في قادم السنوات واستخلاص الدروس من الأزمة، وقد بدأت عديد الدول في اتباع سياسات تقليص وارداتها بدعم إنتاجها المحلي.
كان الوصول إلى الغذاء خلال الأزمة الصحية ابرز اهتمامات الدول وكان التسابق إلى توفير شحنات تغطي استهلاكها لفترة غير معلوم تاريخ انتهائها هو الشغل الشاغل لها وقامت تونس في تلكم الفترة أيضا بطرح مناقصات لشراء كميات من القمح لدعم مخزونها في فترة اتسمت بعدم الوضوح ، وعلى الرغم مما أظهرته الأزمة من أهمية الإنتاج المحلي واصلت فاتورة توريد الحبوب ارتفاعها بدعم من ارتفاع الأسعار في السوق العالمية وضعف الإنتاج الوطني،فقد أظهرت المعطيات الرسمية صعودا في قيمة واردات الحبوب إلى أكثر من 3 مليار دينار خلال السنة المنقضية ،مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 26 % بين سنتي 2020و2021.
وتقدر نسبة التبعية إلى التوريد بـ 61 وتحتل تونس المرتبة 51 من بين 113 بلدا ضمن مؤشر الأمن الغذائي خلال سنة 2018، والمرتبة 40 حسب تصنيف وفرة الغذاء والمرتبة 62 في الوصول إلى الغذاء تأثرا بارتفاع الأسعار، والمركز 83 حسب محور الاستقرار والديمومة وذلك تأثرا بالتغيرات المناخية وحالة الأراضي الفلاحية ومخزون مياه الري. وتعد الوضعية بالنسبة إلى الحبوب على مستوى وفرة المنتوجات الغذائية وضعية حرجة بالنظر إلى نسبة التبعية الى التوريد المقدرة بـ61 %.
كما يعد عزوف الشباب وتهرم العاملين في القطاع الزراعي مشكل آخر يهدد بنقص المهتمين بالنشاط ويزيد من صعوبات استغلال الأراضي فمعدل أعمال النشيطين في الفلاحة يقارب الـ 60 سنة
ويتوقع انتاج 18 مليون قنطار من الحبوب في الموسم 2021 - 2022 مقابل 16 مليون الموسم الفارط. وعادة ما تتقلص المساحات المحصودة مقارنة بما تم بذره تأثرا بالعوامل المناخية الى جانب بذر اصناف لا تحترم خصوصيات المناخ في تونس فبعض انواع البدور الممتازة تحتاج الى 500 مليمتر معدل امطار سنوي فيما لا تتجاوز المعدلات في المناطق المزروعة 200 مليمتر.
وتسعى دول مجاورة الى التخلص من تبعيتها عبر تثمين زراعتها المحلية اذ تقترح السلطات الجزائرية توزيع مليون هكتار من الأراضي الفلاحية لإنهاء أزمة الحبوب كما تتوقع تقليص واردات الحبوب 26 % خلال الموسم الحالي.
ومازال الفلاح في تونس يوجه اتهاماته للدولة بعدم ايلاءه ادنى اهتمام لأجل التعلق بنشاطه، فالظروف المحيطة بممارسة النشاط الفلاحي هي التي تحول دون رغبة الشباب في مزاولته وهو ما يمكن ان يتأكد من خلال ارقام متعلقة بالهجرة كان قد نشرها المعهد الوطني للإحصاء ان 7 % من المهاجرين التونسيين يعملون في قطاع الفلاحة والصيد البحري في بلدان الاقامة.