مدير أيام قرطاج المسرحية الأسعد الجموسي لـ«المغرب»: أيام قرطاج المسرحية ليست « وليمة» بل منصة ومسؤولية لتقديم الأجمل والأرقى...

منذ عام 1983 فرض مهرجان أيام قرطاج المسرحية نفسه في المشهد المسرحي العربي والإفريقي وقدّم أهم التجارب الطليعية في المسرح، مشرقا ومغربا. وعلى ركحه لعبت أهم المسارح وعلى خشبته صال وجال كبار المسرحيين...ومن عام إلى آخر، ينتظر أهل المسرح وعشاق

الفن الرابع عرسهم السنوي من أجل الأمتاع والمؤانسة في رحاب أب الفنون. وعن جديد الدورة 18 من المهرجان والحضور التونسي في الأيام ونصيب الجهات والشباب ... تحدث مدير الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية في حوار لـ«المغرب» بما يلي:

• كيف هو نسق الاستعدادات للدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية، وهل من جديد هذه السنة في هذا المهرجان المسرحي العريق؟
لعلّ الفلسفة العامة للدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية تتمثل في دعم الانفتاح على المسرح الإفريقي إذ أن السؤال الأساسي هنا هو كيف يمكن تنويع مسالك التوزيع المسرحي الإفريقي الإفريقي، الإفريقي العربي، الجنوب شمال ... وهذا الانفتاح على المسرح الإفريقي سيكون في إطار ما يتوفر من مؤسسات تشتغل على هذه المحاور الثقافية خصوصا في أوروبا وعلى ما يتوفر أيضا من إمكانات لإقناع المنظمات الدولية بالمساهمة في تمويل مسالك التوزيع المسرحي ...وفي هذا الصدد استدعينا ما لا يقل عن 150 فاعلا في هذا المجال وقد استجابت الأغلبية لهذه الدعوة. وهذا الحضور المهمّ للمروّجين والمختصين في تسويق الأعمال المسرحية سيكون في إطار سعينا إلى فتح واجهات وآفاق جديدة أمام المسرح التونسي. وفي هذا السياق، وجــــدنا أن بعض العروض الجديــدة والتي لم تصل إلينا في الآجال تستحق بأن تقدم على الركح فقررنا بالتالي تقديم مقتطفات منها للمبرمجين الدوليين في إطار ما يسمى بـ « الواجهة الكاشفة» للاستحداثات الجديدة في المسرح التونسي. وفي الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية سيكون هنالك يوم للمسرح ويوم للرقص والمسرح أي الفرجة التي تمزج بين هذين الفنيّن، بما في ذلك إبداعات الشباب ومشاريع تخرج طلبة المسرح قصد العرض أمام هذا الجمهور المختص عسى الفوز بالدعم أو الاهتداء إلى مسلك توزيع دولي حيث ستسجل مؤسسات من مختلف أنحاء العالم حضورها في المهرجان من أجل تأكيد هذا البعد الاستراتيجي لأيام قرطاج المسرحية كمنّصة ذات خصوصية في إبراز معالم المسرح العربي والإفريقي.

• هنالك أيضا احتفاء بالمسرحي العالمي «شكسبير» أو بالمسرح الشكسبيري، كيف سينعكس هذا التوّجه على البرمجة والعروض والضيوف... ؟
احتفاء الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية بشكسبير سيكون من خلال انتقاء عدد من العروض التونسية والعربية والإفريقية والدولية المتأثرة بالمسرح الشكسبيري، وفي هذا الإطار ستكون مسرحية «روميو وجوليات» من إخراج المسرحي الشاب غازي الزغباني وفي انتاج مشترك مع أيام قرطاج المسرحية في اختتام الدورة 18 من المهرجان. كما ستقام ندوة دولية بعنوان «شكسبير بلا حدود» إضافة إلى تخصيص مجال لتقديم بعض الأعمال المسرحية الشكسبيرية التي انتقلت للسينما... وعموما سيتم تسليط الأضواء على إبداعات مسرحية لشخصية توفيت منذ 400 سنة كاملة لكنها قدمت نصوصا خالدة ومسرحا صالحا للبشرية جمعاء.

