تظهر تدهور المنظومات الفلاحية وفشل حوكمتها: أسعار المواد الغذائية الفلاحية تسجل أعلى نسبة إرتفاع بين مختلف المواد بنحو17 %

تستمر محركات القطاع الفلاحي في الانطفاء لتنعكس سلبا على المستهلكين وتفرض على الفلاحين تغيير نشاطهم ،ففي ظل التعاطي الحكومي الضعيف

الذي إستمر لسنوات طويلة تتآكل منظومات الإنتاج الفلاحي واحدة تلو الأخرى ،فقد طالت منظومات الإنتاج الحيواني والنباتي وقد إنعكس التدهور المسجل بوضوح على نسق الأسعارعلى مستوى الاستهلاك ،حيث سجلت أسعار المواد الغذائية الفلاحية إرتفاعا بنحو 17 % بحساب الانزلاق السنوي و هو أعلى نسبة مسجلة مقارنة بالمواد الغذائية المحولة او المواد غير الغذائية أو مجموعة الخدمات.

وقد تغذى المنحى التصاعدي لنسب التضخم من إرتفاع أسعار المواد الفلاحية الغذائية التي تطورت بشكل صاروخي وهي من أعلى مستوى مسجل مقارنة بباقي المجموعات ،حيث تظهر نشرية المعهد الوطني للإحصاء ارتفاعا في نسبة التضخم إلى 9.2% خلال شهر أكتوبر المنقضي .
تبين نشرية المعهد الوطني للإحصاء بشكل واضح تبعات المصاعب والإشكالات التي تكبل منظومات الإنتاج الفلاحي مما إنعكس على غلاء الأسعار،حيث صعدت أسعار المواد الغذائية بنسبة 12.9 % وهي زيادة ناجمة بالأساس عن إرتفاع أسعار المواد الفلاحية الغذائية بنسبة 16.7 % وبدرجة أضعف المواد الغذائية المحولة بنسبة 8.8 %.

ويعود إرتفاع أسعار المواد الغذائية الفلاحية إلى عدة أسباب من بينها غلاء مدخلات الإنتاج والبيع بسعر دون تكلفة الإنتاج وفي بعض المنظومات الأخرى تكون العوامل المناخية فاعلا أساسيا في تراجع أداء منظومات الإنتاج الفلاحي ،فقد تطورت أسعار البيض باحتساب الانزلاق السنوي بنسبة 33,3 % وأسعار لحم الضأن بنسبة 21,1 % وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 20,8 % وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 18,5% وأسعار لحم البقر بنسبة 15,1 % وأسعار الدواجن بنسبة 15 % .
وتعكس هذه الزيادات فشل الحوكمة في المنظومات الفلاحية وتأخر الانطلاق الإصلاحات الفعلية التي من شانها أن تحافظ على المنظومات الفلاحية و تقلص من التبعية إلى التوريد و تباعا في الفجوة الغذائية التي باتت على أشدها و تجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن أخر دراسة لصندوق النقد العربي بعنوان «الأمن الغذائي العربي: التداعيات الاقتصادية ودور السياسات الكلية « قد أظهرت وجود علاقة عكسیة ذات دلالة إحصائیة بین أسعار الغذاء ومؤشر إنتاج الغذاء، حیث إن ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء بنقطة مئویة واحدة یؤدي إلى انخفاض مؤشر إنتاج الغذاء بحوالي 0.06 نقطة مئویة، وبالتالي تراجع مستوى الأمن الغذائي.

وتقول الدراسة أن هذا الأمر ينطبق بدرجة كبیرة على تلك الدول التي تعتمد على الأسواق الخارجیة في استیرادها للمواد الغذائیة والمحاصیل، أو تلك التي تتعرض لصدمات خارجیة ترفع من أسعار المحاصیل الزراعیة وبالتالي زیادة أسعار الغذاء وقد أوصى صندوق النقد في هذا الاتجاه بضرورة تبني سیاسات اقتصادیة من شانها تخفیض أسعار السلع الضروریة وذلك من خلال تنمیة القطاع الزراعي وتشجیع الإنتاج المحلي، ومراقبته أسعار السلع الضروریة، ومكافحة التهریب والاحتكار، وتعزیز دور شبكات الأمان الاجتماعي.

یعتبر الأمن الغذائي من التحدیات الرئیسة التي تواجه الدول العربية ومن بينها تونس فعلى الرغم من توفر الموارد الطبیعیة والبشریة، فإن القطاع الزراعي في الوطن العربي لم یحقق الزیادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذیة، واتسعت الفجوة الغذائیة وأصبحت الدول العربیة تستورد حوالي نصف احتیاجاتها من السلع الغذائیة ، التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائیة الرئیسية في أعقاب الأزمة الغذائیة العالمیة في عام 2008 .

وقد وصلت قيمة الفجوة الغذائية في الدول العربية إلى 42 مليار دولار تتوزع اساسا على الحبوب الغذائیة حوالي 20.8ملیار دولار أمریكي وهي الأعلى من بین السلع الغذائیة الأخرى، بینما بلغ العجز في اللحوم حوالي 8 ملیار دولار. من ناحیة أخرى تواجه الدول العربية عجز كلي في البقولیات بقیمة 1.1 ملیار دولار، وفى السكر بقیمة 3.2 ملیار دولار، وفى الزیوت والألبان بقیمة 3.6 و3،5 ملیار دولار أمريكي.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115