهرجان منذ تأسيسه في عهد المسرحي القدير منصف السويسي إلى دورة العام الفارط فلاحظت تقهقرا كبيرا على مستوى البرمجة والتنظيم والأهداف وكأن المهرجان لم يعد في خدمة صورة تونس !
من جهة أخرى من غير المقبول تقليص عدد العروض التونسية في مهرجان تونسي وإلا فما الداعي إلى تنظيم المهرجان في تونس؟ كما يحز في نفسي كثيرا انتقاء العروض وفقا لعقلية الصداقات والمجاملات لأن هذا المنطق في التعامل ليس حرفيا ولا فنيا ولا إنسانيا ...

فرقة مدينة تونس للمسرح ... «أم الفرق المسرحية»
قبل الاستقلال ومنذ سنة 1953 تأسست فرقة مدينة تونس للمسرح ليتداول على إداراتها أعلام المسرح التونسي على غرار حمادي الجزيري وعلي بن عياد ...وحاليا تدير السيدة منى نور الدين فرقة مدينة تونس للمسرح .
من أهمّ إنتاجات الفرقة الأعمال المسرحية التالية:تاجر البندقيّة، يوليوس قيصر، صقر قريش، عبد الرحمان الناصر، الأيدي القذرة، أوديب الملك، أنطيقون، مجنون ليلى، الكاهنة، أهل الكهف، زيادة الله الأغلبي، المعزّ لدين الله الصنهاجي، ولادة وابن زيدون، عطيل، هملت، كاليقولا، مدرسة النساء، البخيل، فلامينيو، الماريشال، عهد البراق، مراد الثالث، أقفاص وسجون، ثورة صاحب الحمار، الحلاج، لعبة كارا كوز، ثمانية نساء، مذكرات مجنون، أحلام قرطاج، ثروة 1864، حبك درباني، عطشان يا صبايا، الماريشال ، الليل زاهي، موزاييك...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115