• قمتم بعدد من الرحلات، كان آخرها مواكبة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، هل من ثمار لهذه التنقلات خارج حدود الوطن ؟
فعلا ، حصدنا العديد من الثمار جراء هذه الرحلات ، وبالنسبة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي كانت مساهمتنا هامة في ندوة كبرى حول «التشبيك» أي ربط شبكات العلاقات بين الدول العربية وضبط توزيع زمني لهذه المهرجانات كي لا تتزامن مع بعضها البعض. كما واكبنا العديد من العروض وساهمنا في إبراز معالم المسرح التونسي عبر العديد من اللقاءات الصحفية والتلفزيونية خصوصا وأن مسرحيتي «الصابرات» و»برج الوصيف» مثلتا تونس في هذا المهرجان...وأيضا قمنا بجلسة ممتازة مع وزير الثقافة المصري حول استشراف إمكانات التبادل المسرحي بين البلدين على هامش المهرجانات المسرحية وأثناء الموسم الثقافي عموما.وهنالك تصوّر لإنتاج عمل مسرحي مشترك بين تونس ومصر لافتتاح مهرجان القاهرة وأيام قرطاج المسرحية في السنة المقبلة.

• هل ستواصلون في دورة هذا العام الانفتاح على الجهات من خلال تنظيم افتتاح مسبق لأيام قرطاج المسرحية خارج العاصمة ؟
أعتقد أن الافتتاح المسبق للأيام في الجهات هو بادرة محمودة وستتواصل بالزخم نفسه لأنها كانت مناسبة هامة في الدورة الفارطة لتقديم انتاجات مسرحية محترمة قام بالمساهمة في تمويلها وإنتاجها وتصوّرها مهرجان أيام قرطاج المسرحية. واعتبرنا ذلك منعرجا جديدا وهاما في دعم وتشجيع الطاقات الإبداعية للمسرحيين التونسيين. وفي دورة هذا العام سيكون الافتتاح المسبق للأيام في صفاقس باعتبارها عاصمة الثقافة العربية من خلال تقديم عرض «رادو» ليكون بدوه فاتحة لانطلاق مهرجان مواز نقيمه بالاشتراك مع هيئة صفاقس عاصمة الثقافة العربية وهو مهرجان المسرح العربي بصفاقس الذي سينتظم من 12 إلى 26 نوفمبر المقبل مما سيتيح فرصة عرض أهم المسرحيات العربية المبرمجة في مهرجان أيام قرطاج المسرحية. وفي هذا الإطار ستعقد ندوة هامة عنوانها «عناصر التجديد في المسرح العربي: تحديات الراهن ورهانات المستقبل».

ومسرحية «رادو» وضع صياغتها الأولى الراحل عز الدين قنّون وهذا العرض سيكون عرضا عربيا وإفريقيا من تمثيل طلبة «قنّون» وفي إخراج مشترك بين تلميذي المخرج الراحل سيرين قنون والمخرج اللبناني الكندي مجدي أبو مطر. وأعتقد أن هذا العمل الممتاز والمتميّز بنصه وبفكرته وبالتقاء ممثلين عرب وأفارقة على ركحه سيكون من الأعمال المسرحية الواعدة.

