ومن بينها ندوة ثانية لشبكة «فايقين لبيئتنا» التي اقيمت مساء الجمعة بمشاركة عربية لخبراء من سبعة اقطار تباحثوا حول ميزات المشهد البيئي وافاق التطوير والتغيير والاندراج في سياقات الانتقال البيئي..كما انتظمت ندوة افتراضية حول مشكلات المناخ والعمل البيئي أقامتها منظمة هنريش بول..
وفي ظل غياب لزوميات ومنجزات رسمية تقليدية كما عرفت البلاد ذلك قبل الثورة..واستمرار احتمال تقرير وضع البيئة..تنوعت تحركات المجتمع المدني وتلاوات من لفت الانتباه للمخاطر وبينها أوجه المضرة البيئية المستمرة في بؤر التلوث..ولفت الانتباه لكارثة قطع الأشجار وجرائم بيئية يقترفها البعض في واضحة النهار..
تستمر المحنة والمعاناة.. وتتواصل معضلة الحال البيئي القاتم بفعل مراكمات من بينها ما نجم عن عدم استقرار الادارات والحكومات وهيكلة البيئة خلال فترة ما بعد 2011.
يجوز طرح السؤال.. بدل الاحتفال متى التعاون لبدء الأشغال.. لتفادي حال السلبية والمبالغة المواطنين تجاه بيئتهم؟ وحتى يكون لشعار الرجوع للطبيعة معنى ومحتوى ودلالة؟
الوجه المضيء يغالب التحدي..وقبل سنوات تم إقرار دستور البيئة وبعثت هيئة دستورية لحقوق الأجيال في البيئة والتنمية المستدامة.. كما وضع مئات الخبراء والإطارات والناشطين رؤية ومشروعا للتنمية المستدامة قاده الخبير منير مجدوب وافرز سنة2014 وثيقة مهمة عن اسس التنمية المستدامة وسائل المعنيين وتنتظر ببساطة التفعيل..
النقلة النوعية المنشودة مرتهنة بوجود شريك فعلي للمعنيين وخاصة الجمعيات والخبراء كما تنتظر خطوات جدية لضمان توفير شرطي الرؤية والالتزام الجمعي لتحقيق المأمول وتجاوز الوضع الصعب منذ الثورة.
ما اشبه الليلة بالبارحة..ولئن..أحيت بلادنا قبل يومين اليوم الوطني والعالمي للبيئة وقد مرت ثلاثون سنة على اول تظاهرة احتفالية بالمناسبة في جوان1990وانتظمت ببادرة من الوكالة الوطنية لحماية اىمحيط بدعم من الامم المتحدة وبثت على التلفزة الوطنية مباشرة في انتاج واخراج للمنصف بسباس تحت شعار الطفل ومحيطه..
قبل سنين رفع شعار..شجرة شجرة ترجع تونس خضراء ضمن مبادرة مواطنية وجمعياتية أثمرت بعث شبكة «فايقين لبيئتنا».
ومؤخرا توالت مبادرات تدعو لتعهد المساحات الخضراء وتعهد المناطق المشجرة وغرس ثقافة احتضان النباتات في مختلف الجهات والأوساط.
مبادرة انطلقت قبل سنوات واتجهت «لتخضير تونس» وتوسيع دائرة الاخضرار ما أمكن في نقاط كانت بالأمس القريب مناطق مهملة، ونقاطا سوداء وأرضا يبابا.
انطلقت المبادرة ومكنت من غراسة مئات الشجرات في ثلاثة مناطق بينها أوساط مدرسية وجامعية من الشمال إلى الجنوب، وتعززت همة فريق المبادرة إلى توثيق المشروع وتقييم المرحلة المنجزة والترشح لجائزة عالمية تسند في اليابان لثلاث مبادرات في سياق التربية على التنمية المستدامة.
تونس كانت بالأمس خضراء ولونها اليوم، وفق الصور الفضائية بين صفرة واحمرار..
وهي تستدعي فعلا جماعيا عاجلا ومكثفا موصولا لتغيير الاتجاه نحو ضياع الثروات من أديم وتربة وغيرها بفعل الانجراف والتصحر بأشكاله..
لا يمكن أن تقتصر المبادرات في هذا الصدد على حملات تشجير ظرفية وتدخلات لإطارات الفلاحة بمساهمة نشيطة لمصالح الغابات بمندوبيات الفلاحة بمناسبة عيد الشجرة في شهر نوفمبر من كل سنة..
القضية حيوية ومصيرية، تتعلق بعملية اقتلاع مستمر وممنهج لأبرز دروع الصحة وعوامل البقاء والحياة.. وهو تحد خطير بطله الإنسان ، في المدن وخارجها..
مقاولون يرسمون مشاريع دون أي مراعاة لمتطلبات التوازن البيئي..
مخططو أحياء لا يعون كثيرا دواعي الالتزام بحد أدنى للمساحات الخضراء في أمثلتهم الهندسية..
ولجان بلدية في انتظار تعهد صارم بضرورات وقف نهائي لنزيف الأراضي الخضراء في غياب أمثلة تهيئة عمرانية بكامل المناطق الحضرية والبلدية تأخذ في الاعتبار نسبة مهمة للأشجار والحدائق والخضرة.
وخبراء مختصون في الجمالية والمشهدية والتصميم والمدن الذكية..
ومخابر وطلبة ومبتكرون..
في العالم شجروا السطوح وأزهروا الشرفات وعمروا الطوابق والواجهات وأعدوا مبادرات خيالية تليق بمجتمعات تتحدى الظوف والإكراهات الطبيعية والموضوعية..
لديهم إرادات جماعية، وضمائر وهمم وعزائم وقدرات كامنة لم يبخلوا في تثمينها وتثميرها فأنتجت مدائن مشعة بالخضرة وأحياء صديقة للبيئة
موازاة مع شبح التلاشي والضياع، تولدت منذ عشر سنوات، تجربة نموذجية فريدة في قرية بيئية متميزة، وبادرة واعدة أخرى يقودها المجمع التنموي الفلاحي بسيدي عمر ، تستصلح أراضي متدهورة وتحمي مخزونا ترابيا على وشك الضياع ببرج الطويل على تخوم ولاية أريانة..
لا ينشر الجمال، من لم تكن في قلبه حديقة مزهرة..
في محيط حديقة الميموزا للمنصف بسباس حركة تبادل وتفاعل دورية هادفة لنشر ثقافة التشجير وتهيئة الحدائق ..
لدى الكثير من نوادي الطلبة وجمعيات محلية مبادرات مماثلة لو تلتفت لها الهياكل والمؤسسات وتعززها مساهمة المواطنين الحالمين المهتمين بالشأن العام وبصياغة مستقبل البلد.. الأخضر..