وغيرها فهو شاعر يساري التوجه إنتاجه غزير ومتنوع فقد كتب النقد والمسرح والشعر وظل في جل قصائده لا يعبر إلا عن شيء واحد بصور مختلفة وهو الحلم بالوطن الممتد... بالأمة ... بالعروبة ... بالقضايا الإنسانية الكبرى ولقد حافظ المولدي فروج على توجهاته الفكرية ومواقفه والتزامه ولكن مواقفه كانت تختلف من ديوان إلى آخر بأساليب متنوعة ومغايرة».
ويعدّ هذا الشاعر من الرافضين لقصيدة النثر وهو يعتبر أن بعض الشعراء قد خلطوا بين الشعر الحر والشعر العمودي كما خلطوا بينهما وبين قصيدة النثر أما هو فمن أنصار الشعر الحر والحركة التجديدية عموما هذه الحركة التي تفرض عدة تساؤلات قد غدت تطرح نفسها أمام الواقع الفني الجديد للشعر العربي الحديث والمعاصر ومن أهمها الشكل الفني ومرجعيته وتعددية وسيرورة تطوره. هذه الأسئلة التي اعتمدها الباحث المهدي عثمان في معالجته للنص الشعري الذي كتبه المولدي فروج في مدونته المهمة والمتكونة لحد الآن من ثمانية عناوين والمتتبع لأعمال الشاعر هذه يلاحظ دون شك الفارق الفني بين قصائد دواوينه الأولى بالجرح على الجبين العربي، كأن العالم أعرج، وطن في قلبه وامرأة، زلة لسان ودواوينه المتأخرة: «مرارة السكر، دعي الكلام لي، سعف الكلام» وهو ما يدل على أن القصيدة عنده لم تتخذ قالبا ثابتا لها وإنما سارت على نهج يتطور باستمرار مرورا بمراحل عدة. يقول المولدي فرّوج في هذا الإطار «أعرف أن قصائدي تمضي إلى مسالك وعرة وصخرية ورملية... وكان يكفي ذلك لأن أتركها ترسم على الأرض هموم من عليها».
أما المهدي عثمان فيذكر أن هذا الشاعر لم يعوّل كثيرا على التراث ولا على الأسطورة إلا في بعض المواضع وفي ديوانه (في انتظار عاصفة أخرى) ولقد وظف الرمز عوض الإشارة المباشرة إلى الفكر الديني مثلا لأنه كان حريصا على مصادرة الأفكار البالية والرجعية التي عادت على مجتمعاتنا العربية بالوبال وهو في حقيقة الأمر من الشعراء المقلين في توظيف هذا التراث الديني (مقارنة بالتراث التاريخي أو الاجتماعي) وذلك حتى لا يقلل من إشعاع أفكاره العلمية وتوهجها ذلك أنها تعول على الحقائق المادية والعلمية الدامغة.
ففي شعره سعى المولدي فرّوج إلى التجديد لا بالاعتماد على الشكل فقط وإنما بالاعتماد أيضا على الصورة والموسيقى لأن القصيدة عنده مقابل موضوعي للحب والثورة والرفض ومحاربة الطغيان والسلطة المختلفة والمتعددة.
لقد كانت الأغراض في شعر المولدي فرّوج مغايرة للأغراض الكلاسيكية كما أنه وهو يطرز أردية صوره الشعرية كان يوظف لعبة الضمائر ويشكل صورا متجددة متعددة فجاءت نصوصه أقرب إلى الأمواج العاتية المتلاطمة في دنيا الشعر.