• هل صحيح أن الحضور التونسي في الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية سيكون باهتا وضعيفا مما دفع ببعض المسرحيين للاحتجاج بسبب برمجة حوالي 6 عروض تونسية فقط حسب قولهم ؟
إن كنت أترفع عن سؤال مدّعي هذه الأخبار الزائفة عن مصادرهم أو دوافعهم في التسويق لمعلومة خاطئة حول عدد العروض المسرحية في أيام قرطاج المسرحية فإني أؤكد أن هذا الخبر زائف تماما فهنالك على الأقلّ ثلاثة أضعاف العدد الذي ذكروه من الأعمال التونسية في الأيام ونحن نتحمل مسؤوليتنا كاملة في برمجة عروض مشرفة لتونس مهما كان العدد قليلا فالمسألة ليست مسألة كمّ ومن واجبي أن لا تعرض أمام الجمهور والمروّجين وضيوف المهرجان من كافة دول العالم مسرحيات ضعيفة أو متوسطة أو أعمال لا تتضمن تجديدا على مستوى البنية أو الكتابة الركحية ولا تتضمن سمات مميزة أو إضافة واضحة ! ومن حسن الحظ أن المسرح التونسي ولاّد إذ تلقينا ما لا يقلّ عن 49 ملفا وتم درس هذه الملفات بشكل مستقل عن إدارة المهرجان وفي تقييم موضوعي ومحايد بعيدا عن حسابات الأصدقاء والخصوم كما يروّجون... وشخصيا لم أحضر ولو جلسة واحدة من لقاءات لجنة انتقاء وهذا موثق في محاضر جلسات ومن حق صاحب أي عمل مرفوض أن يطلب توضيحا حول أسباب رفض ملفه. وكل ما أكيل لي من اتهامات لا أساس له من الصحة فنحن كنا من أوّل من طالب بالنقد حيث عقدنا بتاريخ 17 ماي 2016 بقصر النجمة الزهراء جلسة استماع مع المهنيين والمسرحيين والمبرمجين وبعثنا بتقرير مفصل عن هذا اللقاء إلى وزارة الثقافة عساها تستجيب لتطلعات المسرحيين المهنية والمالية والاجتماعية...

• ماردك على من يشككون بشكل أو بآخر في جدارتك بتسيير مهرجان بقيمة أيام قرطاج المسرحية ؟
الفنان حساس بطبعه وأنا اتفهم هذا الأمر لكن الأنا المتضخمة لدى بعض الفنانين لا يمكن أن تصل بهم إلى حد المس من كرامة الآخرين والتشكيك في مدى قدرتهم وتمكنّهم الأكاديمي والمهني ...أنا مارست المسرح منذ بداية السبعينات مع الراحل جميل الجودي وتواصلت الرحلة مع الفن الرابع تدريسا وكتابة وتمثيلا وقدمت مسرحياتي في أهم مسارح العالم والقادم أكبر. ولاشك أن استقراء النوايا أو بناء المواقف على مغالطات وأرقام خاطئة هو أمر مرفوض بالنسبة لي وأنا من موقعي لا أقبل بمنطق الإقصاء لأي كان لأني عانيت منه طوال سنين الجمر «النوفمبرية» . وأتشرف أن أكون مناضلا ثقافيا وحقوقيا كي أشتغل بكل جهد وحب من أجل الارتقاء بالمهرجان المهم والهام الذي اسمه مهرجان أيام قرطاج المسرحية.

• تتباين الآراء حول تجربة «السوق المسرح»، البعض يمدحها والبعض الآخر يصفها بالكذبة الكبرى، ما تعليقك ؟
هذه القولة مردودة على أصحابها لأننا من جهتنا نملك الدليل القاطع على نجاح هذه التجربة من ذلك أن مسرحيات تونسية على غرار «قلاز» لحبيبة الجندوبي لقت رواجا بفضل سوق المسرح، ومسرحية «كاوو» مبرمجة في ألمانيا بفضل سوق المسرح، و مسرحية «ما عم اتذكر» مبرمجة في أكثر من مهرجان عالمي... وهذه بعض الشواهد العاجلة والدالة على أن سوق المسرح لم تكن كما يدعون كذبة كبرى وإنما هي تجربة نعترف أنها كانت في جوانب منها في حاجة إلى مزيد من التحسين والتطوير الذي حاولنا إعادة ضبطه بشكل منهجي من أجل أن تكون أيام قرطاج بوابة لسوق المسرح من خلال فتح قنوات الاتصال مباشرة مع مختلف الشخصيات والمهرجانات...

• أي نصيب للطاقات الشابة والإبداعات الصاعدة على ركح مهرجان أيام قرطاج المسرحية؟
لا أعتقد أن أي دورة من الدورات التي سبقت الدورة 17 والدورة 18 التي ستنتظم قريبا اعتنت بالشباب سواء على مستوى الإبداع أو الفرجة مثلما اعتنينا به، حيث سجلنا متابعة الأعمال المسرحية من 74 ألفا من الأطفال واليافعين و30 ألفا من الطلبة ونعول على مواكبة أكثر من 150 ألفا من جمهور الأطفال والشباب لفعاليات الدورة القادمة من المهرجان من خلال أيام قرطاج المسرحية في كل معتمدية...أما على مستوى حضور مسرح الشباب في المهرجان فقد كان اختتام الدورة 17 من الأيام بإمضاء مسرحية «تونس» للمخرج التونسي الشاب أحمد أمين بن سعد كذلك سيتواصل الاهتمام بالشباب في هذه الدورة فقد الاتفاق مع مؤسسة بلجيكية لتقديم جائزة مالية لأفضل عرض شاب واعد في المسرح التونسي إضافة إلى الدعم الخاص الذي ستقدمه الأيام لعرض «روميو وجوليات» للمخرج الشاب غازي الزغباني فتمرير المشعل إلى الشباب هو الهدف الأساسي والجوهري في إستراتيجية أيام قرطاج المسرحية.

• في السنة الفارطة، قدمتكم «إعلان قرطاج لحماية المبدعين المعرضين للخطر» إلى أين وصلت هذه المبادرة؟
المبادرة مازلت متواصلة ونحن بصدد حشد الدعم لجمع أكبر عدد من المساندين لهذا الإعلان ، وفي السياق ذاته ستقام يوم 15 أكتوبر تظاهرة خاصة بهذا الموضوع بباريس. كما قمنا في هذا الصدد بإجراء لقاء هام مع السيدة كريمة بنون المقررة الخاصة للحقوق الثقافية بالمندوبية العليا لحقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة وقد تبنت الدفاع عن هذا المشروع ... كما نستعد لاجتماع هام في تونس من منظمة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني التونسي في شهر ديسمبر على الأغلب من أجل الدفع بهذا المشروع إلى الأمام ...

• أخيرا صرّح مؤسس أيام قرطاج المسرحية الفنان منصف السويسي بأنك « لا تدعوه للمشاركة لأنك تشعر بالحرج تجاهه ...» ما تعليقك؟
في نطاق أيام قرطاج المسرحية لا يمكن إلا أن تجمعنا علاقة موّدة مع مؤسس أيام قرطاج المسرحية والفنان الكبير المنصف السويسي! وإنّ مكانة هذا الفنان القدير وكل الفنانين الذين ساهموا في إشعاع أيام قرطاج المسرحية محفوظة... وإن كان باستطاعة سحابة عابرة أن تعكر صفو الأجواء فإننا أمام هؤلاء المبدعين الكبار لا يمكننا إلا أن نكون في موقع الإصغاء والتفاعل الايجابي والاعتراف بالجميل... فتحيّة من الأعماق لصديقنا منصف السويسي.

• في خاتمة اللقاء، بماذا يعدّ مدير المهرجان الأسعد الجموسي جمهور مهرجان أيام قرطاج المسرحية؟
الجهد ثم الجهد ثم الجهد الذي لن ندخره أبدا - بالرغم من تواضع الإمكانات- من أجل تقديم الأرقى والأفضل والأجمل ...

من هم أعضاء لجنة انتقاء العروض التونسية؟
لم يرفض مدير أيام قرطاج المسرحية الأسعد الجموسي الإفصاح عن هوية أعضاء لجنة انتقاء العروض التونسية التي ستسجل حضورها في الدورة 18 من الأيام . ويمثل هذه اللجنة 9 أعضاء وهم : محمد مؤمن - فوزية المزي- حسن المؤذن- فاطمة بن سعيدان - لطفي ونيس- آمال فرجي- رمزي عزيز- وليد بن عبد السلام - سيماء المزوغي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115